جفاف تام .. تشهده أراضي مطروح خاصة المنطقة الواقعة بين النجيلة والسلوم التي يعتمد 70 % من سكانها بشكل اساسي علي الزراعة والرعي .. فلا حياة للبدو بدون هذين العنصرين حيث ينتظرون موسم الحصاد لسداد ديونهم واتمام زواج ابنائهم والوفاء بالتزاماتهم. إلا ان الواقع المرير الذي تشاهده علي جانبي الطريق الساحلي في ظل جفاف مساحات شاسعة من مزارع التين المحصول الرئيسي في هذا الموسم، يدعو الي القلق في ظل انخفاض انتاجية جميع المحاصيل بداية من الطماطم والفول ومروراً بالقمح والشعير واخيراً الزيتون والتين بسبب قلة الامطار التي هبطت عن المعدل الطبيعي الذي يقدر ب 140 مليمتر سنوياً لتصل الي 50 مليمتراً فقط خلال العشر سنوات الاخيرة. هذا الجفاف لم يطل المحاصيل فقط بل امتد للمراعي الطبيعية التي ظلت متمسكة بالصدارة كأكبر مساحات للرعي في مصر بعدد رءوس اغنام وماعز وماشية وصل الي 150 الف رأس إلا انها توشك علي فقد صدارتها بعد ان اضطر الكثير من المربين الي وقف نشاطهم خاصة مع زيادة اسعار الاعلاف وخلو الاراضي من العشب مما ادي الي انخفاض الثروة الحيوانية بالساحل التي كانت "الاغنام البرقي" سمة مميزة له في السنوات الماضية. وإن كان التنفيذيون والشعبيون في النجيلة قد بدأوا في البحث عن حل للمشكلة يتمثل في حفر نحو 150 بئراًَ علي اعماق تتراوح بين 60 الي 90 متراً بحثاً عن المياه الجوفية لري ظمأ اراضي المدينة إلا ان الفكرة قوبلت باعتراضات تؤكد ان هذه الآبار تتسبب في تصحر الاراضي. وبات المزارعون في حيرة شديدة للاختيار بين حفر تلك الآبار لزيادة انتاجية اراضيهم او الحفاظ علي هذه المساحات وعدم تعرضها لخطر التصحر. عبد الكريم عبد القوي عضو مجلس محلي النجيلة قال ان اراضي المركز التي تصل مساحتها الي 54 الف فدان تعاني من الجفاف الشديد في الوقت الذي تنخفض فيه كمية الامطار عاماً تلو الآخر مما اصبح يهدد النشاط الزراعي الذي يعتمد عليه ابناء المدينة. ويضيف "عبد القوي" أن كثيراًَ من المزارعين لجأوا للتنسيق مع الوحدة المحلية للمدينة الي حفر آبار لاستخراج المياه الجوفية وري اراضيهم وإنقاذ المحاصيل من التلف بعد ان تكبدوا في العام الماضي خسائر كبيرة جراء انخفاض الانتاجية. وأشار عبدالله محجوب رئيس المجلس المحلي للمدينة الي ان المحافظة تعاني من مشكلة المياه الجوفية بسيوة التي زادت بمعدلات كبيرة واصبحت تهدد بغرق الواحة فيما تعاني اراضي باقي المدن علي الساحل الغربي من قلة المياه مطالباً بدراسة مد خطوط مياه من الواحة الي النجيلة او حفر ترعة تنقل المياه الي هذا الساحل للقضاء علي الخطر الذي يداهم الواحة والجفاف الذي تتعرض له الأراضي. أما اللواء احمد محرم رئيس مدينة النجيلة فأكد ان تجربة الآبار الجوفية اثبتت نجاحها في الاشهر الماضية خاصة مع قضائها علي مشكلة الجفاف وعطش الآراضي مشيراً الي انه يتم دراسة توفير اعتمادات اضافية لزيادة عدد الآبار بالمنطقة. من جانبه .. أوضح الدكتور نعيم مصيلحي مدير مركز بحوث الصحراء وتنمية موارد مطروح ان الامطار شهدت تذبذبًا شديدًا في المعدلات والتوزيع خلال الثلاث سنوات الماضية مما ادي الي انخفاض حصاد الامطار الي 5 ملايين متر مكعب من المياه في الوقت الذي يحتاج فيه الاهالي والاراضي الي 8 ملايين . وأشار الي انه تم تنفيذ عدة برامج لتنمية الوديان التي تصل مساحة الاراضي في دلتاواتها الي 50 فداناً موضحاً ان البرامج اسفرت عن تطوير 60 % من هذه الوديان عن طريق تدعيمها بسدود تهدئه ونشر وتوزيع. وأضاف مدير المركز ان انخفاض انتاجية المحاصيل يرجع الي العديد من العوامل ومنها عوامل انجراف التربة والاستخدام السيئ لها وقلة الامكانيات المتاحة لاستصلاح الاراضي بدلتاوات الوديان. واوضح ان المركز يخدم 170 الف مواطن يعيشون في المدن وتجمعات الصحراء مشيراً الي انه تم حفر 8 آلاف بئر منذ عام 1994 . وعن العقبات التي تواجه عمل المركز .. قال "مصيلحي" ان العائق الاساسي يرجع الي نقص التمويل خاصة أن المركز الذي يعمل في مساحة 15 الف كيلو متر تمثل 3.6 مليون فدان يقوم بدراسات لاقامة مشروعات سنوية لتنمية الوديان وحفر الآبار تقدر تكلفتها بأكثر من 10 ملايين جنيه يحصل منها علي 5 ملايين فقط كميزانية. ولفت مدير المركز الي ان المركز يعتمد خطه لتطوير 200 بئر تخزين مياه في العام إلا ان العدد ينخفض الي 100 بئر فقط بسبب قلة الموارد لافتاً الي ان اراضي الساحل تحتاج الي 300 بئر علي الآقل سنوياً حتي تصل الي درجة الاكتفاء الذاتي بعد 10 سنوات. وأكد ان الاراضي دمرت خلال العامين الماضيين بعد البدء في حفر الآبار الجوفية التي تتسبب في تعرض المساحات لخطر التصحر.