نشرت جريدة "الأهرام" يوم الأحد الماضي خبراً بصفحة (الحوادث) يقول إن اللواء إسماعيل الشاعر (مساعد أول وزير الداخلية لقطاع أمن القاهرة) قد قام بتطبيق القانون علي المدخنين المفطرين في شهر رمضان وإحالة سائقين إلي النيابة عندما لاحظ سير سيارتين ميكروباص متجاورتين بمنتصف الطريق، ويقوم قائداهما بتبادل السجائر بالتناوب بينهما من شباك السيارة. وهو القرار الذي يعود في الغالب إلي عصر الرئيس السادات. وفي العدد نفسه من جريدة "الأهرام" قرأت خبراً يقول إن شرطي مرور تابعًا لسلطة حكومة حماس المقالة قام بسحب رخصة سائق بسبب مخالفته لقوانين المرور، ثم اقترح شرطي المرور علي السائق أن يقوم بالاستغفار 1000 مرة مقابل إعفائه من رسوم المخالفة المرورية وقيمتها 50 شيكلا (حوالي 13 دولارًا)، وإعادة رخصة السيارة المسحوبة منه.. بعد أن استغفر السائق علي مسبحة أعطاه إياها الشرطي. لست مع (المجاهرة بالإفطار)، ومع المجاملات الإنسانية الرقيقة بين الأصدقاء والجيران. ولكني في الوقت نفسه أرفض أن يتم تقنين (صيام) أي مواطن مصري بالقانون والعقاب.. فالصيام هو قرار شخصي.. يعبر بالدرجة الأولي عن علاقة كل إنسان بربه بشكل شخصي. وأعتقد أنه لا يمكن أن نجبر أي مواطن علي (الصيام).. لأنه ببساطة دور المؤسسة الدينية من جانب، كما أنه لا يمكن ترك الأمر بهذا الشكل الذي يمكن أن يتم استغلاله بشكل خاطئ من البعض الذي يترقب لكل ما يحدث في مصر من جانب آخر. ولقد كنت أتمني من مساعد وزير الداخلية أن يحول سائقو الميكروباص إلي النيابة لتعطيلهمًا المرور ولقيامهم (بفعل) لا يجوز القيام به في الطريق العام، وهو السير متجاورين بشكل يعطل سير المرور. يرتبط الخبر السابق بخبر ما حدث في غزة عن طريق شرطي المرور الذي قرر أن يخلط بشكل واضح بين ما هو ديني وما هو سياسي، أو بمعني أدق بين ما هو إيماني وما هو تنفيذي وإداري. خاصة أن الشعب الفلسطيني يطلق علي حكومة حماس المقالة وصف (الحكومة الربانية).. من باب السخرية بسبب ما تقوم به من فرض العديد من القرارات ذات الصبغة الدينية الإسلامية حسب تفسير حماس لها. فضلاً عن اعتبار أن شرطي المرور هو بمثابة المفوض الحماسي لفرض الدين الإسلامي. إن المشترك بين الخبرين هو فكرة أن يقوم الجهاز التنفيذي بفرض ما هو ديني بقوة القانون، وهو ما يمكن أن يتسبب في حالة من شيوع تطبيق الدين من وجهات نظر مختلفة عن صحيح الدين.. لأن مرجعية صحيح الدين تعود إلي المؤسسة الدينية سواء كانت مشيخة الأزهر الشريف أو دار الإفتاء أو وزارة الأوقاف بشكل مباشر، وليس لغيرهم. لا شك أن الدين هو عنصر أساسي ضمن مكونات الشخصية المصرية، ولكن الأهم أن يكون أساس هذا المكون هو صحيح الدين بعيداً عن التسييس أو التوظيف لأهداف أخري غير تطبيق صحيح الدين.