لأول مرة في تاريخ التنسيق، كلية الطب تفتح أبوابها لطلاب المرحلة الثالثة لهذا السبب    محافظة الشرقية توزع مياه باردة وعصائر على عمال النظافة ( صور)    قطع مياه الشرب عن مدينة ديرمواس بالمنيا غدا لمدة 6 ساعات    كامل الوزير: عمل على مدار الساعة لتحقيق مستوى نظافة متميز بالقطارات والمحطات    613 شهيدا وجريحا جراء العدوان الإسرائيلي على غزة خلال 24 ساعة    محافظ الشرقية ينعى على المصيلحى: نموذج للمسؤول الوطنى ورمز للإخلاص    الصحف العالمية: ترامب ينشر قوات الحرس الوطنى فى واشنطن ويدرس إعادة تصنيف الماريجوانا..8 دول أوروبية تتحرك ضد إسرائيل ببيان يرفض احتلال غزة..تراجع التوظيف والمكافآت ونمو الأجور بعد تباطؤ سوق العمل فى بريطانيا    على أنغام السمسمية، احتفال جماهير الإسماعيلي بانعقاد عمومية سحب الثقة من مجلس الإدارة (فيديو وصور)    استبعاد دوناروما، الإعلان عن قائمة باريس سان جيرمان للسوبر الأوروبي    خاص| وسام أبوعلي يستخرج تأشيرة العمل في أمريكا تمهيدا للانضمام إلى كولومبوس كرو (صورة)    تعليم الدقهلية ضمن قائمة أفضل 7 مشاريع بالمؤتمر الدولي الخامس للاتصالات    بدء استئناف المتهم بقتل نجل مالك مقهى أسوان على حكم إعدامه    أمين مجمع الفقه الإسلامي: نصرة شعب غزة فريضة مقدَّسة في كل الأديان    في الموجة الحارة، الصحة توضح الفرق بين الإجهاد الحراري وضربة الشمس    «تعليم كفر الشيخ» تعلن النزول بسن القبول برياض الأطفال ل3 سنوات ونصف    تعيين الدكتور أشرف مهران عميدًا لكلية الهندسة بجامعة مصر للمعلوماتية    «العمل» تجري اختبارات للمرشحين لوظائف الأردن بمطاحن الدقيق    القوات الروسية تستهدف المجمع الصناعي العسكري ومراكز تصنيع المُسيرات الأوكرانية    المكتب الإعلامي الحكومي في غزة يفند أكاذيب الاحتلال حول سياسة التجويع في القطاع    خبراء: أوكرانيا تحولت إلى مختبر حربي للصين لاختبار أسلحة وخطط المواجهة مع أمريكا في المستقبل    25 أغسطس الحالي.. ترامب يستضيف رئيس كوريا الجنوبية لبحث تفاصيل اتفاقهما التجاري    الأمم المتحدة: أكثر من 100 طفل يموتون جوعا في غزة    "الصحة" و"الأكاديمية الوطنية" تبحثان تعزيز البرامج التدريبية للقطاع الصحي    اليوم.. إعلان نتيجة انتخابات مجلس الشيوخ 2025    معامل ومكتبة مركزية.. جامعة أسيوط الأهلية تستعد لاستقبال الطلاب الجدد - صور    حمادة صدقي: أحمد حسن زعل من انضمام حسام حسن لفراعنة 2006 بسبب شارة الكابتن    قبل رونالدو.. ما هي حكاية صديق جورجينا الأول؟    منتخب مصر الثانى يواجه البحرين مرتين وديا فى أكتوبر المقبل رسميا    رسميًا.. باريس سان جيرمان يتعاقد مع مدافع بورنموث    فيريرا ينصح عواد بالانتظار للحصول على فرصة المشاركة مع الزمالك    خريطة الأسعار اليوم: انخفاض الدواجن واللحوم والذهب    بالفيديو.. التنمية المحلية: تعليمات بمراجعة معايير السلامة داخل منظومة النظافة    الأرصاد: تأثر البلاد بكتل هوائية شديدة الحرارة.. وذروة الموجة الخميس المُقبل    الدقهلية تبدأ مهرجان جمصة الصيفي الأول 2025 للترويج للسياحة وجذب الاستثمار    مصدر يكشف لمصراوي أعداد السودانيين العائدين عبر قطارات السكة الحديد    حملات موسعة لهيئة البترول للتصدي لمخالفات تداول وتوزيع المنتجات البترولية    مصرع طفل غرقا في ترعة باروط ببني سويف    وزير الصحة يبحث مع المرشحة لمنصب سفيرة مصر لدى السويد ولاتفيا التعاون الصحى    الجمعة.. فرقة واما تحيي حفلا غنائيا في رأس الحكمة بالساحل الشمالي    الجمعة.. قصور الثقافة تقيم فعاليات متنوعة للأطفال بنادي الري احتفالا بوفاء النيل    أمير كرارة على القمة.. فيلم الشاطر يقفز بإيراداته إلى 75.2 مليون جنيه في 26 ليلة    محافظ الجيزة يترأس اجتماع اللجنة التيسيرية لمشروع تطوير منطقة الكيت كات    افتتاح فعاليات الدورة السادسة من معرض رأس البر للكتاب    محمد نور: مقياس النجاح في الشارع أهم من لقب «نمبر وان» | خاص    «محمد رمضان»: أي حد لو زعلته بقصد أو من غير قصد يتفلق    لليوم ال12.. التموين تستكمل صرف مقررات أغسطس    «لا مجال لأي تقصير».. محافظ الدقهلية يحيل المدير الإداري بمستشفى الجلدية والجذام للتحقيق    تحرير 131 مخالفة للمحلات التى لم تلتزم بقرار مجلس الوزراء بالغلق    هل يجب قضاء الصلوات الفائتة خلال الحيض؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    إنقاذ رضيعة من قيلة سحائية وعيوب قلبية بمستشفى حورس بالأقصر    أمين الفتوى: "المعاشرة بالمعروف" قيمة إسلامية جامعة تشمل كل العلاقات الإنسانية    أول هبوط في سعر الفراخ البيضاء.. أسعار الدواجن اليوم الثلاثاء 12-8-2025 صباحًا    لجان ميدانية لمتابعة منظومة العمل بالوحدات الصحية ورصد المعوقات بالإسكندرية (صور)    تنسيق المرحلة الثالثة، الأماكن الشاغرة للشعبة الأدبية (نظام حديث)    العظمي 38.. طقس شديد الحرارة ورطوبة مرتفعة في شمال سيناء    مواقيت الصلاة في أسوان اليوم الثلاثاء 12أغسطس 2025    أجمل عبارات تهنئة بالمولد النبوي الشريف للأهل والأصدقاء    أنا مريضة ينفع آخد فلوس من وراء أهلي؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«زهايمر» عادل إمام.. نصف مغامرة لا تكفي
طارق الشناوي يكتب:
نشر في صوت الأمة يوم 20 - 11 - 2010

· التجربة تحمل إضافة لعادل إمام لأنه عاد إلي نفسه ممثلا يوجهه المخرج
· السيناريو لم يخلص تماماً للفكرة.. بل كان يحرص علي خيانتها ربما لأنه يخشي من تلك الجدية التي لم يألفها الجمهور مع عادل
· لو قدم سعيد صالح فقط طوال تاريخه مشهده مع عادل إمام في بيت المسنين لوضعه في مكانة كبار الممثلين العرب
امتلك "عادل إمام" قدراً من الجرأة أن يراهن هذه المرة ولو قليلاً علي الممثل بداخله.. هذا الممثل الكامن الذي كثيراً ما خنقه "عادل" ومنعه من التنفس لأنه يخشي المغامرة ورغم ذلك فإن جرأة "عادل" جاءت مع الأسف منقوصة لأنه بخبرته في الحياة الفنية التي تقترب من نصف قرن لا أدري لماذا لم يشعر بأن كاتب السيناريو "نادر صلاح الدين" باع له الترام لأنه يلعب درامياً في فيلمه "زهايمر" بالشخصيات وكأنها مباراة عشرة طاولة يرمي بالزهر ولا يدري أين تتجه "القواشيط".. نعم لو عقدت مقارنة مثلاً مع آخر أفلامه "بوبوس" ستكتشف أن "عادل" هذه المرة يقدم شخصية درامية بعيداً عن تلك الركلات التي ينهال بها علي مؤخرة النساء في كل أفلامه وأيضاً الصفعات التي لا يسلم منها خدود كل من يشاركه التمثيل من الرجال.. نعم كان هناك ركلة أو اثنين وصفعة أو اثنتين في "زهايمر" ولكن الأمر لم يتجاوز هذه المرة حدود الضربات الخاطفة ليس أكثر!!
والله زمان يا "عادل".. لأول مرة منذ زمن بعيد أستمع إلي استحسان عدد من الجمهور بعد نهاية عرض الفيلم.. هذا هو ما حدث بعد أن قرأ الناس تترات النهاية.. لا شك يحمل الناس تقديراً لنجم الفيلم برغم أنه ضل طريقه إليهم في أفلامه الأخيرة وخاصة آخرهم "بوبوس" الذي وصل فيه النجم إلي ذروة الاستخفاف بحقوق الجمهور عليه فهو يقدم لهم البضاعة نفسها، حيث إننا أصبحنا نشاهد نجم الكوميديا يقدم إيفيهاته التي يحفظها الجمهور أكثر منه.. من الواضح أن "عادل" يملك القدرة علي أن يراجع نفسه وينظر للمرآة علي الأقل بينه وبين نفسه ولهذا بقدر ما دافع علناً في أغلب أحاديثه عن أسوأ أفلامه "بوبوس" وأوعز إلي "يسرا" التي شاركته البطولة بأن تواصل الدفاع عن الفيلم بالباطل فهي تعتقد - ولا أدري لماذا - أن الفنان من الممكن أن يخدع نفسه ويخدع الناس طوال الوقت بينما من الواضح أن "عادل" كان بداخله مدركاً أنه قدم لجمهوره فيلماً رديئاً وأن الإخفاق التجاري عقاباً يستحقه الأهم من ذلك أنه أدرك بأن عليه تغيير البوصلة؟!
في "زهايمر" كان "عادل إمام" حريصاً علي أن يتعاطف مع مريض الزهايمر.. رغم أنه درامياً ليس مريضاً.. ربما "ليس مريضاً" هذه هي أسوأ ما في هذا السيناريو وكأنه يخشي أن يراهن تماماً علي فكرة التغيير.. "عادل" بالفعل تغير لأنه استند هذه المرة إلي تقديم الشخصية الدرامية.. بينما أضعف ما في تلك الحبكة أنه أحالها إلي مجرد خدعة من أقرب الناس إليه وهما ابنيه مؤامرة اشترك فيها أفراد عديدين تم تأجيرهم ضمن أحداث الفيلم وبعضهم كان بينهم وبينه صداقة قديمة مثل "أحمد راتب" زميله القديم الذي يتآمر عليه مقابل الحصول علي الثمن وحارس الفيلا "ضياء الميرغني" الذي تربطه مع "عادل" عشرة وليس مجرد عامل لديه ولكنه بكل بساطة يبيعه.. بالطبع لا يمكن تصور أن الكل يوافق علي الاشتراك في هذه الخديعة ولا أحد يقول لا ويدخل السيناريو إلي منطقة أخري وهي المقالب التي يحيكها "عادل" ضد ابنيه "فتحي عبد الوهاب" و "أحمد رزق" وزوجة ابنه "أحمد رزق" التي أدت دورها "رانيا يوسف" وهكذا شاهدنا عدداً منها مثل مباراة الملاكمة التي ينهال فيها بالضرب علي الجميع أو الذهاب لاصطياد البط ثم تأتي الجريمة الكبري عندما يضعهم في اختبار اتجار الكوكايين نكتشف أنهم يوافقون علي استكمال اللعبة لمجرد أن هذا الموقف لصالحهم وتأتي النهاية ليتضح لعادل إمام أن الحفيدة فقط هي المخلصة له وسوف يريبيها في العزبة بعيداً عن فساد أبيها وأمها.. ولا ينسي الفيلم أن يذكرنا بعبد الفتاح القصري في فيلم "بن حميدو" عندما ينهال بصفعة قوية علي وجه زوجته "سعاد أحمد" أعادها مرة أخري "رزق" مع "رانيا" علي أساس أن كلمته كانت دائماً تنزل الأرض لكنها في المشهد الأخير لم تنزل ولا أدري لماذا لم ينتبه "رزق" إلي أنه يؤدي دور يتوافق تماماً مع الشخصية التي لعبها مؤخراً في مسلسل "العار"؟!
السيناريو لم يخلص تماماً للفكرة بل كان يحرص علي خيانتها ربما لأنه كان يخشي من تلك الجدية التي لم يألفها الجمهور مع "عادل" رغم أن الجدية لا تعني التجهم ولا تعني أيضاً الافتقار إلي خفة الظل أو ربما كانت هذه هي نصيحة "عادل" للكاتب بأن يحدث هذا التحول لنصبح أمام انقلاب درامي يلعب فيه علي قانون المفارقة الدرامية حيث أن الجمهور يعلم بأن "عادل" اكتشف الخدعة التي دبرها له ابنيه بينما الأبطال لا يعلمون.
مريض الزهايمر هذه الشخصية قدمها قبل نحو عام "عمر الشريف" في فيلم فرنسي استمتعت به وهو "نسيت أن أقول لك" كان بالفيلم الفرنسي مسحة شجن نبيل وهو نفس ما طرحته بدايات فيلم "زهايمر" لا أدري لماذا ترك "عادل" السيناريو يجري بعيداً عن تلك التيمة الدافئة.. الرهان علي أن الجمهور لا يرضي من نجومه سوي ما ألفوه منهم أراه ليس دائماً علي صواب لأن من حق النجم الجماهيري أن يغامر أيضاً بأفكاره وجاذبيته هي التي تضمن أن يأتي إليه الجمهور.
نقطة الانطلاق في المشهد الأول يذكرنا بفيلم "الليلة الأخيرة" لكمال الشيخ ليس معني ذلك اقتباساً ولكن يظل بداية تتسع لأكثر من معالجة كان "الشيخ" يلعب في مساحة زمنية قدرها 15 عاماً عندما قرر "محمود مرسي" أن تصبح "فاتن حمامة" هي زوجته بدلاً من شقيقتها التي رحلت ثم أصيبت "فاتن" بفقدان الذاكرة وتبدأ الأحداث في اللحظة التي استردت فيها ذاكرتها.. المخرج "عمرو عرفة" يقدم ذلك في ثلاثة أيام غاب فيها "عادل" عن الوعي تماماً بفعل مخدر قوي ثم يصحو لا يعرف شيء وكان علي السيناريست أن يفكر كثيراً قبل اللجوء إلي تلك الحيلة ولكن الكاتب لا يجهد نفسه إنه يختار الحل الدرامي مهما كانت المحاذير طالما أنه يدعم فكرته.. شيء من البرودة في المكان تستطيع أن تستشعره من خلال الرؤية الإخراجية لعمرو عرفة مع إضاءة "محسن أحمد" وديكور "صلاح مرعي" التي تتوافق مع المعني الدرامي الذي يريد توصيله.. حالة من الضبابية في المشاعر بين الممرضة "نيللي كريم" و "عادل إمام" تشعر أن الشاشة بالفعل تعبر عنه وذلك قبل أن نكتشف أن الكل يلعب بنفس المفردات من أجل خداع عادل إمام.. تؤدي دور خادمة المنزل "إيمان السيد" التي تواصل اللعبة بعد أن تلتقط الكرة من "نيللي كريم" لتكمل تمثيلية الخداع.. حتي حارس المنزل "ضياء الميرغني" وماسح الأحذية والجنايني الكل يشارك في هذه المسرحية.. إن الأمر في هذه الحالة يحتاج إلي مجموعة منتقاة من الممثلين المحترفين وليس مجرد أشخاص يؤدون هذه الشخصية وذلك حتي نصدق أن هؤلاء تم استخدامهم لأداء هذه الأدوار كيف أصبح الجميع فجأة ممثلين الجنايني يمثل إنه جنايني وماسح الأحذية يمثل أنه ماسح أحذية.. ثم بعد ذلك يريدنا السيناريو أن نتعاطف معهم ويصبح المؤشر هو علاقتهم بعادل إمام انحيازهم له في معركته ضد أبنائه هو العربون الذي من أجله نغفر لهم خيانتهم برغم أنهم خانوا "عادل" ثم خانوا الذين خانوا "عادل إمام" أي أنهم خونة محترفين يلعبون لصالح من يدفع أكثر.. الحبكة الدرامية التي تراهن علي الشائع كما نسجها "نادر صلاح الدين" وهكذا يضع أبطاله دائماً في مواقف متعددة من أجل الإضحاك.. وهو ما يفقد الفيلم الإحساس بالألق الفني الذي صاحب بداياته.. الخط الوحيد الذي ارتبط بهذا الألق هو مريض الزهايمر "عادل إمام".. ويبقي مشهد أظنه لا ينسي في تاريخ الدراما السينمائية هو الذي جمع بين "عادل إمام" و "سعيد صالح" في بيت المسنين عندما ذهب "عادل" إلي صديقه القديم "سعيد صالح" بحضور كبيرة الممرضات "اسعاد يونس".. لو قدم "سعيد صالح" هذا المشهد فقط طوال تاريخه لكفاه أن يضعه في مكانة كبار الممثلين في عالمنا العربي.. بعد هذا المشهد نري المخرج "عمرو عرفة" وهو يقدم لنا "عادل إمام" داخل منزله والكاميرا تتطلع إليه من أعلي وكأنه بدون جملة حوار واحدة ينتظر نفس مصير صديق الزمن الجميل.. لا تشعر بأن هناك شخصيات درامية أخري بجوار "عادل" حيث أن هناك خفوت في الحضور اللقطات الأولي داخل الفيلا في الفيلم نفذها "عمرو عرفة" بطريقة أقرب إلي روح المسرح.. الحبكة الدرامية تظل تشكل مأزق للفيلم إنسان في السبعين من عمره كما يقدمه الفيلم يأخذ جرعة مخدر تجعله ينام ثلاثة أيام من المؤكد رغم الخطورة والمجازفة عندما يصحو سوف يكتشف أنه قد فعل لا شعورياً مثل البشر وتبول وتبرز ثم إنها مخاطرة جنائية لمن يقدم عليها لأنها تحمل خطورة التهديد بالموت ولا يمكن أن يختار الكاتب أي حل درامي لمجرد أن هذا هو الأسهل.. ويبقي أن الفيلم صار دوراً لممثل أكثر من كونه بناءً فنياً "عادل" بدلاً من أن يؤدي دور مريض الزهايمر مثل أنه لا يهتم بنظافته الشخصية يمثل دور مريض الزهايمر والذي تشير المراجع العلمية أنه يحمل عدوانية تجاه أقرب الناس إليه وهو ما تحقق في الفيلم فهو رث الثياب لا يعتني بنظافته الشخصية ولا ملابسه عنيف في انتقامه من أبنائه.. نجح "عادل" في الإمساك بهذا الخيط الرفيع وهو تمثيل التمثيل كان من فرط التصاقه بالشخصية يؤديها بقدر من التعاطف.. نعم لي ملاحظات عديدة علي التجربة ولكنها تحمل ولا شك إضافة لعادل إمام وهو أنه هذه المرة الممثل بعد غياب طويل.. ثم تستطيع أن تري أمامك مخرج يوجه ممثل وليس ممثلاً يوجه مخرج كذلك مخرج يعنيه التكوين الدرامي للقطة وليس مجرد تنفيذ اللقطة لكنه يتحمل بالتأكيد حالة الاستخفاف بعقول المشاهدين التي كان عليها السيناريو مثل زواجه من الممرضة والشغالة لإغاظة أبنائه.. لم يبق في الذاكرة من الممثلين بجوار "عادل" أحد لأن الحقيقة أن السيناريو قدم فقط عدداً من الأدوار ذات البعد الواحد هذا ولد شرير بالسليقة يؤدي دوره "فتحي عبد الوهاب" وذاك ولد ضعيف الشخصية بالسليقة أحمد رزق" وتلك زوجة متسلطة - خلقة ربنا - "رانيا يوسف" تكفي نظرة منها لكي ترتعد فرائص "رزق".. صورة الأم الراحلة تطل علينا من المنزل ولا ندري متي رحلت وما هي علاقتها بالزوج وعلاقتها بالأبناء وما هو سر هذا الجفاء بين الأب وأبنائه جذوره وأسبابه لا شيء من هذه المعلومات يقدمها لنا السيناريو.. ثم الممرضة الفقيرة الطيبة "نيللي كريم" كيف يعتبرها طيبة وهي تشارك في هذه الكذبة الكبري.. الأب يعيد تربية أبنائه بالضرب وكأنه ينزل بهم عقاباً مادياً فهل هذه هي التربية التي يدعو لها الفيلم أم أن المقصود هو أن يسامحهم المتفرج.. ورغم كل هذا القصور في السيناريو تظل خطوة كنت أتمني أن يملك "عادل" القدرة الكامنة علي التغيير لكنه اختار نصف ثورة ونصف تمرد ونصف جرأة!!
************
«شمس بدران» هل يفرج عن ألحان «عبد الوهاب»؟!
بعد أن ظل قرابة 40 عاماً في الظل يعيش في مدينة الضباب لندن حيث إقامته الجبرية أخيراً عاد وزير الدفاع الأسبق "شمس بدران" للأضواء بعد أن قامت مؤسسة الأهرام بتسجيل عدة حلقات تناولت مواقفه التي أدانته أمام المحكمة العسكرية حيث حوكم بعد 67 باعتباره مسئولاً عن الهزيمة وصدر حكم ضده بالسجن أثناء حكم الرئيس "عبدالناصر" وأفرج عنه في عهد الرئيس "السادات" مقابل أن يهاجر إلي لندن.. حياة "شمس بدران العسكرية والسياسية حافلة بالعديد من المواقف فلقد رشح ليصبح رئيساً لمصر قبل أن يتراجع "عبدالناصر" في اللحظات الأخيرة في خطاب التنحي الشهير 9 يونيو ورشح للرئاسة بدلاً منه "زكريا محيي الدين" بالتأكيد لمحات مثيرة ومصيرية وتفاصيل عديدة يتمني الملايين أن يعرفوها مباشرة من "شمس بدران".. ولكن يبقي في حياة هذا الرجل جانب أتمني أن يكون قد تم رصده وهو أغنيات سجلها بصوته مباشرة له الموسيقار "محمد عبد الوهاب" علي العود وأصبحت بمثابة ثروة ضائعة يعرف مفتاحها فقط "شمس بدران".. إنها ليست ثروة "عبد الوهاب" ولا هي ثروة مصر إنها ثروة قومية عربية أحدثكم عن هذا التراث الضائع والنادر الذي سجله محمد عبد الوهاب في النصف الأول من الستينات بصوته وهي المرحلة التي كان فيها صوت عبد الوهاب في كامل قوته وعنفوانه.. هذا التراث الغنائي كشف عنه الشاعر الكبير "فاروق جويدة".. بعد رحيل عبد الوهاب قبل 19 عاماً في سلسلة الحوارات التي سجلها معه عبدالوهاب وقال إنه كان يذهب إلي منزل شمس بدران وزير الدفاع المصري الأسبق والرجل القوي في تلك السنوات، حيث كان يسجل بصوته ألحاناً لقصائد من شعر أحمد شوقي وعزيز أباظة وكامل الشناوي.. بل أن حلم عبد الوهاب بتقديم أوبريت مجنون ليلي "لأمير الشعراء" أحمد شوقي هذا الحلم سجله عبد الوهاب لدي شمس بدران حيث غني تلك القصائد بصوته وبألحانه التي لم تذع حتي الآن.
شمس بدران هو إنسان مصري عربي الانتماء ويحتفظ بهذا التراث النادر لموسيقار الأجيال وطوال هذه السنوات لم يتعاقد علي صفقات تجارية يبيع بمقتضاها هذه الألحان التي لا تقدر بثمن وهذا التراث وتداوله هو حق مشروع لكل إنسان عربي وليس مصرياً فقط ولهذا فإن علي الأجهزة الرسمية التدخل لاستعادة هذه الكنوز.. وإذا كانت لدي "شمس" حقوق مادية أو أدبية لتسجيله واحتفاظه كل هذه السنوات بتلك الألحان فلا بأس من الاتفاق عليها وإن كنت اعتقد أن من يصون هذه الألحان علي مدي يقترب من نصف قرن ولا يفكر في بيعها لأي محطة فضائية ليست لديه مطالب مادية في بيع هذه التسجيلات وإلا كان فعلها بعد رحيل عبد الوهاب مباشرة قبل تسعة عشر عاماً!!
هذه الأغنيات لا تقل أهمية عن القطع الأثرية الفرعونية المصرية التي تسعي كل أجهزة الدولة لاستعادتها بين الحين والآخر من الخارج لأن هذا يعتبر واجباً قومياً تجاه هذا الجيل والأجيال القادمة هي لا تقل أهمية عن لوحة الخشخاش المسروقة التي تضاءل الاهتمام بها بعد هذا الصلح التاريخي الذي حدث بين "فاروق حسني" و "محسن شعلان" ولكن هذه قصة أخري ونعود إلي قصة ألحان "عبد الوهاب".. ولا أدري لماذا لم يستشعر أحد بأننا نفرط في جزء من تاريخنا وأن هذا التراث ليس ملكاً حتي للورثة الشرعيين ولكنه ملكاً لنا جميعاً حتي المتعلقات الشخصية للفنان بها جانب عام يتجاوز حقوق الورثة الشرعيين.. إن السيدة نهلة القدسي أرملة محمد عبد الوهاب قالت في أكثر من حوار صحفي أنها أحرقت الرسائل الغرامية المتبادلة بينها وبين محمد عبد الوهاب بحجة أنه لا يجوز أن تطلع الأجيال القادمة علي مثل هذه الخطابات لقد غمرتها أولاً بماء الكولونيا ثم أشعلت فيها النيران وكأن إحراقها بماء العطر أقل وطأة ووحشية من إحراقها بالبنزين.. إن كل متعلقات كبار الفنانين ينبغي الاحتفاظ بها وخطابات عبد الوهاب مثل ألحانه هي جزء عزيز علينا كان من الممكن أن يكشف عن جوانب عديدة في شخصية عبد الوهاب بمن فيها الموسيقار المبدع لو أنه تم تحليل علمي لهذه الخطابات إلا أننا في كل الأحوال لن نبكي علي اللبن المسكوب ولا علي الخطابات المحروقة.
ولكن الألحان والأغنيات التي يحتفظ بها شمس بدران هي التي تستحق من الأجهزة الرسمية في مصر بل وكل الدول العربية السعي لاسترجاعها. إن البعض يقول إن عبد الوهاب قد أبدع هذه الألحان وهو واقع تحت سطوة شمس بدران الرجل القوي في مصر أتحدث بالطبع عن مرحلة الستينيات قبل هزيمة 67 فهي ألحان قدمها عبد الوهاب تحت التهديد ولهذا فإنها متواضعة فنياً ونسي هؤلاء أن رائعة "أنت عمري" التي لحنها عبد الوهاب لأم كلثوم قدمت هذه الأغنية الاستثنائية بناء علي أوامر مباشرة من الرئيس جمال عبد الناصر إلي "عبد الوهاب" و "أم كلثوم"..
عبد الوهاب طوال تاريخه كان حريصاً علي أن يقترب من السلطة ولهذا أطلقوا عليه مطرب الملوك والأمراء وغني للملك وعندما قامت الثورة غني لجمال عبد الناصر.. ثم لحن أغنيات تشيد بإنجازات الرئيس "السادات" وبالرئيس "حسني مبارك" ولهذا اعتقد أنه ليس فقط شمس بدران هو الذي سعي لمحمد عبد الوهاب ولكن عبد الوهاب بمجرد أن استمع إلي طرقات شمس علي بابه فتح له الباب علي مصراعيه وهو سعيد بالاقتراب من السلطة من خلال واحد من أقوي رجالها في تلك السنوات.
أتمني أن تتضافر كل الجهود المصرية من أجل استعادة تراثنا الغنائي الضائع قبل أن نكتشف أن إسرائيل قد سبقتنا بوسيلة أو بأخري واستحوذت علي هذه الأغنيات ونحن آخر من يعلم وآخر من نسمع وآخر أيضاً من يشعر بفداحة هذه الخسارة.. لقد كان "شمس بدران يخشي الإعلام طوال السنوات الماضية ولهذا لم يكشف أحد عن مصير الأغنيات.. الآن بعد أن فتح الباب أصبح واجباً علي الإعلام أن يستفسر وينقب لنعرف بالضبط مصير هذا التراث الوطني!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.