إذا كان العالم لا يزال معجباً بقامات فكرية سامقة أسهمت في تطوره وفي تغيير مسار العلم فيه خاصة في مجال الفيزياء، مثل اسحق نيوتن ، وألبرت إينشتاين، فإن ستيفن هوكينج Steven Hawking (68 عاماً) يعتبر واحداً من هؤلاء الذين سيذكرهم التاريخ باعتباره أحد عباقرة القرنين العشرين والحادي والعشرين.. إضافة إلي ذلك، فإن خصائصه وتفاصيل حياته تجعل منه أسطورة غير قابلة للتكرار بسهولة. كان هوكينج طالباً عبقرياً في جامعة إكسفورد البريطانية العريقة، وعندما بلغ الحادية والعشرين من عمره أصيب بمرض عصبي مميت، اعتقد الأطباء أنه لن يعيش معه أكثر من عامين.. وقد جعله هذا المرض مقعداً تماماً غير قادر علي الحراك أو علي تحريك يديه.. ثم أصيب بمرض خبيث في حنجرته أفقدته القدرة علي النطق.. إضافة إلي عدم قدرته علي الاستماع.. وأصبحت وسيلته للاتصال بالعالم هو رموش عينيه فقط.. ولذا قامت شركة انتل للمعالجات والنظم الرقمية بتطوير نظام حاسوب خاص متصل بكرسيه يستطيع هوكينج به التحكم بحركة كرسيه والتخاطب باستخدام صوت مولد إلكترونيا وإصدار الأوامر عن طريق حركة عينيه ورأسه.. وعن طريق حركة العينين يقوم بإخراج بيانات مخزنة مسبقا في الجهاز تمثل كلمات وأوامر. وعلي الرغم من هذه المعاناة، وحالة الموات الظاهرة، استطاع هوكينج بعزيمة وعبقرية ناردة أن يصبح واحداً من أشهر علماء الفيزياء في العالم.. وفي الأشهر الأخيرة، أعلنت جامعة كامبرديج أن هوكينج مريض جداً.. وتم إيداعه المستشفي.. ورغم هذه الحالة المتردية ، أصدر هوكينج (بالاشتراك مع أستاذ بجامعة كالتك بالولايات المتحدة) في الأسابيع الماضية كتاباً عنوانه "التصميم العظيم The Grand Design"، وهو استكمال لنظرياته السابقة عن " نشأة الكون"، وعن "الانفجار العظيم" الذي نشأ منه وعنه الكون كما يظهر لنا، وكما نعيشه.. غير أن ما استرعي الانتباه في هذا الكتاب العلمي تلك الآراء التي تضمنها والتي تعبر عن قناعات هوكينج.. والتي لا أعتقد أنها ستحظي بأي قبول علمي، أو عقائدي، علي أي مستوي. يشير هوكينج علي سبيل المثال، إلي أنه "ربما يكون الله موجوداً غير أنه لم يتدخل في قوانين الكون.. فالكون تحركه قواعد علمية راسخة وليست مشيئة إلهية! وأن الإنسان لا يحتاج إلي نظرية دينية ليحيا، ولكنه يحتاج إلي نظرية علمية متكاملة".. ويشير هوكينج إلي أنه لا ينكر وجود الله ، ولكنه ينكر أن الله قد عدل أو بدل في القوانين العلمية المحركة للكون، حيث إن الكون لا يحتاج ، مع دقة قوانينه ورسوخها، إلي "خالق عظيم Great Creator" أو إلي رب لإدارته، فهو يدير نفسه بنفسه! السؤال الذي يلح علي خاطري: هل الشعرة التي بين العبقرية والجنون رقيقة إلي هذا الحد؟