ما يجري في (الدستور).. الجريدة.. لعبة يعرف أبعادها الجميع.. وإن تعمد كل أطرافها ألا يكشفوا أوراقهم.. رغم أن جميع المراقبين مطلعون علي كل الأوراق في أيدي الجميع.. وتلك هي المفارقة اللطيفة.. التي تجعل الدراما مثيرة.. كما لو أننا نتفرج علي مسلسل أبطاله يخططون كل شيء أمام المشاهدين.. والمشاهدون يعلمون متتاليات الأحداث.. والكل يعرف حقيقة النوايا والاتصالات، وربما حتي التوقيتات التي سوف يتم إلقاء الورق فيها علي المائدة وكشف ما فيه. اشتري الدكتور السيد البدوي الجريدة بمشاركة المليونير رضا إدوار.. دفعوا مبلغًا مهولاً من المال.. بمقاييس الورق هذا يعرف بأنه (سولد).. ولكن الأول هو رئيس حزب الوفد.. والثاني صاحب مدارس وعضو الهيئة العليا أيضًا لحزب الوفد.. ولكليهما انتماءاته المعروفة وحساباته السياسية التي لا يغفلها أحد.. وبما في ذلك رئيس تحرير الدستور.. الذي من المؤكد أنه يدرك أن أصحاب المال لن يقبلوا أن تدار الجريدة وفق حسابات صاحبها السابق عصام فهمي.. أو صاحبها الفعلي رئيس التحرير .. أو أن عملية الشراء سوف يتم اختصارها في خبر ينشر عن تلقي رئيس الوفد للعزاء في المرحوم محمد علوان.. أو في أن اسم رضا إداور قد وضع علي ترويسة الجريدة. هنا (لعبة رست).. من الذي سوف يسيطر علي الدستور.. هل هي ملك رئيس تحريرها.. الذي صنعها بالتأكيد وجعل لعلامة الجريدة قيمة تساوي ما دفع فيها من ملايين.. بغض النظر عن رؤيتي وتقييمي لهذه العلامة.. أم يملكها اللذان دفعا المال.. بمعني: هل اشتريا ما لا يمكن أن يسيطرا عليه.. ويوجهانه لخدمة مصالحهما وأهدافهما.. بل ويمكن أن يناقض حساباتهما ويدمرها.. أم يمكن لرئيس التحرير أن يقرر الاستجابة في نهاية الأمر لمتغيرات جريدته.. وهي متغيرات أقوي منه.. إلا لو كان يملك نفس الملايين التي دفعاها في صفقة الجريدة لكان اشتراها هو وينتهي الأمر .. ويستثمر فلوسه في نفسه.. وهو أدري بسعره. فيما سبق توقف تصريح طبع الإصدار الأول لجريدة الدستور في عام 1998 بعد أن نشرت بيانًا للجماعات المتطرفة يهدد رجال الأعمال الأقباط بالقتل.. وتزامن هذا مع تغيير جري في فريق تحرير «روزاليوسف» التي تورط نائب رئيس تحريرها الأسبق في نشر نفس البيان الذي اعتبر تهديدًا للأمن القومي.. وكان أن عثر له علي وظيفة كاتب في الأهرام وانقضي حلمه الضائع بأن يصبح رئيسًا لتحرير المجلة العريقة وأصبح رئيسًا لتحرير جريدة متخبطة تلت جريدة أخري كانت أكثر تخبطًا.. بينما بقي إبراهيم عيسي بلا عمل بضع سنوات إلي أن أعاد إصدار الدستور من جديد بترخيص محلي. وتغيرت الأيام، ومن الطريف أن إبراهيم عيسي عمل لدي أحد المليارديرات الذي أغلقت صحيفته الأولي بسبب ورود اسمه في بيان نشره.. أي الأستاذ نجيب ساويرس.. وقبل أيام ترك إبراهيم عيسي وظيفته لدي الأستاذ نجيب في محطته التليفزيونية.. ومن ثم كان أن نشر بالأمس المقال الذي أوقفت نشره جريدة المصري اليوم لمحمد سليم العوا.. لا أعتقد انتصارًا منه لحرية الرأي وإنما نكاية في المصري اليوم وما حولها ومن فيها.. مضيفًا إليه صور السيدات المسيحيات اللواتي يقول المتطرفون الإسلاميون إنهن أسلمن.. وتقول الكنيسة: بل مازلن مسيحيات. ولم يكتف بهذا، بل وضع إطارًا نظريًا في مقال الصفحة الأولي قال فيه إن المتغيرات التي تجري في الساحة الإعلامية المصرية.. تهدف إلي إسكات الأصوات التي سوف تتكلم عن تزوير الانتخابات.. هكذا فسر الأمر.. بحيث إذا جري تغيير في الدستور يكون هو شهيد لما سماه التزوير.. ولذا فإنه مارس التلقيح السياسي علي الجريدة التي يرأس تحريرها وقال في مقاله في تلك الجريدة: (الدور قريبًا علي الصحف بتدخل ناعم مع البعض وخشن مع البعض الآخر).. أي النوعين يفترضه في الدستور؟ هنا نحن أمام لعبة مكشوفة، كل طرف يعرف ماذا يفعل فيها وماذا يقصد الطرف الآخر.. رئيس التحرير يخشي علي نفسه من أن يعيش سنوات عجافًا أخري بلا عمل.. ولو اضطر إليها فلا أقل من عملية انتحارية مدوية.. وصاحبا المال الجديد في الدستور يعيشان حالة جمود.. لا يريدان أن يتهما بأنهما ضد الحريات.. ولكنهما في ذات الوقت يريدان أن يفرضا سيطرتهما علي جريدتهما.. وإلا فإنهما سيكونان كمن يعملان لدي إبراهيم عيسي بفلوسهما.. كما أن رئيس التحرير يريد أن يخوض معركة إما أنها تنتهي بتدجين أصحاب المال.. أو يخرج شهيدًا متحديًا.. ملخص اللعبة هو سؤال يقول: من الأقوي: المؤسسة أم الفرد؟ علمًا بأن الفرد هو تقريبًا الذي أسس الدكان. رئيس التحرير يدير الجريدة وفق مقاييس أنها كانت ولم تزل دكانًا، وصاحبا المال مقتنعان أو يوهمان أنفسهما بأنهما اشتريا مؤسسة، فإذا أرادا أن يثبتا أنها مؤسسة.. حيث أي مؤسسة أقوي من أي فرد يعمل فيها.. فإن لذلك ثمنًا.. وإذا استسلما للحقيقة فسوف يواجهان واقعًا يقول إنهما لم يشتريا فقط دكانًا.. بل وفرشاه ودهناه وجهزاه بفلوسهما من أجل الإخوان وجماعتهم.. حيث تنشر أخبار الجماعة وتصريحاتها وبياناتها.. تمامًا كما كان الأمر في عصر المالك السابق عصام إسماعيل فهمي. عمومًا، قلت من قبل في برنامج «مانشيت» إن مواقف صحفيين وإعلاميين في الإعلام الخاص لن تكون في نهاية 2010 كما كانت في نهاية 2005.. وقد ربطت توقعي هذا بأمور مختلفة.. وقلت إن تحولات المواقف سوف تقود إلي متغيرات خلال 2011 تؤدي في النهاية إلي اختفاء جريدة المصري اليوم في 2012.. وحتي الآن وربما إلي منتصف ليلة السبت/ الأحد يتساءل البعض في المصري اليوم عما أستند إليه في توقعي ويجرون الاتصالات لكي يعرفوا ما هو المقصود. ولكي نلبي بعض فضولهم نقول إن ما يجري وسيجري في الدستور سوف يقود بالتأكيد إلي بعض حقائق توقعي.. ولو بقيت كل الأطراف كما هي في مواقعها.. بدون أي تغيير.. ذلك أن بقاء الأطراف مزيدًا من الوقت في نفس المواقع لا يعني علي الإطلاق أنها سوف تلتزم بما هو معروف عنها بعد حدوث المتغيرات.. فالمواقع يحدث فيها تغيير نوعي ومضموني حين تتغير مواصفاتها. اقرأ ايضا : وقف مقالات العوا توقع 2012 الجريده على المشروب السقطات ..تمهيدات ثروات الصحفيين وملايين الاعلاميين بين صفقات البورصه وعقود الفيللات الموقع الالكتروني : www.abkamal.net البريد الالكتروني : [email protected]