خلال سحور في أيام رمضان الأخيرة مع عدد من الصحفيين والناشطين السياسيين، تطرق خلاله الحضور بالحديث لحال الصحافة والإعلام والعمل السياسي، طرح أحد الحاضرين سؤالاً علي سبيل المزاح: متي يشتري رئيس الوفد الدكتور السيد البدوي.. حزب التجمع؟ وبعد لحظة صمت سادت الجميع قال آخر: فعلا اقتراح وجيه، ويمكن للبدوي أن يفتح الحزبين علي بعض! السؤال والإجابة الساخرة لا يتعلقان بحزب التجمع وشخص رئيسه الدكتور رفعت السعيد، فهو صاحب توجه سياسي معين وبالطبع لن يتنازل عن حزبه ويحوله من اليسار إلي اليمين، لكن اتجاه عدد غير قليل من رجال الأعمال للجمع بين السلطة والثروة.. والسيطرة علي الإعلام في البلد، يجعل الأسئلة الافتراضية تكاد تلامس الواقع في ظل قراءة كل سيرة ذاتية لرجل أعمال علي حدة. فعلي سبيل المثال كان نجم السيد البدوي ساطعًا في الوفد في زمن رئيسه الأسبق نعمان جمعة، وأصبح الرجل الثاني في الحزب بحكم منصبه كسكرتير عام، وتولي في هذه الفترة ملف التفاوض مع الإخوان لمحاولة انتزاع دعمهم لترشيح جمعة لرئاسة الجمهورية عام 2005، ثم التنسيق بين الوفد والإخوان في الانتخابات البرلمانية التي جرت في نفس العام. لكن نجم البدوي سرعان ما انطفأ بعد الإطاحة بجمعة، وإجراء انتخابات جديدة جاءت بمحمود أباظة رئيسًا للوفد ومنير فخري عبد النور سكرتيراً عامًا، وأعاد البدوي في تلك الفترة بناء استراتيجية تساعد طموحه السياسي، بدأها بإنشاء فضائية الحياة التي انطلقت بقناة واحدة، ثم تعددت قنواتها، وساعد المال الإعلامي في إعادة النفوذ السياسي، فنجح البدوي في انتزاع رئاسة الوفد من أباظة. وبينما كان متوقعًا أن يركز البدوي أكثر علي إعادة بناء الوفد وتحالفاته، أطلق تصريحات مثيرة للجدل، مست قناعات الوفد الرئيسية، والمبادئ التي قام عليها هذا الحزب العريق، وأهمها ليبرالية الحزب وعلمانيته، وهوما جري تفسيره علي أنه قد يكون "السبت" الذي يقدمه البدوي للإخوان، أصحاب مشروع الدولة الدينية في انتظار "أحد" الإخوان في الانتخابات البرلمانية المقبلة. وبخطوات أكثر سرعة، اشتري البدوي مع مجموعة من المستثمرين جريدة الدستور، ذات التوجه القومي الناصري، المتحالف مع التيارات الدينية، ما يعني أنه جمع بين الليبرالية والقومية والناصرية والاتجاهات الدينية في حزب وصحيفة وقنوات فضائية، صانعًا بذلك امبراطورية إعلامية وسياسية، متعددة الألوان والهوي السياسي. ومع قراءة هذه الحالة "البدوية" يبدو السؤال الافتراضي والساخر عن شراء البدوي لحزب التجمع مناسباً للسيريالية السياسية التي صنعها الدكتور السيد البدوي.