منذ ايام تفجرت ازمة بين عمال مطاحن قطاع الاعمال بسبب اعتماد الدكتور علي مصيلحي وزير التضامن لنظام يسمح لمطاحن القطاعين العام والخاص المنتج للدقيق 82 و72 بالدخول في مناقصات لتوريد الدقيق 82. وهدأت الازمة بعد تدخل وزيري الاستثمار والقوي العاملة للضغط علي مصيلحي والذي وافق علي قصر السماح بدخول هذه المناقصات لقطاعي الاعمال العام والقطاع الخاص الذي يعمل في الدقيق 82 فقط. وهكذا بدت الازمة وكأنها قرار كان سيضر بعمال المطاحن قطاع الاعمال وتم العدول عنه، ولكن القراءة في الابعاد المختلفة للقضية تكف عن اسباب اكثر عمقا وخطورة تفتحها الاسبوعي في هذا الملف الذي يتناول قضية فجرتها 4 جنيهات هي الفارق الذي حصلت به شركة قطاع خاص علي مناقصة امام شركة اخري قطاع عام.. وما يتضمنه من حقائق لسوق المطاحن في مصر والتساؤلات والمخاوف التي تهيمن عليه من اوضاع المرحلة القادمة. بدأت بوادر الازمة كما يرويها المهندس حاتم عبدالعزيز امين عام اللجنة النقابية لعمال مطاحن مصر الوسطي عندما قرر الدكتور علي مصيلحي وزير التضامن الاجتماعي سحب يد الدولة من عملية استيراد القمح الخاص بالدقيق استخراج 82 المستخدم في صناعة الخبز البلدي المدعم وقرر ان يتبع سياسة جديدة تقوم علي السماح لمطاحن القطاعين العام والخاص التي تعمل في الدقيق 82 بتدبير احتياجاتها من القمح والتي تصل لحوالي 7،3 مليون طن قمح سنويا عن طريق نظام المناقصات والممارسات علي ان تبدأ تجربة النظام الجديد في ثلاث محافظات وهي الاسكندرية والاسماعيلية والمنيا ثم يعمم في مختلف المحافظات خلال ثلاث سنوات. الانفجار ويوضح المهندس حاتم ان المشكلة بدأت في شركة مطاحن مصر الوسطي عندما تم اجراء مناقصة لتوريد الدقيق 82 ودخلت 13 شركة خاصة المناقصة منها 8 شركات فازت بها واتفقت معا علي تحديد سعر 1520 جنيها للطن، والشركات الثمانية هي الشروق للدقيق الفاخر بأسيوط وشركة الوادي للطحن في قنا وشركة الفطام ببني سويف والمتحدة للتجارة والتوزيع بالسادس من اكتوبر والحرية بقليوب وشركة الوطنية للطحن والجيني بالمنيا والصفا للحبوب. اما المفاجأة التي يفجرها المهندس حاتم فتتمثل في تقدم شركات للمناقصة لا تمتلك مطاحن اصلا. ويوضح انه بعد ان كان النظام القديم للحصول علي القمح يتم عن طريق هيئة السلع التموينية ثم توزيعها تبعا للنطاق الجغرافي للمطاحن اصبح النظام الجديد يسمح بان يقوم مطحن في قنا بالتوريد الي محافظة المنيا. ويشير المهندس حاتم الي ان 70% من المطاحن في مصر قطاع اعمال و30% منها قطاع خاص وتستطيع القطاع الخاص التحكم في مصروفاته وغير محمل باعباء العمالة مثل قطاع الاعمال. ويري ان ذلك كان السبب في قدرة شركة مطاحن مصر الوسطي استطاعت النزول بسعرها في المناقصة الي 1524 جنيها للطن مقابل طرح شركات القطاع الخاص سعر 1520 جنيها للطن ولتتسبب 4 جنيهات في حسم المنافسة للمطاحن الخاصة وتخرج من المناقصة شركة مطاحن مصر الوسطي التي يعمل بها 4100 عامل منها 1600 عامل في المنيا وحدها. ويتعجب المهندس حاتم من علاج الازمة بترحيلها من مكان لاخر فحين بدأت المطاحن الخاصة في مصر في توريد الدقيق للمنيا واصبحت مطاحن شركة مصر الوسطي مهددة بالتوقف قرر مصيلحي ان تقوم مطاحن المنيا بالتوريد للقاهرة فانتقلت الازمة لشركة جنوبالقاهرة. اما المفارقة الاكثر غرابة التي يذكرها المهندس حاتم فهي امتناع مطحن قطاع خاص وتكلفته 14 مليون جنيه عن دخول المناقصة ومع ذلك استمر في حصوله علي حصته من القمح من الوزارة!! وكما يوضح احدث تقرير لغرفة صناعة الحبوب فان هذه القضية تعكس سوء حالة مطاحن الحكومة التي وصل عدم المغلق منها الي نحو 28 مطحنا خلال هذه الفترة من عامي 2002 و2003. في حين لا تتعدي القدرة الانتاجية لمطاحن القطاع العام اكثر من 15 الف طن يوميا من الدقيق البلدي استخراج 82% في حين تصل قدرة طحن القطاع الخاص الي نحو 4 الاف طن وتواجه الحكومة في نفس الوقت حاجة ملحة لانشاء وتطوير اكثر من 50 مطحنا لمواجهة ازمة نقص الدقيق حيث تحتاج الحكومة لاكثر من مليار جنيه باعتبار ان تكلفة المطحن تبلغ نحو 35 مليون جنيه في المتوسط. والمعروف ان الحكومة قد اعلنت عن انشاء 29 مطحنا جديدا حتي عام 2017 ولم يتم تنفيذ الا جزء بسيط جدا منها.