نموذج تجريبي لمواجهة أزمة كثافة الفصول استعدادًا للعام الدراسي الجديد في المنوفية    شهادة تقدير ودرع المحافظة.. أسوان تكرم الخامسة على الجمهورية في الثانوية الأزهرية    تنفيذي الشرقية يُناقش خطة استثمارية ب1.14 مليار جنيه لتحسين الخدمات بالمراكز والمدن    وزير البترول يلتقي وفدا رفيع المستوى من شركة شل العالمية    5 شركات تركية تدرس إنشاء مصانع للصناعات الهندسية والأجهزة المنزلية في مصر    انقسام بين قادة الاتحاد الأوروبي بعد إعلان ترامب عن الاتفاق التجاري الجديد    أطباء بلا حدود: حالات الإسهال المائي ترتفع مجددا في جميع أنحاء اليمن    «أكسيوس»: مسؤولان إسرائيليان يصلان واشنطن لبحث ملفي غزة وإيران    حجز محاكمة متهمين بوفاة لاعب كاراتيه بالإسكندرية لجلسة 22 سبتمبر للنطق بالحكم    أحمد حسن يكشف مفاجأة بشأن مستقبل حسين الشحات مع الأهلي    دون خسائر.. السيطرة على حريق بمحل مأكولات شهير في المنتزه بالإسكندرية    تكريم 30 طالبًا من أوائل الثانوية العامة في القاهرة بديوان عام المحافظة    انهيار لطيفة بالبكاء أثناء تقديم واجب العزاء ل فيروز في نجلها زياد الرحباني (فيديو)    فى يومه ال 11.. "برنامج اليوم" يتابع فعاليات مهرجان العلمين بدورته الثالثة    "فتح" تُثمن دعوة الرئيس السيسي ومواقف مصر الداعمة لفلسطين    هل ظهور المرأة بدون حجاب أمام رجل غريب ينقض الوضوء؟ الإفتاء تُجيب    هل وجود مستحضرات التجميل على وجه المرأة يُعد من الأعذار التي تبيح التيمم؟ الإفتاء تجيب    في اليوم العالمي لالتهاب الكبد.. الوشم والإبر يسببان العدوى (الأعراض وطرق الوقاية)    الحر الشديد خطر صامت.. كيف تؤثر درجات الحرارة المرتفعة على القلب والدماغ؟    البحيرة: قافلة طبية مجانية بقرية الأمل وأرياف أبو المطامير ضمن جهود العدالة الصحية غدا    وثيقة لتجديد الخطاب الديني.. تفاصيل اجتماع السيسي مع مدبولي والأزهري    بنك مصر يوقع بروتوكول تعاون مع دوبيزل لدعم خدمات التمويل العقاري    طريقة عمل التورتة بمكونات بسيطة في البيت    اندلاع حريق فى أحد المطاعم بمنطقة المنتزه شرق الإسكندرية    مران خفيف للاعبي المصري غير المشاركين أمام الترجي.. وتأهيل واستشفاء للمجموعة الأساسية    عمار محمد يتوج بذهبية الكونغ فو فى دورة الألعاب الأفريقية للمدارس بالجزائر    توجيهات بترشيد استهلاك الكهرباء والمياه داخل المنشآت التابعة ل الأوقاف في شمال سيناء    موسكو تبدأ رحلات مباشرة إلى كوريا الشمالية وسط تراجع الخيارات أمام السياح الروس    ضعف المياه بشرق وغرب بسوهاج غدا لأعمال الاحلال والتجديد بالمحطة السطحية    قرارات هامة من الأعلى للإعلام ل 3 مواقع إخبارية بشأن مخالفة الضوابط    تجديد حبس متهم بقتل سيدة وسرقة 5700 جنيه من منزلها بالشرقية بسبب "المراهنات"    السيسي: قطاع غزة يحتاج من 600 إلى 700 شاحنة مساعدات في الإيام العادية    لمواجهة الكثافة الطلابية.. فصل تعليمي مبتكر لرياض الأطفال بالمنوفية (صور)    مهرجان الإسكندرية السينمائي يكرم فردوس عبد الحميد بدورته ال 41    البربون ب320 جنيهًا والقاروص ب450.. أسعار الأسماك والمأكولات البحرية اليوم في مطروح    وزير الأوقاف: وثِّقوا علاقتكم بأهل الصدق فى المعاملة مع الله    حملات الدائري الإقليمي تضبط 18 سائقا متعاطيا للمخدرات و1000 مخالفة مرورية    الفنان محمد رياض يودع السودانيين فى محطة مصر قبل عودتهم للسودان    ينطلق غدا.. تفاصيل الملتقى 22 لشباب المحافظات الحدودية ضمن مشروع "أهل مصر"    ديمقراطية العصابة..انتخابات مجلس شيوخ السيسي المقاعد موزعة قبل التصويت وأحزاب المعارضة تشارك فى التمثيلية    وزير الصحة: مصر الأولى عالميا في الحصول على التصنيف الذهبي بالقضاء على فيروس سي    محافظ المنيا: إزالة 744 حالة تعدٍ على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة    على خلفية وقف راغب علامة.. حفظ شكوى "المهن الموسيقية" ضد 4 إعلاميين    السّم في العسل.. أمين الفتوى يحذر من "تطبيقات المواعدة" ولو بهدف الحصول على زواج    الشرطة التايلاندية: 4 قتلى في إطلاق نار عشوائي بالعاصمة بانكوك    المجلس الوزاري الأمني للحكومة الألمانية ينعقد اليوم لبحث التطورات المتعلقة بإسرائيل    الهلال الأحمر المصري يواصل دعمه لقطاع غزة رغم التحديات الإنسانية    أحمد الرخ: تغييب العقل بالمخدرات والمسكرات جريمة شرعية ومفتاح لكل الشرور    شوبير يدافع عن طلب بيراميدز بتعديل موعد مباراته أمام وادي دجلة في الدوري    هل ستفشل صفقة بيع كوكا لاعب الأهلي لنادي قاسم باشا التركي بسبب 400 ألف دولار ؟ اعرف التفاصيل    متحدثة الهلال الأحمر الفلسطيني: 133 ضحية للمجاعة فى غزة بينهم 87 طفلًا    رئيس جامعة القاهرة يشهد تخريج الدفعة 97 من الطلاب الوافدين بكلية طب الأسنان    مفوض حقوق الإنسان يدعو لاتخاذ خطوات فورية لإنهاء الاحتلال من أراضى فلسطين    «تغير المناخ» بالزراعة يزف بشرى سارة بشأن موعد انكسار القبة الحرارية    طرائف الانتقالات الصيفية.. الزمالك وبيراميدز كشفا عن صفقتين بالخطأ (صور)    هدى المفتي تحسم الجدل وترد على أنباء ارتباطها ب أحمد مالك    بالأسماء.. 5 مصابين في انقلاب سيارة سرفيس بالبحيرة    الكرتي يترك معسكر بيراميدز ويعود للمغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التطرف فكراً وسلوكاً

العرب ملوك الكلام.. المعلقات والشعر، الفخر والهجاء، والحاكم يجزل العطاء للشاعر الذي يمدحه أو يهجو غريمه.. صرة أو صرر من الدنانير وربما مع قصر وجارية، والقافية تحكم.. حتي إن شاعرنا (غالبا الأخ المتنبي) يقول: أنام ملء جفوني عن شواردها.. ويسهر الخلق جراها ويختصم (حاجة كده).
يعني المذكور ينام بدري تاركا الشعب ساهرا في خلاف وشجار وخصام وقلق، بعيدا عن الإنترنت (الشبكة العالمية أو العنقودية)، والفضائيات والريسيفر (المستقبل.. بكسر الباء) وهي أمور لم تكن قد اخترعت في حينه، وتستمر المشاحنات مع مسابقات الكلام وسوق عكاظ (ده غير سوق التوفيقية في القاهرة أو راتب في الإسكندرية أو الجبان في طنطا) والجوائز مضمونة وليس بطريقة اتصل علي صفرين تسعة، والشعر مثل النثر بلا نهاية، والكلام ليس عليه جمرك حسبما يردد أبناء بورسعيد، حيث في الفخر يقول صاحبنا: «أنا الذي أسمعت كلماتي من به صمم»، يعني لا داعي لدراسة أنف وأذن وصخرة ولا للطب عموما.. شعر المحروس فيه علاج الصمم.. ويقول آخر ما معناه إن أسود الصحاري ترتعش لمجرد سماع اسم أحدنا، كما أن الأعداء يخرون سجدا عند رؤيتنا! هكذا.. وفي المديح يردد الشاعر العربي: أنت قمر والملوك كواكب ويكمل عند ظهورك تختفي كل النجوم والكواكب! ويقول الآخر: نورك تخجل الشمس منه، مثلما يختفي القمر من جمال طلعتك (كله بيختفي! بس كده)!
هذا وفي الهجاء.. حدث ولا حرج.. الشتيمة تصل للأعراض بعد العاهات، والسخرية من ملامح الوجه مع التندر علي معني ومدلول اسم المهجو في أحواله، وبعد إهالة التراب علي جدود جدوده، رجالا وحريما.. وكله بثمنه.. والحساب يجمع. ولا عزاء لما يسمي الشهامة العربية والفروسية الصحراوية.. إلخ يجري ذلك في فاصل من مبالغة شاذة ومضحكة لدرجة البكاء.. طالت كل شيء في حياة أبناء العروبة وتوارثتها الأجيال.. وفقا لقوانين الطبيعة وعلوم الوراثة وجينات لغة الضاد.
المبدأ والمنطق يقولان: فكر أولا ثم فكر ثانيا وبعدها تكلم.. مع الإنجاز والعمل المنتج في كل حين، لكن الوضع تبعنا يختلف نوعا وكما.. تكلم أولا وثانيا وأخيرا.. ثم فكر بعد حين.. ولا يهم الإنتاج والمحصلة. انسحب ذلك بالطبع علي طريقة التفكير.. فنحن أبناء العروبة ليس لدينا وسط.. أبيض ساطع أو أسود هباب، إما فخر أو هجاء، مدح أو ذم وبالصوت العالي والفكر المنخفض والمنطق المنعدم. يجري ذلك علي مستوي الفرد والدولة والأمة.. المعارك كلها كلام.. وتحقيق المراد يتم بالخطب، والتخطيط بالبركة، والمهم الخطابة (من ابتدائي كان لدينا في المدرسة فريق الخطابة).. وتستدعي الذاكرة خطبة محافظ سابق للإسكندرية قال فيها: «اللي عملناه ده مش إنجاز.. ده فعلا إعجاز» لاحظ السجع أو الجناس أو الطباق (مش عارف) اللي في إنجاز وإعجاز.. (ونعم البلاغة).. وكان ده كله بمناسبة افتتاح حديقة أقل من العادية.
هكذا.. إعجاز عربي.. لم يقم بمثله بيل جيتس، ولا مندل، ولا نوبل، ولا أوبنهايمر، دعك من الغلابة الذين اكتشفوا علاجات للسل الرئوي أو الطاعون أو غيرها من أمراض، ولا ممن أسعدوا البشرية في مجالات الموسيقي والمسرح وغيرهما من فنون، ولا ممن اخترعوا الألعاب الرياضية والذهنية، ولا ممن ابتكروا الأجهزة والمعدات من أول العجلة وحتي الموبايل.. هذا ونحن مستقبلون مستهلكون فقط، متكلمون ليس إلا.. حسبما يردد الأخ جورج وهبة.
والنمط العربي السائد.. دائم سرمدي.. لا يتغير.. حيث لا تخطيط هناك ولا يتوقعون، بينما الآخر يرسم مستقبله لمائة سنة مقدما.. والنماذج كثيرة.. وأقربها أبناء شارون وبن جوريون وغيرهم كثيرون من البرازيل وحتي اليابان، ومن الهند وحتي ماليزيا.. وأوروبا تتحد ونحن نتفكك (راجع العراق، اليمن، الصومال، السودان، المغرب). وهم يتقدمون أبحاثا وتكنولوجيا ونحن كما تعلمون.. دع سمائي فسمائي محرقة واحذر الأرض فأرضي صاعقة (حاجة زي كده.. وعلي رأي الأخ عبدالله كمال: أشياء من هذا القبيل).. صح يا رجال؟! ايوه صح!
لذلك -وفي غياب المنطق والتفكير الواقعي والسليم- نتصرف بسذاجة أحيانا.. وبتهور غالبا.. في صورة تشنج لحظي.. وهياج عصبي لا يدوم (راجع معي: الطفل محمد الدرة، مدرسة بحر البقر، مروة الشربيني، وتابع حاليا: مصرع المطربة اللبنانية، وتوقيع لاعب الكرة لأكثر من ناد، وتذكر قبلا: الوحدة العربية، الوحدة الفيدرالية، وحدة الصف، الاتحاد الكونفيدرالي (ده غير الاتحاد السكندري).
نحن إذن نرث التسرع والتطرف، التسرع في الحكم علي الأمور والتطرف الذي وصل لحد العقيدة، دون إعمال العقل أو سيادة الوعي أو حكم المنطق والتجربة والتاريخ، في صورة شطط ومبالغة لا حد لهما لذلك فالعدو أو الغريم أو المنافس يكسب ونحن نخسر.. ليس لقوته وإنما لضعفنا.. الفكري بالطبع، وكأننا لا نتعلم وكأن لدينا مناعة ضد الاستفادة من الخطأ وأخذ العبرة من التجربة.
نحن إذن نتكلم كثيرا.. ونعمل قليلا.. نناقش طويلا ونفكر نادرا.. نقرر في لحظة انفعال ثم نلغي القرار في لحظة انفعال أيضا.. ونخطئ في كلا الحالتين.. نحن إذن نتشنج: إما أبيض أو أسود إما ملاك أو شيطان.. حيث لا لون آخر.. ولا وجود لإنسان، والسيف والقلم والقرطاس تعرفني بس كده.. ودمتم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.