يشهد البيت الفني للمسرح حالة من النشاط المكثف خاصة بعد بدء مشروع "قمم مصرية" الذي اقترحه مؤخرا الدكتور أشرف زكي رئيس قطاع الإنتاج الثقافي والمشرف علي إدارة البيت الفني وبالفعل بدأ أول إنتاج للمشروع بالعرض المسرحي "يا ساكني مصر" تأليف يسري الجندي وإخراج سمير العصفوري وبطولة أشرف عبد الغفور ومحمود الحديني، العرض يؤرخ لحياة كل من أمير الشعراء أحمد شوقي وحافظ إبراهيم ومدي تأثيرهما علي الثقافة المصرية في عمل استعراضي موسيقي ضخم وقد سبق وعرضت المسرحية بمسرح مكتبة مبارك ثم مسرح الشباب والرياضة وأخيرا مسرح السلام، ومن المنتظر أن يستكمل العرض جولته بعد عودة مخرجه من أوروبا ، أما الإنتاج الثاني لهذا المشروع فسوف يكون بعمل عن «أم كلثوم» يخرجه الدكتور أحمد عبد الحليم وتأليف محفوظ عبد الرحمن وهو تأريخ لشخصية كوكب الشرق المؤثرة في الثقافة المصرية ، وأخيرا يختتم هذا المشروع إنتاجه بالعرض الاستعراضي الكبير "عشاق النيل" تأليف يسري الجندي وإخراج عبد الرحمن الشافعي وبطولة سلوي خطاب وكمال أبو رية وخليل مرسي وسامي مغاوري وغناء دنيا مسعود ، وقد تم الاتفاق علي إنتاج هذا العمل بالتعاون مع قطاع الفنون الشعبية ، وعن العرض وفكرة المشروع يقول المخرج المسرحي عبد الرحمن الشافعي: الفن وليد مناخه ولابد أن يعبر عن الحالة التي نعيشها فهو مرآة للواقع ، لكن للأسف هناك حالة متردية في الحياة الفنية كانت في حاجة لإيقاظ واستنارة ، ونحن كشعب نحتاج في الوقت الحالي لرفع شعار الانتماء، فكانت الفكرة كيف يتحول هذا الشعار لفعل حقيقي ، وهذا بالطبع لن يأتي من جهة واحدة بل كنا نحتاج لمشروع قومي مثلما أقام محمد علي نهضة عظيمة في فترة حكمه لم تكن هذه النهضة مقتصرة علي مجال واحد بل كانت في كل شيء ، لذلك أري أننا لابد أن نبدأ بالتعليم والثقافة والإعلام ، لأن كل الأجهزة المعنية ببناء الإنسان تحتاج للعمل في وقت واحد ويكون لديها فلسفة واستراتيجية لمشروع قومي ، ويضيف: الساحة الفنية حاليا أصبحت تقدم أعمالا متردية تافهة ورخيصة ، وهذه كارثة ، لأن الشعوب التي تبحث عن عمل نهضة تبدأ أولا بالثورة الثقافية وإذا كان المسرح أداة تنوير فكري واجتماعي فكان لابد أن تبدأ النهضة منه ودائما ما كنا ننوه كأعضاء بلجنة المسرح في المجلس الأعلي للثقافة بأن هناك أزمة مسرح لأن الجمهور هرب منه وكان تفكرينا دائما هو كيفية إعادة الجمهور للمسرح من جديد، فعلي سبيل المثال في مسرح برودواي حدث شيء مهم للغاية حيث أخذوا قصة "البؤساء" وقدموا العمل في كوميديا استعراضية ضخمة بعد أن قامت شركة الإنتاج بالاتفاق مع مؤلفين موسيقيين حولوا العرض إلي أوبرا غنائية ، فهذه هي نوعية الأعمال التي تأتي بالجمهور للمسرح لذلك كان مهما أن نبحث عن أشياء أخري تجذب المتفرج فكان اقتراح مشروع "قمم مصرية" الذي اقترحه الدكتور أشرف زكي مع ثلاثة مخرجين كبار ومؤلفين كبار يقدمون ثلاثة أعمال ضخمة وكنت أنا واحدا منهم. ويضيف: فيما يخص مشروعي "عشاق النيل" الذي سبق وقدمته في السبعينيات بعنوان "عاشق المداحين" كان في البداية مجرد أمسية فنية لمدة ليلة واحدة وفوجئنا أنها تعرض مدة 360 ليلة عرض ومثل العمل مصر في مهرجان قرطاج المسرحي ، فقررنا إعادة العمل من جديد ولكن بشكل وإطار فني مختلف لأنني كمخرج أعترف بأنني لن أستطيع إعادة الحالة التي حققها العرض من قبل لأسباب عديدة، أولا لأننا وقتها كنا مشبعين بفرحة نصر أكتوبر فكانت هناك حالة زهو قومي والتف الناس حولنا وقتها خاصة أن جمهور المسرح هو وليد حالته ومرآة لواقعه، لذلك حتي أعيد عرض "عاشق المداحين " بنفس صورته فلابد أن يكون الجمهور علي نفس حالته وهذا لن يتحقق، لذلك فكرت في تقديم العمل من زاوية مختلفة وجديدة تشغل المصريين حاليا وهي مشكلة "النيل" والاتفاقية التي عقدتها مصر مع دول الحوض، فسوف يناقش العرض قيمة النيل بالنسبة للمصريين ليس مجرد مياه فقط بل هو حياة وتكوين للشخصية المصرية، فهو قيمة تراثية وحضارية، فالعرض يناقش علاقة الإنسان المصري بالنيل من خلال استلهام حكايات من التراث المصري مثل سعد اليتيم وأيوب المصري وسيدنا موسي وأوزوريس وحسن ونعيمة، فهو كان أمينا دائما طوال رحلته مع هؤلاء ، لذلك اتفقت مع يسري الجندي أن نكتب الموضوع من خلال هذا الطرح الجديد. ويقول: سوف يكون هذا العمل باكورة الإنتاج المشترك بين الفرقة القومية للتراث "مسرح الغد" والبيت الفني للفنون الشعبية ، ومن المقرر أن نقدمه علي مسرح البالون في نوفمبر المقبل، بعدها سوف يبدأ العرض جولاته بالمحافظات المختلفة منها أسوان حيث سيتم افتتاح مسرح قصر الثقافة ثم بمعبد الكرنك بمدينة الأقصر بعدها سيذهب العمل للعرض علي دار أوبرا دمنهور ثم دار أوبرا الإسكندرية "مسرح سيد درويش" ثم محافظة الشرقية والمنصورة وهكذا.