في كلمته بمراسم انطلاق المفاوضات المباشرة بين اسرائيل وفلسطين- طالب الرئيس مبارك الإسرائيليين باغتنام الفرصة الحالية، بمد أيديهم لتلاقي اليد العربية الممدودة إليهم بالسلام. وقال الرئيس انه يتطلع مثل الملايين من الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي وشعوب الشرق الأوسط والعالم إلي أن تكون المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين مفاوضات نهائية وحاسمة تفضي إلي اتفاق سلام بين الجانبين في غضون العام. أضاف الرئيس مبارك انه لا يدرك قيمة السلام كمن عرف الحروب وويلاتها، قال : لقد شاءت الأقدار أن أكون شاهد عيان علي أحداث منطقتنا في سنوات الحرب والسلام. خضت معارك الشرق الأوسط وحروبه، وشاركت في مسيرة السلام منذ اليوم الأول. لم أدخر جهدا للدفع بها إلي الأمام.. ولازلت متطلعا لاكتمالها ونجاحها. أحسست من نبرة الحديث التركيز علي القيمة الإنسانية للسلام، وإعلاء الرغبة والأمل في نبذ العنف والحرب التي لم تقدم للمنطقة سوي الدمار والرغبة الكامنة في الانتقام، ربما يكون المدخل الإنساني للمفاوضات حافزا لجميع الأطراف علي المضي قدما في استخلاص اتفاق عزيز المنال تطارده المنطقة والأطراف المسئولة فيها منذ أكثر من نصف قرن . الفشل الذي تكرر يحلق فوق المفاوضات، والأطراف الرافضة للمفاوضات تغذي التطرف وتبث اليأس في النفوس وتشيع جوا من الأسي والحسرة علي الأيام التي مضت في مفاوضات فاشلة لم تحقق شيئا في نفس الوقت لم يقدموا بديلا سوي الوهم باستخدام القوة واشاعة الارهاب حتي يتحقق المراد فتترك اسرائيل المنطقة هربا بجلدها من المناضلين الأشاوس . ربما تبدو الفكرة براقة لدي بعض الحالمين، لكن في الواقع الذي نعيش فيه لا تستطيع الشعوب انتظار مالا يأتي الي الأبد، لذلك يتحتم علي القيادات الواعية أن تتحمل مخاطر المزايدة عليها وتسفيه تحركاتها حتي يتحقق المفيد للشعوب وتسقط المزايدات الجوفاء . معركة المفاوضات المباشرة الحالية لا تقل ضراوة عن الحرب الساخنة وتتطلب تحركا علي نطاق واسع خارج غرف التفاوض في عملية اختراق واسعة ومنظمة للجمود والمقاومة لفكرة السلام العادل داخل اسرائيل حيث أدت الدعاية والترويج للافكار المعادية للسلام الي صعود حكومة الليكود المتشددة التي تعاني حاليا من مقاومة داخل الحكومة نفسها لأي اتفاق مع الفلسطينيين، وهو الأمر الذي يهدد تلك الجولة من المفاوضات التي يعتبرها البعض مفاوضات الفرصة الأخيرة . في محاولة لاختراق السياج المتطرف الذي يحيط بالرأي العام الاسرائيلي، نشر موقع صحيفة هاآرتس الإلكتروني منذ أيام علي رأس صفحته الرئيسية إعلاناً مصوراً، يتضمن دعوات من قبل قيادة السلطة الفلسطينية لحث الجمهور الإسرائيلي علي دعم توجهاتها بشأن إقامة دولة فلسطينية إلي جانب إسرائيل. ركزت الأحاديث التليفزيونية لثلاثة من قيادات السلطة الفلسطينية التي تضمنها الإعلان، علي أهمية دعم المشروع الفلسطيني للسلام، حتي لا تضيع فرصة تسوية قضايا الحل النهائي ومواجهة عقبات في المستقبل، تزامناً مع بدء المفاوضات المباشرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي في واشنطن. ودعا كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات الجمهور الإسرائيلي للدخول في شراكة مع الفلسطينيين لتحقيق حل الدولتين، الذي اعتبره "ممكناً وسيتحقق". وقال باللغة الإنجليزية مترجمة كتابةً إلي العبرية "لا نصنع لكم معروفاً، لكننا نقوم بذلك لمصلحتنا، وليست هناك إمكانية دون حل الدولتين، فالدولة الفلسطينية يجب أن تقوم بسلام وأمن إلي جانب دولة إسرائيل، وهذا ما سيكون، نريد أن تنضموا إلينا وتكونوا جميعا شركاءنا، من أجل إنقاذ حياة الفلسطينيين والإسرائيليين". في نفس السياق حذر أمين سر اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه، من تفاقم المخاطر المحدقة بمسيرة السلام إذا مضي الوقت دون الاستفادة من الفرصة المتاحة حالياً، مؤكداً أن إمكانية تحقيق السلام واردة مع انطلاق مسيرة التفاوض مؤخراً. إن جوهر عملية السلام هو إنهاء الاحتلال، وهدف مفاوضات السلام بين الطرفين هو الاتفاق علي آليات انهاء الاحتلال، وانهاء الاحتلال يعني في نهاية الأمر سحب المستوطنين .. ولو بعد مائة عام، لهذا فان مخاطبة الشعب الاسرائيلي وان كان ذلك يسبب ضيقا لكثير من الناس يعتبر أمرا ضروريا لمساعدة الحكومة الاسرائيلية علي عبور عتبة السلام علي جناح الخطاب الانساني الذي يتجاوز المواقف المتطرفة.