صحيح أن حوادث انقطاع التيار الكهربائي واردة وتحدث في «أحسن العائلات» سواء كان ذلك بسبب عطل فني أو بسبب نقص في الموارد المالية كما حدث مؤخرًا في إحدي المدن الأمريكية. ولكن شتان ما بين التعامل مع الأزمة لدينا، ووسائلها لدي الآخرين وإذا نظرنا لتصريحات كبار مسئولينا بأن قطع التيار عن أحياء بالقاهرة والمحافظات تم بناء علي التعليمات الصادرة من مجلس الوزراء، وبأن قطع التيار الكهربائي العشوائي عن مناطق عدة بالمحافظة جاء من باب العمل بمبدأ «أن المساواة في الظلم عدل» سنجد أنفسنا مرة أخري في مواجهة عدو النجاح القديم في هذا البلد إلا وهو عشوائية صنع القرار وعشوائية التخطيط - هذا أن وجد - تخطيط بعيد المدي أصلاً - وقد كنا قد ظننا أننا ستصبح بمنأي عنه لدي تولي رئيس وزراء معروف ولعه باستخدام أحدث التقنيات وتكنولوجيا العصر. ولكن للأسف فإن الفشل في التعامل مع مشكلة حيوية ومهمة رغم بساطتها مثل انقطاع التيار الكهربائي مؤشر لا يدعو للتفاؤل، ولو كنت مكان الحكومة الذكية لفكرت في حل بسيط وسبق تجربته في مصر. لقد وهب الله مصر نعمة الشمس الساطعة طوال السنة، ويمكننا استخدام هذه الطاقة النظيفة والرخيصة فهناك أعمدة إنارة تعمل ببطاريات طاقة شمسية وبشكل تلقائي بحيث تضيء مصابيح الأعمدة تلقائيا فور حلول الظلام أو في حالة مرور غمامة أو عاصفة، وحسب علمي أيضا. فإن صيانة هذا الاختراع القديم البسيط غير مكلفة، بل يمكننا تصميمه ليس فقط في إنارة الطرق وانارة القاهرة ومحافظات مصر دون الحاجة إلي مد أسلاك، بل يمكن تشجيع المواطنين علي المستوي الخاص، لاستخدام الطاقة الشمسية لاسيما في المدن الجديدة والتوسعات السكانية وذلك بتخفيض الضرائب العقارية بنسبة كبيرة للمنازل التي تبني وتزود أسطحها ببطاريات تعمل بالطاقة الشمسية لتشغيل الأجهزة الكهربائية وتسخين المياه والإنارة بل ومد استخداماتها للمشاريع الصغيرة، جنبا إلي جنب مع مصادر الكهرباء الاعتيادية، ومع خطوات حقيقية وعملية لترشيد استهلاك الكهرباء بل والمياه، ولكن في إطار مناسب وذكي وليس بحرمان المواطن من خدمات حيوية أو أساسية. يكفي أن نعرف مثلا لجوء المحال التجارية الأمريكية مؤخرًا إلي استخدام تقنيات بسيطة في ثلاجات التبريد وإنارتها، بحيث تظل بلا اضاءة حتي اقتراب أحد منها حينها تضيء تلقائيا، كما طورت وبسرعة لمبات توفير الكهرباء فكل عدة أشهر نجد منتجاً جديداً موفر بدرجة تصل للضعف للطاقة وهكذا. إن إدارة الأزمات بات علمًا يمكن الاستفادة منه لتحويل الأزمة إلي نجاح، وفي نموذج أزمة التيار الكهربائي الحالية التي وصلت إلي صحف أمريكية نشرت مؤخرًا أخباراً حول شوارع القاهرة المشهورة تاريخنا بأضوائها وقد فقدت الشهرة مؤخرًا. نجد في هذا النموذج امكانية نجاح حين توظف حكومتنا الذكية جهودها لتوفر بطاريات الطاقة الشمسية بسعر مناسب لعموم الناس، وهي تقنية نرجو أن يتم توفيرها كمنتج محلي، ولكن يخشي أن يكون ثمن الاعتماد علي الطاقة البديلة النظيفة فيه تشجيع لصناعة البطاريات الشمسية في إسرائيل التي تسعي لاحتكار تصنيع هذه التقنية البسيطة لذا فمن المهم أن تتدخل الدولة وتحاول الحكومة الذكية توفير ألواح الطاقة الشمسية بسعر مناسب ويمكنها أيضا حماية المستهلك وحماية خزانة الدولة إذا ما أوكلت للمصانع الحربية مهمة تصنيع هذه التقنية البسيطة بأيدي خبراء مصانعنا الحربية المعروفين بكفاءتهم وبذلك يمكن الوفاء باحتياجات سوق واعد ليس فقط في مصر بل في دول المنطقة التي حباها الله كمصر شمساً ساطعة علي مدي أيام العام فقط نريد شيئاً من الثقة بأنفسنا وبقدرتنا علي إدارة الأزمات. * مديرة مكتب روزاليوسف فى واشنطن