إذا أ ردت معرفة كيف تنصهر الشعوب وحضارتها في بوتقة الانسانية فانك ستري ذلك في المطبخ الهندي فهو من المطابخ المعروفة بتقنياتها العالية والمهمة في استخدام عشرات الأنواع من التوابل والمطيبات والخضار الطازجة، ولهذا ربما تضم الهند أكبر عدد من النباتيين في العالم. ويقال إن 35 في المائة من الهنود نباتيون وأقل من 30 في المائة يأكلون اللحوم. ومع هذا فإن المطبخ الهندي من أكثر المطابخ المتنوعة في العالم، وينقسم إلي عدة أقسام جغرافية، حسب المناطق والأقاليم، وحسب التقسيمات العرقية. ومن المعروف جيدا أن الأفكار الدينية والفلسفية التقليدية، لعبت دورا كبيرا في تطور المطبخ الهندي. وقد تمكن المطبخ الهندي لبساطته من التأقلم مع الكثير من مطابخ الشرق الأوسط والقارة الأسيوية. وقد استلهم الطباخون الهنود الكثير من الأفكار الغربية أثناء الوجود البريطاني واستوعبوها في مطبخهم من دون أي ضجة. فالطماطم والفلفل الأحمر الحار والبطاطس والقرع من العناصر الغذائية الجديدة التي تبناها الهنود من العرب والإيرانيين والأوروبيين لاحقا واعتبروها جزءا لا يتجزأ من طعامهم اليومي. ويبدو أن الهجرات الكثيرة التي كانت تحدث بين شتي الأقاليم ومع البلدان المحاذية عبر التاريخ لعبت دورا كبيرا في إغناء المطبخ الهندي، حيث أصبح في بعض المناطق مزيجا من مطابخ أخري امتزجت مع بعضها البعض لتحصل علي هويتها الجديدة. كما ساهم التنوع الجغرافي والبيئي أو الزراعي في الهند أيضا في إغناء المطبخ الهندي وإعطائه مواصفاته الحالية الخاصة بالتنوع (من ناحية المواد والمكونات)، إذ مكن الطباخ من خيارات لا تحصي ولا تعد. وبدأ مشوار المطبخ الهندي كما يبدو منذ 7000 سنة قبل الميلاد، مع استخدام السمسم والباذنجان. وبعد ذلك تم إدخال حب الهال ونبتة التورمريك (Turmeric) التي يستخدم مسحوقها لمنح الأطباق لونها الأصفر - البرتقالي الجميل، والفلفل الأسود الحار والخردل. وفي القرن السادس قبل الميلادومع الوقت،، تحول الكثير من الهنود، بسبب انتشار الفلسفة الهندوسية ولاحقا البوذية، إلي نباتيين، وتم لأسباب دينية وفلسفية تقسيم المواد أو الخضار أو الأطعمة إلي أقسام محددة تعتمد علي تأثيرها علي الجسم والعقل.