فرض الله عز وجل الصيام علي خلقه ليوصلهم إلي التقوي التي هي استقامة النفوس وانضباط السلوك، ولكن للأسف مع دخول شهر رمضان تظهر عادات سيئة وسلوكيات عوجاء لدي بعض فئات المسلمين، والمؤسف أكثر أن هذه العادات ارتبطت بشهر الصيام غالبا، ومن هذه السلوكيات ظاهرة التسول بمد الأيدي إلي الناس وطلب أموالهم دون وجه حق في الشوارع والمساجد والأماكن العامة، ولا شك أن هذه العادات تتنافي مع الصيام، بل يتبرأ منها الإسلام. فقد حث الإسلام علي العفة والقناعة وحذر من السؤال ومد الأيدي إلي الناس، والطمع في أموالهم واتخاذ التسول مهنة وحرفة للتكسب والعيش، ومن النصوص التي حرمت التسول وحثت علي العفة ما يلي: 1- قال النبي صلي الله عليه وسلم: الآن يأخذ أحدكم أَحْبُلَه, فيأتي بحزمة من حطب علي ظهره, فيبيعها فيكف بها وجهه خير له من أن يسأل الناس أعطوه أم منعوه. 2- وقال أيضا: ألا تزال المسألة بأحدكم حتي يلقي الله وليس في وجهه مُزْعَة لحم. 3- وقال أيضا: امن سأل الناس أموالهم تَكَثُّرا فإنما يسأل جَمْرا فليستقل أو ليستكثر. فهذه النصوص تبين لنا أن العمل مهما كان حقيرا فهو أفضل من سؤال الناس، وطلب المساعدة منهم. وكما توجهت النصوص السابقة بالنصيحة والتحذير للمتسول، فإن هناك نصوصًا أخري تخاطب الأغنياء وتوجه أصحاب الأموال كيف يتعاملون مع التسولوألا يستجيبوا للسائل إلا إذا تبين أنه محتاج، فعن عبيد الله بن عدي بن الخيار قال: أخبرني رجلان أنهما أتيا النبي في حجة الوداع وهو يقسم الصدقة فسألاه منها فرفع فينا البصر وخفضه فرآنا جَلِدَين فقال: إن شئتما أعطيتكما, ولا حظ فيها لغني ولا قوي مكتسب. وقال: الا تحل الصدقة لغني ولا لذي مِرَّة سويب. وبعد فينبغي علي هؤلاء المسلمين أن يعلموا - علينا أن نعلمهم - أن رمضان ليس شهر تكسب الأموال بالتسول والانشغال بذلك عن الذكر والصيام وقراءة القرآن لترقية النفس وتهذيب السلوك والوصول إلي تقوي الله عز وجل. د.مصطفي نوارج إمام مسجد الخازندار