"سكينة محمد اشتياري" سيدة في الثالثة والأربعين من عمرها . اتهمت بقتل زوجها وخيانته . تمت تبرئتها من القتل ،وجاء اعترافها بالزني غصبا ، وتراجعت عن هذا الاعتراف أمام القضاة، كان القضاة خمسة وافق ثلاثة منهم علي إدانتها، ولم يستجيبوا لطلب الرحمة منها . ومادام ثلاثة من خمسة وافقوا فالحكم بالأغلبية، سكينة لا تعرف الفارسية، فهي من الأقلية الأذرية التي تتحدث التركية، ومن ثم فالحوار بينها وبين القضاة دائما منقوص كما يقول محاميها محمد مصطفوي . وبصرف النظر عن هذا النقصان، فالمسألة هي في الرجم كعقوبة، هل يتفق هذا مع ما وصل إليه الإسلام والمسلمون من تطور ؟ وهل حدث في أي بلد مسلم أن تم تطبيق عقوبة الرجم من قبل ، اللهم إلا في حكم طالبان لأفغانستان . ذلك الحكم الذي لم يعرف العالم عنه شيئا إلا بعد سبتمبر 2001 . عرفنا كيف انفرد هؤلاء بشعب أفغانستان .فرجموا وقصوا الرقاب ،ومنعوا النساء من الأطباء الرجال، فمات الآلاف منهن لعدم كفاية النساء الطبيبات .الموضوع الآن مطروح في كل الدنيا، وفي فرنسا بالتحديد حيث نادت كارلا زوجة الرئيس ساركوزي الناس للاحتجاج ،ودعتهم إلي الخروج لاستنكار هذه العقوبة التي لم يعرفها أحد من قبل . كما دعت الحكومة الفرنسية الحكومات الأوروبية لتشديد العقوبات علي ايران للتوقف عن هذه العقوبة . انا هنا لا يهمني أن تعاقب ايران أو لا تعاقب ،وارجوكم لا يقول أحد أن هذا شأن إيراني وما دخل الفرنسيين فيه؟ لانه في الحقيقة شأن إنساني . بمعني هل الرجم عقوبة مناسبة لهذا العصر ؟ الأصل في القانون هو ان تكون هناك عقوبة لكن شكل العقوبة يختلف من عصر إلي عصر ،ومن زمان إلي زمان. وعقوبة الرجم وغيرها مثل قطع الأيدي لا تناسب مع الشوط الكبير في التقدم الذي قطعته البشرية . إنها عقوبات كانت تتناسب مع عصرها ولم يكن ممكناً أبدا أن ينص الشرع في بداية الإسلام علي الحبس والغرامة ،لأن هذه طرق جديدة للعقاب ظهرت فيما بعد. وكان أحد أسباب ظهورها ازدياد حجم الناس في المجتمعات ،ومن ثم ازدياد عدد المجرمين ،وخروج الناس من مجتمعات البداوة المحدودة ، إلي المدن الكبري والدول والأمم . أخشي أن يحدث ذلك الرجم ،ويهلل نفر منا بانتصار الاسلام في ايران، وضرورة تطبيق الرجم في المجتمعات الأخري شيعية وسنية ،ويصبح هدف المسلمين من الحياة هو الرجم في ذاته، بينما طرق القصاص العصرية لا تنتهي . إيران بهذا الحكم تسيء إلي نفسها ،وإلي الاسلام والمسلمين ،وأرجو ألا يرفع أحد شعار تدخل الغرب في بلاد الاسلام ،لأن الأمر هنا هو الاحتجاج علي هذا الشكل من العقاب الذي لا يتفق مع العصر كما قلت . فرنسا وأوروبا نفسها كانت يوماً ما مكانا للعقوبات غير الإنسانية مثل الحرق، لكنها تخلصت من ذلك مع ثوراتها من اجل الحرية والديمقراطية ، وإيران بهذا الحكم تعيدنا إلي عصور الجهالة والتخلف، وتسيء للإسلام والمسلمين، علي النساء في كل مكان الاحتجاج قبل الرجال . . ولايقول أحد من الشيعة أني اكتب ذلك لأنني سني ومصري وبين مصر وإيران ما بينهما من خلاف سياسي أو ديني ، فأنا حتي الآن لا أفهم شيئا من هذا الخلاف .ولايقول أحد أن هذا حديث الليبراليين والعلمانيين دائما ، فكل الحركات الإسلامية المتطرفة هي في الأصل صناعة غربية ،وعلي رأسها طالبان، فهي صناعة امريكا ومخابرات باكستان ، في إطار الحرب ضد الاتحاد السوفييتي. كما ان الجماعات الإسلامية في مصر صناعة ساداتية امريكية سعودية في إطار نفس الحرب . والخوميني الثائر جاء من فرنسا ،وليس من السعودية مثلا او مصر ،وتقاعست أمريكا أو خابت في نصرة الشاه ، ثم تخلت عنه تماما .هذه الحركات كلها تحولت فيما بعد إلي ثورات وانقلابات علي من صنعوهم . وكانت من قبل ترفع راية الإسلام في مواجهة الشيوعية ولم يكن لائقا ان تتخلي عن راية الاسلام في حربها الجديدة .ألم تجمع الراية المسلمين حولها ؟ وهل اسهل من الدين تأتلف حوله الشعوب .وهكذا راحت تبحث عن انتصار سياسي وحكم سياسي للدول والشعوب . ولابأس اذا تمكنت كما حدث في افغانستان ،أن تطبق الحدود التي تراها من الاسلام ،وهي ليست كذلك ،لتشعر الجميع بالرعب الذي كان يليق بشعوب قبلية متخلفة يصعب السيطرة عليها . سكينة محمد اشتياري ستكون بداية فاضحة للفهم الخاطئ الذي ساد عن الاسلام بعد هذا الإرهاب الذي استشري في العالم ضد الابرياء والمدنيين . الاسلام والمسلمون يصنعون أعداءهم كل يوم، وهذه المرة لوحدث الرجم سترتفع صورتنا كبشر من الهمج في كل مكان . وستزداد هذه الصورة سوادا حين يهلل البعض بعظمة ايران التي تطبق حدود الإسلام .!!!!