الإسكندرية ترفع درجة الاستعداد لإعادة انتخابات مجلس النواب بدائرة الرمل    د. خالد قنديل: انتخابات رئاسة الوفد لحظة مراجعة.. وليس صراع على مقعد| حوار    الإسكان تجدد تحذيراتها لمستفيدي شقق الإسكان الاجتماعي    الأمم المتحدة: الحرب تضع النظام الصحي في السودان على حافة الانهيار    وزير خارجية روسيا يرفض وضع جداول زمنية لحل الصراع الأوكراني باعتبارها غير مناسبة    ترامب: غارات أمريكية في نيجيريا دمرت معسكرات لإرهابيين بالكامل    ترامب لبوليتيكو: مسيرات بنظام تحديد المواقع دمرت معسكرات متطرفين فى نيجيريا    مالي يتعادل مع المغرب ويؤجل تأهله لثمن نهائي أمم أفريقيا 2025    مانشستر يونايتد يخطف فوزا قاتلا أمام نيوكاسل في الدوري الإنجليزي    الإعلامي محمد سعيد محفوظ يغيب عن برنامج "العاشرة" لهذا السبب    صلاح حليمة يدين خطوة إسرائيل بالاعتراف بإقليم أرض الصومال    عام 2026 مليء بالفرص.. برج العذراء على موعد مع التغيير الكبير    محمد خميس يحتفل بزفافه ب «الجلباب الصعيدي» | صور    لفتة إنسانية.. وزير الأوقاف يستضيف نجوم «دولة التلاوة» ويؤكد: جميعهم أهل للفوز    المطرب أحمد العتموني يسلطن جمهور "خط أحمر" بباقة من أجمل أغانيه    وزير الأوقاف يشاهد برنامج "دولة التلاوة" مع متسابقي حلقة اليوم (صور)    أخبار × 24 ساعة.. موعد استطلاع هلال شعبان 1447 هجريا وأول أيامه فلكيا    غدا.. محاكمة أحد التكفيرين بتهمة تأسيس وتولي قيادة جماعة إرهابية    بدون حرمان، نظام غذائي مثالي لفقدان دائم للوزن    بإجمالي 36 قافلة.. الجيزة تستعد لإطلاق القوافل الطبية العلاجية بالمراكز والمدن    استشهاد فلسطيني وإصابات أخرى في اعتداءات الاحتلال والمستوطنين بالضفة وغزة    عمرو الخياط يكتب: السيرة والأسطورة    أخبار مصر اليوم: رسالة عاجلة من الأزهر بعد اقتحام 2500 مستوطن للأقصى.. قرار وزاري بتحديد أعمال يجوز فيها تشغيل العامل 10ساعات يوميا..التعليم تكشف حقيقة الاعتداء على طالب بمدرسة للتربية السمعية    حملات تموينية مكثفة بالإسكندرية تضبط مخالفات بالمخابز والأسواق    الشدة تكشف الرجال    2025 عام الإنجازات | فى جميع الميادين والمجالات مصر فى 2025.. نجاحات ُمبهرة وفرص واعدة    الدفاع الروسية: إسقاط 77 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن مهاجمة أهداف تابعة ل حزب الله في لبنان    لميس الحديدى ووزير التعليم    شركة مياه الشرب بالقاهرة: عودة الخدمة للزيتون قبل موعدها ب 4 ساعات    جامعة قناة السويس تستكمل استعداداتها لامتحانات الفصل الدراسي الأول    وزير الرياضة: روح العزيمة والإصرار سر فوز منتخب مصر علي جنوب أفريقيا    علي ناصر محمد: اتفاق السعودية والإمارات وإيران مفتاح حل الأزمة اليمنية    وزارة «العمل» تنظم الحد الأقصى لتواجد العاملين يوميًا بمنشآت القطاع الخاص    لماذا لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم على السيدة خديجة طيلة 25 عامًا؟.. أحمد كريمة يُجيب    جمارك السلوم تمنع تهريب أدوية بشرية أجنبية الصنع    علي ناصر محمد: مشروع الوحدة في مؤتمر القاهرة 2011 نموذج لاستقرار اليمن والرخاء    ما هي حساسية الشتاء؟ وطرق علاجها والوقاية منها بالمنزل    مزاد علني لبيع محال تجارية ووحدات إدارية بحدائق أكتوبر    أحدث تصوير ل مترو الخط الرابع يكشف آخر مستجدات الموقف التنفيذي للمشروع (صور)    وزير التعليم العالي يفتتح استوديو جامعة بورسعيد بتكلفة 21 مليون جنيه.. صور    غرامة كبيرة| مخالفة القيادة بدون رخصة.. إحذر قانون المرور الجديد    أمم إفريقيا – التشكيل.. مشنجاما يقود هجوم حزر القمر وداكا أساسي مع زامبيا    رئيس جامعة كفر الشيخ يفتتح المؤتمر السنوي السادس لقسم القلب بكلية الطب    أوقاف الفيوم تفتتح مسجد الرحمة ضمن خطة وزارة الأوقاف لإعمار بيوت الله    الداخلية تنفي ادعاءات مرشحة بالجيزة    إصابة مواطنين إثر انقلاب سيارة ربع نقل على صحراوى جنوب الأقصر    وزير النقل الألماني: خفض ضريبة الطيران لا يعني بالضرورة تذاكر أرخص    منتخب مصر يتجه إلى ملعب مواجهة جنوب أفريقيا في كأس الأمم الأفريقية    أمم أفريقيا 2025| مدرب تونس: جهزنا لمواجهة نيجيريا جيدًا.. ونسعى لمواصلة الانتصارات    خشوع وسكينه..... ابرز أذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    خطوات هامة لسلامة المرضى وحقوق الأطباء.. تفاصيل اجتماع اللجنة العليا للمسئولية الطبية    خناقة في استوديو "خط أحمر" بسبب كتابة الذهب في قائمة المنقولات الزوجية    دعاء أول جمعة في شهر رجب.. فرصة لفتح أبواب الرحمة والمغفرة    الليلة في أمم إفريقيا.. المغرب يصطدم بمالي في مواجهة لا تقبل القسمة على اثنين    «شيمي»: التكامل بين مؤسسات الدولة يُسهم في بناء شراكات استراتيجية فعّالة    وزارة الخارجية ووزارة الاتصالات تطلقان خدمة التصديق علي المستندات والوثائق عبر البريد    لحظة حاسمة.. مصر وجنوب إفريقيا في صراع الصدارة بكأس أمم إفريقيا 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سقوط مرصد الكربون مأساة تكنولوجية
نشر في الشروق الجديد يوم 03 - 03 - 2009

يوم الثلاثاء الماضى، أعلنت وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) عن فشلها فى وضع أحد أقمارها الاصطناعية فى مداره حول الأرض، وكان هذا القمر المعروف باسم «مرصد الكربون الفضائى»، أو «أُو سِى أُو» Orbiting Carbon Observatory (OCO) قد انطلق إلى الفضاء ليلة الرابع والعشرين من فبراير من قاعدة ڤاندنبرج الجوية على متن الصاروخ «طوروس».
التفسير الأولى، الذى قدمه المسئولون عن مهمة إطلاق المرصد الفضائى هو أن الحاوية، التى يفترض أن تفتح فى الفضاء لتفريغ حمولتها التكنولوچية الثمينة، وهى الجزء المدبب الموجود بمقدمة صاروخ الإطلاق، لم تنفصل عن الصاروخ إما لخلل ميكانيكى، أو لخطأ فى برمجيات إدارة تتابع عملية الإطلاق، ومن ثم لم تنجح فى اكتساب قوة الدفع اللازمة لها للوصول بحمولتها إلى المدار المخطط، وسقطت بسبب ثقلها النسبى بحمولتها جنوب المحيط بالقرب من شواطئ القارة القطبية الجنوبية.
فشل (ناسا) فى وضع المرصد فى مداره بغض النظر عن خسائره المالية يعد مأساة تكنولوچية، وخسارة علمية، إذ كان أول مرصد من نوعه ينطلق إلى الفضاء لرسم خريطة كاملة لمناطق ومصادر الاحتباس الحرارى على كوكب الأرض، وكان مزودا بجهاز متطور تكنولوچيا، يسمح برسم هذه الخرائط بدرجة عالية من الوضوح مستخدما التحليل الطيفى لأشعة الشمس المرتدة من سطح الأرض.
ربما يكون الجهاز الذى كان يحمله قمر الرصد المفقود معقدا تكنولوچيا، لكنه يقوم على فكرة علمية بسيطة نسبيا، فالضوء الذى تراه العين الإنسانية يمكن تفكيكه إلى حزمة من ألوان الطيف (ألوان قوس قزح)، التى تختلف فيما بينها فى أطوال موجاتها، ومع اختلاف أطوال الموجات، التى تلتقطها عين الإنسان يختلف تفسير المخ الإنسانى لها لونيا، بدءا من درجات اللون البنفسجى، وحتى درجات اللون الأحمر، مرورا بدرجات الأزرق والنيلى والأخضر والأصفر والبرتقالى، فضلا عن الأشعة فوق البنفسجية ولأشعة تحت الحمراء، اللتين لا تميزهما العين الإنسانية، ولا يترجمها المخ الإنسانى إلى أى ألوان، فهى بالتالى غير مرئية.
فك موجات الضوء، الذى ينعكس من على سطح الأرض إلى ألوان الطيف المختلفة، التى يتكون منها الضوء، والمعروفة بألوان قوس قزح، هو الفكرة الأساسية التى بُنِى عليها الجهاز الذى كان يحمله «مرصد الكربون الفضائى» وفقدته وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) الأسبوع الماضى.
إذ عندما يمر شعاع الشمس، الذى يحوى فى تكوينه كل ألوان الطيف (بما فى ذلك ما لا تلتقطه عين الإنسان منها)، وذلك فى رحلته عبر الغلاف الجوى بعد انعكاس الضوء عن سطح الأرض، فإن هذه الألوان الطيفية تمتصها جزيئات الغازات، التى تملأ الغلاف الجوى ، وكل غاز من هذه الغازات يمتص من ألوان الطيف ما لا يمتصه غيره، علما بأن عدد ألوان الطيف لا نهائى، فليس صحيحا أنها ستة ألوان أو سبعة، لأن الأزرق ليس أزرق واحدا وإنما هناك عدد لا نهائى من الألوان، التى تميل كلها للزرقة، وكذلك حال اللون الأحمر، وحال باقى ألوان الطيف الأساسية.
الجهاز الذى كان يحمله المرصد يتكون من ثلاثة مناظير طيفية عالية الوضوح، تعمل مع بعضها البعض على التوازى، ويضمها هيكل واحد، ويغذيها تليسكوب مشترك مزود بمقسم أو مجزئ للضوء إلى مكوناته الطيفية، بحيث يتعامل كل منظار من المناظير الطيفية الثلاثة مع نفس الصورة التى يلتقطها التليسكوب المشترك.
ولكن من خلال مدى معين لأطوال الموجات (الألوان الطيفية)، وكل واحد من هذه المناظير تم ضبطه لقياس قدر الامتصاص لمدى معين أو لباقة معينة من هذه الألوان، علما بأن حجم ما يتم امتصاصه من أشعة الشمس المنعكسة إنما يزيد مع زيادة عدد جزيئات المادة الغازية، التى تعترض مسار رحلة الضوء فى رحلته عبر الغلاف الجوى.
وكان من المفترض إذن أن يجمع كل منظار من المناظير الثلاثة بالتوازى مع المنظارين الآخرين قياسات لقدر امتصاص الغازات بالغلاف الجوى لأشعة الشمس المنعكسة عن سطح الأرض، بحيث يظهر بدلا من بعض ألوان الطيف، التى تمتصها هذه الغازات خطوط داكنة هى بمثابة بصمات تضعها جزيئات هذا الغاز أو ذاك على الغلاف الجوى للأرض.
أما السبب فى وجود ثلاثة مناظير فهو أن أحدها يتم ضبطه لرصد امتصاصات جزيئات ثانى أكسيد الكربون للضوء قريبا من سطح الأرض، ومن ثم تحديد مصادر الاحتباس الحرارى، بينما يرصد الثانى امتصاصات جزيئات ثانى أكسيد الكربون للضوء فى الطبقات العليا من الغلاف الجوى، ومن ثم رسم خريطة ظاهرة الاحتباس الحرارى.
أما الثالث فوظيفته التعامل مع الأكسجين الجزيئى Molecular Oxygen لا مع ثانى أكسيد الكربون؛ والأكسجين الجزيئى غاز تتكون جزيئاته من اتحاد ذرتى أكسجين معا، وهو يملأ الغلاف الجوى للأرض وكذلك المحيطات، ويتوزع فيهما بشكل منتظم، ولا يتركز فى مكان دون غيره.
وهو ليس مساهما فى ظاهرة الاحتباس الحرارى، ومن ثم فإن مقارنة الخرائط الطيفية لامتصاص ثانى أكسيد الكربون لأشعة الشمس مع الخرائط الطيفية للأكسجين الجزيئى يمكن أن تكشف عن مدى تفاقم ظاهرة الاحتباس الحرارى، ومدى زيادة غاز ثانى أكسيد الكربون بالجو، سواء من حيث بيان المناطق الأكثر إصابة، أو بيان مصادر انبعاث غاز ثانى أكسيد الكربون على امتداد مساحة الكوكب.
ما حدث لمرصد الكربون الفضائى الأسبوع الماضى هو كما نرى كارثة تكنولوچية، لكنه أيضا خسارة علمية لكل جهود فهم ظاهرة الاحتباس الحرارى، ورصد مصادر هذا الاحتباس، ورسم سياسات مكافحته، انتظارا ربما لشهور أو لسنوات لانطلاق مرصد بديل، غير ذلك الذى يرقد حاليا فى أعماق المحيط على أطراف القارة القطبية الجنوبية (أنتاركتيكا).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.