السنة في اللغة هي «عادات الأولين» وفي الفقة هي «صحيح المنقول عن النبي «ص» تبياناً لمقصود الشارع. المعني أن السنة هي اعتماد ما شهر من أقوال عن النبي «ص» بعد التيقن من صحتها، دون مخالفة نص قرآني أو معقول. لذلك كانت القاعدة الفقهية في العلوم الشرعية هي «اعتماد صريح المعقول.. من صحيح المنقول». أما اجتهادات الصحابة، فهي ما تعارف عليه المسلمون ب«الأثر»، وهي ليست أصلاً، كما أن السنة ليست كذلك هي الأخري. إذاً كتب الحديث التي أخرجها مسلم والترمذي وابن ماجه وغيرهم ليست إلا محاولات بشر، لنقل ما قيل إن النبي قاله قبل إخراج هذه الكتب بحوالي 170 عاماً. السنة هي كلام النبي وأفعاله، أما كتب السنة فهي تصاريف بشرية لجمع ما يقال إن النبي «ص» قد قاله، واجتهادات البشر لا تنسحب عليها القداسة. مهم الإشارة إلي أن سنة النبي «ص» نفسها كانت اجتهاداً منه «ص» لبيان مقاصد الله، أو شرح تطبيقاتها عندما غم المقصود علي المسلمين عصور الرسالة الأولي. فقد اجتهد «ص» وفق أرضية عصره المعرفية، ما يعني أن محاولاته «ص» في شرح مقصود آيات الله كانت البيان الأول لمقاصد القرآن الكريم، لكنها ليست البيان «الوحيد».. أو الأخير. السنة النبوية «تراث»، لكن آيات الله ليست تراثاً. فالتراث هو اجتهادات من قبلنا وطرق تعاملهم مع «النص الثابت». لكن كتاب الله أصل، لا يمكن اعتباره تراثاً. التراث صناعة بشرية، بينما كتاب الله. من عند الله. والذي من عند الله ثابت، لكن الذي من عند البشر متغير. والمتغير يجوز معه الزيادة والنقصان.. والخطأ والصواب. ويجوز معه التجديد.. أيضا. لو كان لكلام الرسول ما للأصل الثابت من حجية في التشريع الإسلامي، لما اجتهد الصحابة بالرأي من بعده، ولما نشأت علوم الفقه للفصل فيما لم يرد فيه نص، ولما عرف المسلمون الإجماع، ولا استخدموا القياس لاستخلاص الأحكام الشرعية من القرآن الكريم. اجتهد النبي «ص» قياساً علي النص الأصلي.. أو القرآن، وهو ما فعله الصحابة فيما بعد أيضا. مع ذلك تظل الاجتهادات كلها «أحكاما مستحدثة». والمستحدث يجب التيقن من وروده، ويجوز العدول عنه لو دخل عليه كذب، أو التصقت ببعضه أساطير.. ولو اقتضت الضرورة وتغير الزمان.