هل ثمة علاقة بين الفلسفة والأدب؟ وهل تدخل تفاصيل هذه العلاقة - إن وجدت - في صميم عمل المبدع أو الناقد؟ أسئلة جديرة بالتأمل، يثيرها ويجيب عنها الدكتور محمد شبل الكومي في أحدث كتبه "الوجود والحرية بين الفلسفة والأدب" الصادر عن هيئة الكتاب بتقديم المترجم القدير الدكتور محمد عناني. باعتناق مقولة الناقد توماس إليوت "لا خير في فن روائي لا يجسد الحق ولا يسعي للخير ولا يحقق الجمال"، يربط الكومي الأدب بالفلسفة، ولا يعترف مطلقا بوجود أية فجوات بين المجالين، وإن اضطر للاعتراف بها فيعتبرها جسورا محتومة يجب أن يعبرها الناقد الأصيل كي يربط بين الأدب كإنتاج جمالي معني بإبداع الحواس والملكات الذهنية، وبين معني الأدب كأسلوب لتأمل الحياة والتفكير المجرد الذي يتجاوز الحواس ومعطياتها، وهو ما يسميه الكومي في دراسته تلك ب"البعد الميتافيزيقي للأدب والفن"، أو منطق الأدب في رؤية الإنسان للكون والحياة. وقتها كما يشرح الكتاب سيقوم الأدب بدور الفلسفة، يتنقل بحرية بين المعاني، ويحفز القارئ لولوج ما كان يظنه متاهة فلسفية وفكر مجرد. يفرد الجزء الأول من الكتاب الحديث عن الحق والخير والجمال، الوجود والماهية والواقعية الروحية، ويعيد التفكير في الإرادة، والحرية والاختيار، ويتساءل هل الإنسان مقيد أم حر؟ أما الجزء الثاني فيتعرض لتطبيقات عملية في علاقة الأدب بالفلسفة، بداية بتناول قضية الوجود الإنساني من منظور أدبي في مسرحيات مثل "الأيام الخوالي" لهارولد بنتر، و"ست شخصيات تبحث عن مؤلف" للويجي برانديل، و"في انتظار جودو" لصمويل بيكيت. أما فكرة الحرية فيحللها في مسرحيات: "رحلة النهار الطويلة خلال الليل" ليوجين أونيل، و"لا مفر" لجان بول سارتر، و"أنتيجون" للشاعر اليوناني سوفوكليس، وبخصوص الجمال والخبرة الجمالية فيتتبعها د. الكومي في أعمال "العسكري الأسود" ليوسف إدريس، و"سيدة الماضي الجميل" لبيتر شافر، و"مأساة الحلاج" لصلاح عبد الصبور.