الوطنية للانتخابات: 20 دائرة تُحسم من الجولة الأولى وإلغاء الانتخابات كلياً في 19 دائرة    أستاذ اقتصاد: محطة الضبعة النووية خطوة حاسمة لتعزيز الطاقة النظيفة    مجلس جامعة دمنهور الأهلية يشيد بانتظام امتحانات الميد تيرم    الهيئة الوطنية للانتخابات تحدد جولة الإعادة بالدائرة السادسة بولاق الدكرور    مصر للطيران توقّع بروتوكول تعاون لتعزيز منظومة الأمن والسلامة التشغيلية    وزير الكهرباء يبحث مع سفير فرنسا دعم التعاون فى مجالات الطاقات المتجددة    رئيس الوزراء يستعرض الموقف التنفيذي والمالي للمبادرة الرئاسية حياة كريمة    جامعة الدلتا التكنولوجية تفوز بتمويل لأربعة مشروعات تخرج طلابية    شروط الحصول على مساعدات تكافل وكرامة    وزيرة خارجية بريطانيا تحذر من كارثة إنسانية بالسودان    إخطار الزمالك.. اختبار زيزو.. عمومية الجبلاية.. بديل صلاح.. وعودة ربيعة| نشرة الرياضة ½ اليوم    مصرع شخص مجهول الهوية أسفل عجلات قطار الركاب بمحطة كفر الدوار    تعليم كفر الشيخ ينعى ثلاثة معلمين توفوا في حادث مأساوي أثناء التوجه للعمل    تعطل شبكة Cloudflare عالمياً يضرب "X" و"ChatGPT"| تفاصيل    تامر حسني يستأصل جزءًا من الكلى ويطمئن جمهوره: «بعاني من فترة والحمد لله»    انهيار وبكاء بنات سامح عبد العزيز الثلاثة بحفل تأبينه بمهرجان القاهرة    تفاصيل خطة تطوير المطارات ورفع كفاءة إجراءات دخول السائحين    في ذكرى ميلاد أحمد زكي.. مسيرة فنية استثنائية و60 فيلماً لا تُنسى    الخميس.. مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي يقيم ندوة احتفاء بمسيرة أبرز المخرجين الشباب    تحرير 112 مخالفة عدم غلق المحلات في مواعيدها    4 مدافعين على رادار الأهلي في انتقالات يناير    رايندرز لاعب هولندا: تابعت كأس العالم 2022 من المنزل.. وهذه المرة سأعيش الحلم    قافلة «زاد العزة» ال75 تدخل إلى الفلسطينيين بقطاع غزة    الكنيسة تحتفل اليوم بتذكار تجليس البابا تواضروس ال13    العرب يتطلعون لاستعادة جائزة أفضل لاعب إفريقي عبر صلاح وحكيمي    طقس الإسكندرية.. أجواء خريفية مستقرة وفرص للأمطار    تضامن أسيوط: الأورمان تجري 10 عمليات قلب مفتوح وقسطرة علاجية للمرضى الأولى بالرعاية| صور    الهيئة الوطنية للانتخابات: إعادة انتخابات دائرة أبو قرقاص بين 4 مرشحين    مصادرة 70 عبوة أدوية بيطرية فى الغربية    مواعيد مباريات منتخب مصر الثاني المشارك في كأس العرب    جدول امتحانات الترم الأول 2026.. بالمواعيد والتفاصيل الكاملة    «الإسكان» تحدد مقابل التصالح في مخالفات البناء بمدينة أكتوبر الجديدة    فيلم بنات الباشا يحقق إقبالا جماهيريا في عروضه الأولى بمهرجان القاهرة السينمائي    دار الكتب يشارك بندوة "المرأة في تراث العلوم والفنون الإسلامية" بمكتبة الإسكندرية    صحح مفاهيمك.. خطيب بالأوقاف: الإساءة إلى الآخرين عبر وسائل التواصل تتنافى مع قيم الإسلام    الكرة النسائية.. الأهلي يواجه "البنك" في بطولة الدوري    تموين المنيا: تحرير 208 مخالفات خلال حملات رقابية مكثفة على المخابز والأسواق    الأردن يعلق على تحريض بن غفير على اعتقال أبو مازن واغتيال مسئولين فلسطينيين    السيسي وبوتين يشاركان في فعالية تركيب وعاء ضغط المفاعل للوحدة النووية الأولى غدا    اليوم العرض العالمي الأول لفيلم "اللي مايتسماش" في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي    حزب التجمع يرحب بتدخل الرئيس السيسي لضبط مسار العملية الانتخابية    "القاهرة الإخبارية": غارات إسرائيلية على المناطق الشرقية من غزة شمالي القطاع    محامي الشيخ عكرمة صبري: التهم الموجهة له مفبركة وجزء من ملاحقته سياسيا    البنك الأهلي و"مصر الخير" يفتتحان مدرسة أولاد مازن للتعليم الأساسي بمطروح    لماذا تخشى إسرائيل من بيع مقاتلات F-35 للسعودية؟    COP30: بابا الفاتيكان يحث الدول على اتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهة تغير المناخ    وزير التموين يشارك في افتتاح مؤتمر "بيروت وان" لتعزيز التعاون الاقتصادي بين مصر ولبنان    الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر: مقارنة المهور هي الوقود الذي يشعل نيران التكلفة في الزواج    فنزويلا تتهم أمريكا بتبرير حربها المحتملة بأكاذيب غزو العراق 2003    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 18-11-2025 في محافظة قنا    كيف يحدث هبوط سكر الدم دون الإصابة بمرض السكري؟    وزير الزراعة يحيل ملف جمعية منتجى الأرز للنيابة العامة لوحود مخالفات مالية    "عبدالغفار" يشارك في الاجتماع الوزاري الإفريقي لتعزيز التمويل الصحي في القارة    دراسة جديدة: جين واحد مسؤول عن بعض الأمراض النفسية    عندما يتحدث في أمر الأمة من لم يجفّ الحليب عن شفتيه ..بقلم/ حمزة الشوابكة    رئيس منطقة بني سويف عن أزمة ناشئي بيراميدز: قيد اللاعبين مسؤولية الأندية وليس لي علاقة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : استقيموا يرحمكم الله !?    أمريكا تمنح حاملي تذاكر مونديال 2026 أولوية في مواعيد التأشيرات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطوفان والغرق وسفينة نوح

وتذكرت سيدنا نوح الصابر الذي يبني سفينة وتطول به الأيام وهو يعلن أنه لا خلاص من الطوفان إلا بركوب سفينة.. لكن أين الأمواج التي تتحمل هذه السفينة.. ويعلن أنها قادمة لا محالة حيث لا نجاة إلا للمؤمنين الذين يركبون سفينة ويفور التنور ويأتي الفيضان. ونال سيدنا نوح من السخرية ما نال.. وأعوذ بالله أن أتشبه بنوح ولا بالفيضان.. ولكن صبرت مثله وأنا أعاني السخرية من العابرين يرونني جالساً أرضاً وسط المخلصين من عمال المسرح يمزقونه إلي قاعتين ( في غيبة كاملة من أي قرار من خارج المسرح) فلو أرسلت أسأل واستفتي الإدارة لطالت المناقشات وتضخمت اللجان الهندسية وغير الهندسية.. فقررت تحمل المسئولية مع زملائي من مهندسي المسرح والعمال الشهداء حيث نتوقع الإحالة للتحقيق لهدم المسرح وتقسيمه بدون أي أوامر عليا.
وقد كان بدأ شكل قاعة 79 يظهر واخترعنا جداراً عازلاً من إمكانيات المسرح وبقايا ديكوراته بل دفعنا من جيوبنا ما يلزم من نفقات استكمال البناء الخشبي البسيط، وكان لابد من إزالة ميل أرضية المسرح بالقاعة الصغيرة لتكون مستوية تماماً. وتخلصنا تماماً من مقاعدها المتهالكة والقديمة جداً، وبدأنا في تجميع كل المقاعد المتوفرة بالمكاتب ومخازن الديكور في أي مكان، تحولت القاعة لكرنفال لما يمكن أن نطلق عليه (شيء للجلوس) منذ توصل الإنسان البدائي لفكرة (المقعد) جذع شجرة صندوق فوتيل، كرسي خشبي، كرسي طبي، نصف برميل، دكة.. الخ
ومع ذلك ظهرت القاعة التي تتحلق مقاعدها حول فراغها الأوسط، وهي تطرح سؤالاً صعباً علينا، فماذا نضع بهذه المساحة الفارغة؟
وكيف نملأ هذا الفراغ بالعروض؟ علي فكرة الكلام ده كان سنة 1979 . نحن نحتاج لنصوص جديدة، لقد اعتبرت أن قاعتنا الصغيرة هذه هي خندق الهروب من الطوفان أو هي سفينة نوح التي نهرب بها من اختفاء الأرض بعد الطوفان، والحق أن أرضنا التي كنا نقف عليها وأعني به الإنتاج الكبير لم يعد هناك من الطاقة ولا الأفراد ولا الوقت ولا التمويل ولا النفس ما يسمح بالعودة إلي استخدام أربعين ممثلاً في عمل واحد.
وتركزت دعائم مشروع شغل هذه القاعة في التطور علي الاعتماد علي القلة القليلة الباقية من شباب الفرقة الذين لم تخطفهم الشاشة الصغيرة ولا الكبيرة والذين يحلمون بها، لكن لم يصبهم الدور، وكلما مر فوج من الممثلين بي وأنا أعد القاعة وأزورها بأجهزة الإضاءة وأحاول زخرفتها ودهانها سألوا: كيف يكون الممثل وأين يكون الديكور.. وكيف نواجه جمهوراً يجلس خلف قفانا؟
وكانت الإجابة سهلة وميسرة.. لم تكن الحكاية فزورة، بل كانت حكاية قديمة مشروعة ومعلومة في كل كتب تاريخ المسرح، بل في الثقافة الشعبية الفطرية، إنه مسرح (للمة) يجري تكوينه في الطريق العام وفي أي تجمع. فإذا وقف شخص عاقل أو مجنون وسط الطريق وصرخ تجمع حوله مشاهدوه يسمعون له أو يشاغلونه أو حتي يضربوه، أو ينصرفوا عنه إن لم يقدم لهؤلاء ما يستحق جذب الخلق حوله.
برز أمامنا أن حلقة المشاهدين تشبه حلقة الملاكمة أو حلقة السحر أو حلقة الذكر أو حلقة حول الحاوي والمشعوذ وتشبه كذلك وقوع حادثة في الطريق العام، أو حفل دفن لميت إنها دائرة خالدة واجتماع إنساني فضولي طبيعي يحدث في الحياة، وهو كذلك طقس مسرحي بائد وقديم وكذلك شديد الحداثة، وهو كذلك (سلاح رهيب) لهدم الأشكال الإيطالية المستقرة في المعمار المسرحي وهو كذلك الاختراع الذي أعلنه عمنا (بيتر - بروك) في تنظيره في كتابه (المساحة الفارغة) والنقطة المتحولة وهو نفسه ما يمارسه بروك مع من يذهب لملاقاته في ندوة أو ملتقي تدريبي إذ يجلسنا أرضاً في دائرة ويجلس مثلنا ونمسك كلنا بإيدي بعض متلاحمين متجاورين متلامسين في دائرة (شبه طقس) بدائي وسحري شكل إنساني وهو كذلك ما حققه الخواجة المبتكر البولندي والذي أسس حوكة مسرحية مهمة، وأعني به (جروتفكسي) حيث المساحة المسرحية كأنها حفرة والمشاهدون مرتفعون متحلقون وكأنهم يشاهدون (حشرات) أسفل منهم وهو نفس ما فعله في عديد من عروضه وهو نفس ما أسماه علماء المسرح الحلوين الميكرو مسرح أو (المسرح الميكروسكوبي) لقد تحولت إلي (درويش لقاعة 79) أعلن ليل نهار أهميتها وضرورتها خاصة وإنها تضع الممثل وجهاً لوجه مع مشاهديه في اختبار صعب لا مجال فيه لكسل في الأداء ولا أساليب الادعاء ولا الحيل المسرحية المحفوظة والموروثة في المسرح الإيطالي الذي يقوم علي المبالغة،
والقاعة كذلك وبلغة (التليفزيون والسينما) هي القاعة التي تقرب عين المتفرج من وجه الممثل وكأنها عدسة الكاميرا في وضع (اللقطة المقربة) وللقاعة جمالياتها في الحركة، حيث الممثل يؤدي وهو وسط الدائرة ونسمي الممثل بالممثل المركزي لأنه نقطة متحولة ومتحركة ينقل شعوره من كل ذات جسمه لمشاهديه المحيطين به، وعليه أن يدرك أنه مراقب داخل دائرة متكاملة أو ناقصة أحياناً، وأنه خاضع لأداء جسدي متكامل وإن عليه أن ينسي ( تقاليد المواجهة المعروفة بالمسرح القديم) وإنه علينا الاقتراب من مشاهدينا ونسيان (جهارة الصوت وتضخيمه وتفخيمه) وتعليل الإسراف في استخدام الإشارة والحركة وكأننا (نمثل سينما أو تليفزيون) هنا انبسط الزملاء فالقاعة والتي هي سفينة النجاة سوف توصلهم إلي أرض السعادة أرض الأداء أمام الكاميرات الملعونة كانت أيام ومازال لدينا أيضاً شوية كلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.