استحضرت حينما كلفتني اللجنة الاقتصادية بأمانة السياسات بالتنسيق لمجموعة عمل لإعداد مشروع بقانون للعلاقة بين المالك والمستأجر ضمن تكليفات السيد أمين السياسات بالحزب الوطني في بداية العام الحزبي 2005-2006، استحضرت مقولة عاقلة جدًا تقول إن في حياة البشر عقدين - عقد تجاري وعقد شرعي - العقد التجاري إذا لم يحدد بفترة زمنية فهو عقد باطل، والعقد الشرعي (الزواج) إذا تحدد له فترة زمنية فهو عقد باطل، إذ إن أبدية العقود التجارية ومنها عقد الإيجار لوحدة سكنية أو لأي غرض آخر هي عقود باطلة شرعًا وضد كل الأديان بما فيها البوذية والهندوسية وقد قامت مجموعة العمل التي تشكلت بجهد ضخم في وضع مشروع يتوافق مع الظروف الاجتماعية المصرية ووضعت نصب عينيها البعد الاجتماعي المصري وما مر به من حقبات زمنية منذ الحرب العالمية الثانية، وكذلك بعد ثورة يوليو وما صاحبها من قرارات وقوانين ضد ملاك العقارات ولصالح المستأجرين دون قصد إلا الحصول علي فرحة شعبية في كل مناسبة ثورية وكانت النتيجة ما وصلنا إليه من أزمات حادة في الإسكان، وقضينا علي أكبر قطاع استثمار عقاري خاص في البلاد وانتهي عصر لقب (من ذوي الأملاك) مع ألقاب الباكاوية والباشاوية وإن كان الأول هو داعم للاقتصاد الوطني الذي انهار بدوره!! وما يتم منذ الثمانينيات هو محاولات لإصلاحات اقتصادية في كل مناحي الحياة، وكانت خطوة تحرير العلاقة بين ملاك الأراضي الزراعية ومستأجريها إحدي خطوات الإصلاح العظمي التي أقدمت عليها الدولة بجرأة وكانت النتائج كما نراها اليوم لم يحدث فيها «ما يعكر الصفو العام» حيث إن الإصلاح اتجه نحو الحق ونحو تطبيق شرع الله علي الأرض وكانت أمانة السياسات بنفس مجموعة العمل قد أنهت مشروعًا آخر ناجحًا للاقتصاد وللعمران في مصر وهو قانون البناء الموحد الذي أخذ طريقه إلي الحكومة ثم إلي المجالس النيابية تمهيدًا لمناقشته وإقراره إن شاء الله في بداية الدورة البرلمانية القادمة! وحينما تعرضت في لقاء ببرنامج «مصر النهاردة» مساء الثلاثاء الماضي وكان الحديث عن الإسكان وارتفاع أسعار الوحدات السكنية، تعرضت لعدة قوانين وتشريعات حينما تخرج للحياة سوف تعود الأسعار إلي طبيعتها وتختفي وحشية الجشع، حيث يزداد العرض أمام الطلب، فنذهب إلي العثور علي لافتات شقة للإيجار يسعي أصحابها (لتبخيرها) وقراءة القرآن الكريم فيها حتي يجدوا مستأجرًا لها وهنا فقط مع لافتة للإيجار يمكننا القضاء علي أزمة الإسكان كما يمكننا تلبية خطة رئيس الدولة في توفير خمسمائة ألف وحدة سكنية خلال ست سنوات حسبما جاء في برنامج السيد الرئيس الانتخابي. إن قانون تحرير العلاقة بين المالك والمستأجر هو حق لهذا الشعب بطوائفه المتعارضة المصالح (مالك ومستأجر) فلا يصح إلا الصحيح، ولعل ما وصلني بعد إذاعة برنامج «مصر النهاردة» علي الهواء - من بعض الملاك الغلابة - شيء تدمع له العيون، وأخص بالذكر ما وصلني من السيد محمد أحمد إمام - طبيب بشري - حيث جاء في كتابه «أود أن أخبر سيادتكم بأن هناك مستأجرين قد غرتهم الحياة الدنيا إلي درجة تدمع لها العيون لما آل إليه حال أصحاب العقارات القديمة، وإليك ما حدث معي فقد ورثت أنا وأمي وأختي عن أبي «رحمة الله عليه» عقارًا به 10 شقق منها 6 شقق مغلقة لا يسكنها مستأجروها منذ أكثر من عشر سنوات وقد حاولنا أن نذكرهم بأن ما في أيديهم ليس من حقهم مع تدني الإيجار وعدم دفعه في موعده وعدم إقامتهم في هذه الشقق ولكن هيهات، وما أحزنني ما قاله أحد المستأجرين حينما تحدثت معه عن ترك الشقة ما دام لا يسكنها وقال إنه يحتجزها لابنه حينما يكبر ويتزوج ويسكن فيها (ابنه عمره خمس سنوات) علي سبيل المثال، واستطرد المستأجر قائلاً إنه يمتلك قطعة أرض في الشروق ويبني عليها فيللا - أما الشقة المؤجرة فهو حاجزها لابنه إن شاء الله لما يكبر - وأنهي الكاتب لي كتابه بأنه يدعو الله عز وجل هو وأسرته (أمه وأخته) أن يجعل هذا اليوم قريبًا (يوم خروج قانون العلاقة بين المالك والمستأجر) لتستريح قلوبهم ومن في مثل وضعهم المشين (وهم بمئات الآلاف من المصريين) بعدما لمست عصا الغلاء السحرية كل شيء في حياتنا إلا الإيجارات القديمة! وأنا من خلال هذا العمود أدعو زملائي في أمانة السياسات لأن نعمل بجد علي أن ندفع بمجموعة التشريعات التي يتمكن الوطن من خلال تطبيقها لإشاعة الحق والعدل بين الناس كذلك الوصول إلي تنمية اقتصادية فعالة في مجال العمران في المحروسة!