اختتام الدورة التدريبية ال6 من بروتوكول التعاون المصري – الإيطالي لتدريب الكوادر الأمنية الإفريقية    10 محظورات خلال الدعاية الانتخابية لمرشحي مجلس النواب 2025.. تعرف عليها    وزارة «التضامن» تقر قيد 5 جمعيات في 4 محافظات    جامعة الإسماعيلية الجديدة تهنئ بطل العالم في سباحة الزعانف    حكاية وباء يضرب الحياة البرية.. إنفلونزا الطيور تفتك بآلاف أفيال البحر في الأطلسي    شريف الصياد: قفزة صادرات أدوات المائدة والأجهزة المنزلية ل 1.1مليار دولار في 9 أشهر    حملات على مخالفات البناء والظواهر العشوائية بعدد من المدن الجديدة    سعر الدينار الأردني أمام الجنيه في البنك المركزي اليوم الأحد    عاجل أبرز ما جاء في البيان الرئاسي بشأن إطلاق النسخة الخامسة من أسبوع إعادة الإعمار والتنمية    القاهرة الإخبارية: قصف مدفعي إسرائيلي على المناطق الشرقية لخان يونس بغزة    إيران تكشف تفاصيل أول قصف إسرائيلي استهدف موقعا نوويا في حرب ال12 يوما    القاهرة الإخبارية: اشتباكات بين الجيش السوداني والدعم السريع بغرب كردفان    ليفربول يزاحم مانشستر سيتي على ضم سيمينيو    الحضري: مواجهة الجزائر مهمة للوصول لهيكل المنتخب الأساسي.. وندعم حسام حسن    هاري كين: لن أحصل على الكرة الذهبية حتى لو سجلت 100 هدف    "أدار مباراتين للأبيض".. طاقم تحكيم رواندي لمواجهة الزمالك ضد كايزر تشيفز في الكونفدرالية    كشف ملابسات تضرر موظفة من تعدي سائق بأحد تطبيقات "النقل الذكي" بالإسكندرية    ضبط 15 مخالفة تموينية وصحية بمخابز قريتي شبرا نباص وصرد بمركز قطور بالغربية    مواعيد وضوابط امتحانات شهر نوفمبر لطلاب صفوف النقل    كاملة أبو زكري عن الفنان خالد النبوي.. "ليا الشرف أن أشتغلت مع الأستاذ خالد النبوي"    خالد النبوي: مدحت العدل واجه تحديات لعرض "الديلر" وتعلمت الروسية لتقديم "علي الحلواني"    الإدمان على وسائل التواصل الاجتماعي.. كيف يهدد صحتنا النفسية والجسدية؟    مستشفيات جامعة القناة تطلق فعاليات مؤتمر اتحضر للأخضر    محافظ أسيوط: تكثيف حملات النظافة ورفع المخلفات بالبداري لتحسين البيئة    "الداخلية" تصدر 3 قرارات بإبعاد أجانب خارج البلاد لدواعٍ تتعلق بالصالح العام    سماء الأقصر تشهد عودة تحليق البالون الطائر بخروج 65 رحلة على متنها 1800 سائح    مصر وتشاد يبحثان خارطة طريق لتعزيز الاستثمار المشترك في الثروة الحيوانية    حقه يكمل مشواره| شوبير يدافع عن حسام حسن قبل مباراة مصر وكاب فيردي    عظيم ومبهر.. الفنانة التشيكية كارينا كوتوفا تشيد بالمتحف المصري الكبير    "القومي للأشخاص ذوي الإعاقة" يواصل تنظيم فعاليات المبادرة القومية "أسرتي قوتي" في الإسكندرية    إعتماد المخطط العام لأرض مشروع «عربية للتنمية والتطوير العمراني» بالشيخ زايد    الاحصاء: معدل البطالة 6.4٪ خلال الربع الثالث لعام 2025    برنامج بطب قصر العينى يجمع بين المستجدات الجراحية الحديثة والتطبيقات العملية    ارتفاع الذرة المستوردة وانخفاض المحلية، أسعار الأعلاف والحبوب اليوم في الأسواق    البورصة تستهل تعاملات جلسة اليوم الأحد 16 نوفمبر 2025 بارتفاع جماعي    تقرير: أرسنال قلق بسبب إصابتي جابريال وكالافيوري قبل مواجهة توتنام    الفسطاط من تلال القمامة إلى قمم الجمال    الليلة على DMC .. ياسمينا العبد تكشف أسرار مشوارها الفني في صاحبة السعادة    الإفتاء تواصل مجالسها الإفتائية الأسبوعية وتجيب عن أسئلة الجمهور الشرعية    الأوقاف تعلن عن المقابلات الشفوية للراغبين في الحصول على تصريح خطابة بنظام المكافأة    إخماد حريق نشب داخل شقة سكنية دون إصابات في الهرم    حالة الطقس في السعودية اليوم الأحد.. أمطار رعدية غزيرة وتحذيرات من السيول    «البيئة» تشن حملة موسعة لحصر وجمع طيور البجع بطريق السخنة    متحدث الصحة: ملف صحى إلكترونى موحد لكل مواطن بحلول 2030    مصر ترحب باتفاق الدوحة الإطاري للسلام بين جمهورية الكونجو الديموقراطية وحركة M23    كبير الأثريين يكشف تفاصيل تطوير المتحف المصري بالتحرير    وزير الخارجية يجري اتصالات مكثفة بشأن الملف النووي الإيراني    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية للمشروع التكتيكي بالذخيرة الحية في المنطقة الغربية    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 16نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا..... اعرف مواقيت صلاتك    اليوم.. وزيرالثقافة ومحافظ الإسكندرية ورئيس أكاديمية الفنون يفتتحون فرع ألاكاديمية بالإسكندرية    فيلم شكوى 713317 معالجة درامية هادئة حول تعقيدات العلاقات الإنسانية    بريطانيا تجرى أكبر تغيير فى سياستها المتعلقة بطالبى اللجوء فى العصر الحديث    حامد حمدان يفضل الأهلي على الزمالك والراتب يحسم وجهته    كمال درويش يروي قصة مؤثرة عن محمد صبري قبل رحيله بساعات    أهلي جدة يبدأ خطوات الحفاظ على ميندي وتجديد العقد    هل تشفي سورة الفاتحة من الأمراض؟.. داعية توضح| فيديو    مواقيت الصلاه اليوم السبت 15نوفمبر 2025 فى المنيا    الإفتاء: لا يجوز العدول عن الوعد بالبيع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطوفان والغرق وسفينة نوح

وتذكرت سيدنا نوح الصابر الذي يبني سفينة وتطول به الأيام وهو يعلن أنه لا خلاص من الطوفان إلا بركوب سفينة.. لكن أين الأمواج التي تتحمل هذه السفينة.. ويعلن أنها قادمة لا محالة حيث لا نجاة إلا للمؤمنين الذين يركبون سفينة ويفور التنور ويأتي الفيضان. ونال سيدنا نوح من السخرية ما نال.. وأعوذ بالله أن أتشبه بنوح ولا بالفيضان.. ولكن صبرت مثله وأنا أعاني السخرية من العابرين يرونني جالساً أرضاً وسط المخلصين من عمال المسرح يمزقونه إلي قاعتين ( في غيبة كاملة من أي قرار من خارج المسرح) فلو أرسلت أسأل واستفتي الإدارة لطالت المناقشات وتضخمت اللجان الهندسية وغير الهندسية.. فقررت تحمل المسئولية مع زملائي من مهندسي المسرح والعمال الشهداء حيث نتوقع الإحالة للتحقيق لهدم المسرح وتقسيمه بدون أي أوامر عليا.
وقد كان بدأ شكل قاعة 79 يظهر واخترعنا جداراً عازلاً من إمكانيات المسرح وبقايا ديكوراته بل دفعنا من جيوبنا ما يلزم من نفقات استكمال البناء الخشبي البسيط، وكان لابد من إزالة ميل أرضية المسرح بالقاعة الصغيرة لتكون مستوية تماماً. وتخلصنا تماماً من مقاعدها المتهالكة والقديمة جداً، وبدأنا في تجميع كل المقاعد المتوفرة بالمكاتب ومخازن الديكور في أي مكان، تحولت القاعة لكرنفال لما يمكن أن نطلق عليه (شيء للجلوس) منذ توصل الإنسان البدائي لفكرة (المقعد) جذع شجرة صندوق فوتيل، كرسي خشبي، كرسي طبي، نصف برميل، دكة.. الخ
ومع ذلك ظهرت القاعة التي تتحلق مقاعدها حول فراغها الأوسط، وهي تطرح سؤالاً صعباً علينا، فماذا نضع بهذه المساحة الفارغة؟
وكيف نملأ هذا الفراغ بالعروض؟ علي فكرة الكلام ده كان سنة 1979 . نحن نحتاج لنصوص جديدة، لقد اعتبرت أن قاعتنا الصغيرة هذه هي خندق الهروب من الطوفان أو هي سفينة نوح التي نهرب بها من اختفاء الأرض بعد الطوفان، والحق أن أرضنا التي كنا نقف عليها وأعني به الإنتاج الكبير لم يعد هناك من الطاقة ولا الأفراد ولا الوقت ولا التمويل ولا النفس ما يسمح بالعودة إلي استخدام أربعين ممثلاً في عمل واحد.
وتركزت دعائم مشروع شغل هذه القاعة في التطور علي الاعتماد علي القلة القليلة الباقية من شباب الفرقة الذين لم تخطفهم الشاشة الصغيرة ولا الكبيرة والذين يحلمون بها، لكن لم يصبهم الدور، وكلما مر فوج من الممثلين بي وأنا أعد القاعة وأزورها بأجهزة الإضاءة وأحاول زخرفتها ودهانها سألوا: كيف يكون الممثل وأين يكون الديكور.. وكيف نواجه جمهوراً يجلس خلف قفانا؟
وكانت الإجابة سهلة وميسرة.. لم تكن الحكاية فزورة، بل كانت حكاية قديمة مشروعة ومعلومة في كل كتب تاريخ المسرح، بل في الثقافة الشعبية الفطرية، إنه مسرح (للمة) يجري تكوينه في الطريق العام وفي أي تجمع. فإذا وقف شخص عاقل أو مجنون وسط الطريق وصرخ تجمع حوله مشاهدوه يسمعون له أو يشاغلونه أو حتي يضربوه، أو ينصرفوا عنه إن لم يقدم لهؤلاء ما يستحق جذب الخلق حوله.
برز أمامنا أن حلقة المشاهدين تشبه حلقة الملاكمة أو حلقة السحر أو حلقة الذكر أو حلقة حول الحاوي والمشعوذ وتشبه كذلك وقوع حادثة في الطريق العام، أو حفل دفن لميت إنها دائرة خالدة واجتماع إنساني فضولي طبيعي يحدث في الحياة، وهو كذلك طقس مسرحي بائد وقديم وكذلك شديد الحداثة، وهو كذلك (سلاح رهيب) لهدم الأشكال الإيطالية المستقرة في المعمار المسرحي وهو كذلك الاختراع الذي أعلنه عمنا (بيتر - بروك) في تنظيره في كتابه (المساحة الفارغة) والنقطة المتحولة وهو نفسه ما يمارسه بروك مع من يذهب لملاقاته في ندوة أو ملتقي تدريبي إذ يجلسنا أرضاً في دائرة ويجلس مثلنا ونمسك كلنا بإيدي بعض متلاحمين متجاورين متلامسين في دائرة (شبه طقس) بدائي وسحري شكل إنساني وهو كذلك ما حققه الخواجة المبتكر البولندي والذي أسس حوكة مسرحية مهمة، وأعني به (جروتفكسي) حيث المساحة المسرحية كأنها حفرة والمشاهدون مرتفعون متحلقون وكأنهم يشاهدون (حشرات) أسفل منهم وهو نفس ما فعله في عديد من عروضه وهو نفس ما أسماه علماء المسرح الحلوين الميكرو مسرح أو (المسرح الميكروسكوبي) لقد تحولت إلي (درويش لقاعة 79) أعلن ليل نهار أهميتها وضرورتها خاصة وإنها تضع الممثل وجهاً لوجه مع مشاهديه في اختبار صعب لا مجال فيه لكسل في الأداء ولا أساليب الادعاء ولا الحيل المسرحية المحفوظة والموروثة في المسرح الإيطالي الذي يقوم علي المبالغة،
والقاعة كذلك وبلغة (التليفزيون والسينما) هي القاعة التي تقرب عين المتفرج من وجه الممثل وكأنها عدسة الكاميرا في وضع (اللقطة المقربة) وللقاعة جمالياتها في الحركة، حيث الممثل يؤدي وهو وسط الدائرة ونسمي الممثل بالممثل المركزي لأنه نقطة متحولة ومتحركة ينقل شعوره من كل ذات جسمه لمشاهديه المحيطين به، وعليه أن يدرك أنه مراقب داخل دائرة متكاملة أو ناقصة أحياناً، وأنه خاضع لأداء جسدي متكامل وإن عليه أن ينسي ( تقاليد المواجهة المعروفة بالمسرح القديم) وإنه علينا الاقتراب من مشاهدينا ونسيان (جهارة الصوت وتضخيمه وتفخيمه) وتعليل الإسراف في استخدام الإشارة والحركة وكأننا (نمثل سينما أو تليفزيون) هنا انبسط الزملاء فالقاعة والتي هي سفينة النجاة سوف توصلهم إلي أرض السعادة أرض الأداء أمام الكاميرات الملعونة كانت أيام ومازال لدينا أيضاً شوية كلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.