أنظر إلي السماء من النافذة الصغيرة، اللون هو الأزرق الفاتح، ما معني هذا؟.. لون أزرق ناهيك عن أنه فاتح لا أقصد تحليل الضوء الأبيض إلي مكوناته من ألوان الطيف المختلفة، كما نري عن سطوع الشمس مع المطر وظهور قوس قزح. لا أريد أي تفسير علمي تحليلي.. الحقيقية لا يمكن فهم أي معني للون الأزرق أو أي لون آخر، هناك فقط تجربة إنسانية حسية اسمها رؤية اللون الأزرق. معني اللون الأزرق هو سؤال لا معني له من الناحية المنطقية ولا علاقة له بالمنطق بتاتاً، كان من الممكن علي سبيل المثال أن تكون عيون الإنسان مخلوقة بطريقة مختلفة تجعله يري اللون الأزرق أحمر أو العكس وهذا لا يشرح بتاتا ما هو اللون الأزرق، الواقع أنه من الممكن أن نتخيل مخلوقات في هذا الكون الواسع يمكن لها عن طريق حاسة التذوق في الفم أن تتذوق الألوان ولكن هذا لا يفسر أي شيء بالنسبة لسؤال مثل ما معني اللون الأزرق؟! من الواضح أن هناك أشياء وحقائق شبه علمية لا يمكن أن نردها لأبسط منها وهي ما لا بد أن يقبله العقل الإنساني علي أنها تجربة وجودية بحتة. الوجود والعدم هما تجربتان أساسيتان يستحيل ردهما لأبسط منهما فكريا وفي جميع الأحوال نحن نعلم تماما أننا وجدنا في هذا العالم الذي سوف نرحل عنه بعد مدة قصرت أو طالت وتعودنا علي هذا العالم قبل أن نبدأ التفكير أو حتي الكلام بطريقة الطفل الرضيع. الوجود يسبق الفكر، كما يقول سارتر.. أنا الآن في الطائرة في طريق العودة من شنجهاي إلي لندن بعد رحلة قصيرة في عدة أيام ولكنها سوف تنطبع في ذاكرتي إلي الأبد الإنساني أي مادامت علي قيد الحياة. علي النقيض من ذلك هو قيمة الانجازات العلمية التي تمكنت منها في هذه الفترة التي هي في المدي البعيد أهم كثيرًا من حياة إنسان واحد، العلم ليس ملك أي لإنسان وإنما ملك الإنسانية بأكملها فما بالك بعلم من خلق العالم كله. الحقيقة أريد أن أنتهز فرصة الخلوة بالنفس لمدة 12 ساعة علي متن طائرة لكي ألخص أهم النقاط العلمية التي تطرقت إليها في مقالاتي العلمية السابقة.. وهو ما سأتحدث عنه غداً.