بينما أكد الرئيس باراك أوباما في احتفالية افتتاح المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين ما سبق أن قاله من قبل حول أن أمريكا لا تستطيع فرض حل علي الطرفين، فإنه قال أيضًا كلاما، يعطي انطباعا مختلفا، حينما أكد أن بلاده لن تسمح لهذه المفاوضات أن تفشل.. أي أنها يتعين من وجهة نظره يجب أن تنتهي باتفاق فلسطيني إسرائيلي وحل يقبله الطرفان. ومعني هذا الكلام أن الراعي الأمريكي يري أن دوره لم ينته بعد بمجرد اطلاق المفاوضات المباشرة ونجاحه في جذب الفلسطينيين والإسرائيليين إلي مائدتها.. وإنما ثمة دور آخر يدخره لنفسه ليضمن نجاح هذه المفاوضات أو حمايتها من الفشل. لقد سبق أن قال المبعوث الأمريكي السيناتور ميشيل ومن بعده وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون أن هذه مباحثات ثنائية الطابع، أي ليس من الضروري أن يتواجد دائمًا وفي كل لقاء ممثل أمريكي.. ولكن هذا لا يعني أن واشنطن سوف تكتفي بدور المتابع لما يدور من مفاوضات وجدل ومناقشات بين المتفاوضين.. وفي كل المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية السابقة كانت واشنطن موجودة.. موجودة بطرح الأفكار والحلول الوسط، ولتقريب المواقف، وتجاوز الخلافات.. بل إنها كانت موجودة حتي في مستوي الصياغات اللفظية لهذه الأفكار حتي تضمن أن تنال رضا وقبول الجانبين. وهذا يشير إلي أن الراعي الأمريكي سيكون حاضرًا وبقوة في هذه المفاوضات الجديدة لأن حضوره وحده هو الذي يضمن للرئيس أوباما حمايتها من الفشل. وفي المقابل يجب أن يكون الحضور العربي قوميًا أيضًا في هذه المفاوضات لأننا نعرف سلفا أن واشنطن لا تتخذ موقفا وسطا بين الطرفين المتفاوضين، بل إنها أقرب للطرف الإسرائيلي من الطرف الفلسطيني، وأكثر استعدادًا للاصغاء لمخاوفه وشكوكه ومطالبه، أي أكثر استعدادًا للتساهل معه، وأكثر حرصًا علي أرضائه. ولعل هذا ما يدركه الرئيس مبارك، ولذلك كان واضحا وهو يقول في كلمته خلال احتفالية افتتاح المفاوضات المباشرة إن مصر سوف تظل تساند بقوة الفلسطينيين حتي يحصلوا علي حقوقهم، ويقيموا دولتهم المستقلة علي حدود 1967 وعاصمتها القدسالشرقية.. وكان واضحا أيضًا وهو يقول للإسرائيليين إنه لا يمكن الجمع بين السلام والاستيطان، لأن الاستيطان تأكيد للاحتلال واغتصاب الأرض، بينما السلام السبيل الوحيد لتحقيقه هو إنهاء الاحتلال. ولذلك.. فإن مسئولية الراعي الأمريكي ستكون أمام اختبار الآن مع بداية المفاوضات المباشرة.. فإذا كان أوباما لن يسمح لهذه المفاوضات بالفشل، فإنه يجب ألا يسمح بما يؤدي إلي حدوث هذا الفشل، ويجب أن يمنع ما يهدد هذه المفاوضات، وهو الاستيطان. لقد لوحظ أن كلمة نتانياهو في الاحتفالية خلت من تكرار الحديث عن الاستيطان أو عن بقية القضايا الخلافية الأخري، وربما يكون ذلك سببًا في التعديل البروتوكولي الذي تم علي الاحتفالية، حيث تحدث فيها علي غير ما كان مرتبًا من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي والرئيس الفلسطيني.. لكن الأكثر أهمية أن يقرن نتانياهو الفعل بالكلام.. أي تتوقف حكومته عن الاستيطان عمليًا.