أعتقد أن جميع المهتمين بالشأن العام المصري قد اتفقوا علي أن التناول الإعلامي للقضايا ذات الأبعاد الطائفية قد ساعد علي تأجيج مناخ الطائفية إما بسبب (الجهل) بأبعاد ما يتم تناوله، أو بقصد تصدير التوترات الطائفية علي اعتبار أنها مباراة يجب أن ينتصر فيها فريق وينهزم فيها الفريق الثاني. فضلاً عن اتجاه ثالث تقوم به جريدة (الفجر) بريادة لا تحسد عليها علي غرار التقرير الذي نشرته في عدد هذا الأسبوع بتاريخ 11 أكتوبر 2010 رغم أنه موجود في الأسواق من يوم الخميس 7 أكتوبر الماضي. نشرت جريدة (الفجر) حواراً مع الشيخ أمين عامر (رئيس لجنة إشهار الإسلام بمقر مشيخة الأزهر الشريف) تحت عنوان (رئيس لجنة إشهار الإسلام بالأزهر: مشاهير أشهروا إسلامهم علي يدي في السر). وقد حمل التقرير العديد من العبارات علي غرار: - تمتحن اللجنة الراغب في تغيير عقيدته امتحاناً شكلياً.. لا تتجاوز مدته نصف ساعة. - بعد أن يحصل من يشهر إسلامه علي شهادة إشهار الإسلام (الخضراء).. يذهب بها إلي مستشفي الحسين الجامعي المجاور للمشيخة لإزالة أي وشم يعبر عن ديانته القديمة مجاناً. - يؤكد أمين عامر.. أنه استقبل في مكتبه كهنة وراهبات خرجوا لإشهار إسلامهم. - لا تتوقف مسئولية اللجنة عند حد منح شهادة الإشهار، ولكن اللجنة تساعد المسلم الجديد في الحصول علي بطاقة شخصية وشهادة ميلاد جديدة، بالإضافة إلي مساعدته في الحصول علي سجل تجاري جديد حتي لا يدفع العشور - ما يشبه الزكاة - إلي مؤسساتهم الدينية السابقة. - لا يمكن أن تمر علي كلمات وأفكار أمين عامر مرور الكرام فهي تنطق بإحساسه أنه يمارس عملاً ربانياً يجعله لا يهتم بالأسباب الحقيقية التي تدفع شخصاً للدخول في الإسلام. - أخطر ما في الشهادة الخضراء البريئة أنها لا تقتصر علي الشخص الذي يريد اعتناق الإسلام فقط، ولكنها تشير إلي أن أولاده الذين تتجاوز أعمارهم 18 سنة تعتبرهم اللجنة مسلمين مثل والدهم. - ينتهي دور لجان إشهار الإسلام الموجودة في مقر المناطق الأزهرية في محافظات مصر بمجرد منح الشخص شهادة بإسلامه ويخرج من باب المكتب ولا علاقة لنا به حتي ولو ضرب بالنار علي باب المسجد. إن العبارات السابقة بمثابة توظيف أسلوب (دس السم في العسل) صحفياً.. فالظاهر أن جريدة (الفجر) تهاجم (رئيس لجنة إشهار الإسلام)، ولكنها في الوقت نفسه تقدم العديد من المعلومات المتناقضة التي رصدتها في العبارات السابقة. كما أنه تقرير يمكن أن يترتب عليه نوع من (الشحن) للمواطن المسيحي المصري العادي، وما يمكن أن ينتج عن ذلك من المزيد من التأجيج للمناخ الطائفي. هناك فرق بين التناول الوطني المحايد للقضايا الطائفية، وبين التناول الطائفي المغرض للقضايا الطائفية.. إن ما يحدث هو نوع من الترويج للمناخ الطائفي في شكل صحفي لطيف.