الفلفل .. الحيرة بين البارد والحار وسحر الألوان

لا تعرف مملكة النبات مثل الفلفل فيما يبدى من صفات يجمعها التناقض.
أنواع منه مختلفة قد لا يمكن حصر عددها. ألوان تتدرج وتتنوع فى عرض مدهش بين الأسود والأبيض وكل ما بينهما من أخضر وأحمر وأزرق وبنفسجى وأصفر وبرتقالى. أشكال تتبارى فى مواصفات جمالية منها ما هو استدارة محببة أو انبعاج مثير للدهشة أو قرون لامعة قانية الحمرة أو داكنة الخضرة. إذا انتهينا إلى المذاق فإنه أيضا بين البارد والحار وإذا ذكرنا أشهر استخداماته فى كل مطابخ العالم على اختلاف ثقافاته لزادت حيرتنا فحباته هى ثمار نبتة الفلفل الذى قد نراه بين الخضراوات ونعامله كأحد أنواع التوابل والبهار!
الفلفل نبات له تاريخ. يقال إن أمريكا اللاتينية أول بلاد العالم التى تنبهت لأنواعه واستخداماته وأن كريستوفر كولومبس قد عاد به إلى إسبانيا بعد رحلته الشهيرة حول الكرة الأرضية. ومن إسبانيا والبرتغال انتشر إلى قارات العالم كلها.
ينطبق على الفلفل نظرا لتنوع ألوانه ما ينطبق على المعروف حديثا من فائدة الألوان والصبغيات فى الفاكهة والخضراوات. بشكل عام تتميز الفواكه والخضراوات بمحتواها من الألياف التى تغيب عن المنتجات الحيوانية والألبان وغياب الكوليسترول الذى يحضر بقوة فى الأطعمة الحيوانية المصدر ومنها منتجات الألبان والبيض. تتميز أيضا بقلة سعراتها الحرارية وغناها بالمعادن والفيتامينات الأمر الذى ينسحب على الفلفل أيضا.
أما أهم ما يميز الخضراوات والفواكه إلى جانب الألياف والمعادن والفيتامينات فهى تلك الصبغيات النباتية التى تتجلى فى تلك الألوان البهيجة المتعددة التى تزهو بها ويعتبرها العلم حديثا سلاحا داعما لمناعة الإنسان فى مواجهة أخطار السرطان وأمراض شرايين القلب والمخ فما بالك إذا اجتمعت منها باقة ملونة فى الفلفل.
غنى الفلفل بالألوان يقابله فقر مرغوب فى الطاقة لكل من يرغب فى إنقاص وزنه وتثبيته فمائة جرام من الفلفل لا تمنح إلا عشرين سعرا حراريا ينفقها الإنسان فى صعود ثلاثة طوابق.
الفلفل خصوصا ما يعرف بالرومى غنى بالماء الأمر الذى يجعل منه دافعا للعطش مرطبا للجسم فى الصيف خاصة إذا ضمه طبق السلاطة مع الخيار.
الفلفل أحد مصادر الألياف المعروفة بغناها خصوصا بالسيليلوز والهيموسيليا، الأمر الذى يساهم فى انتظام حركة الأمعاء والوقاية من الإمساك. إلى جانب المعروف من فائدة الألياف فى احتجاز الكوليسترول ومقاومة امتصاصه من الأمعاء.
يحتوى الفلفل عددا من المعادن منها البوتاسيوم والماغنسيوم والفسفور والحديد والكالسيوم والمنجنيز والنحاس وكلها معادن تشترك فى العديد من العمليات الحيوية التى تدفع باتجاه عمليات التمثيل الغذائى نحو البناء فى مواجهة الهدم.
الفلفل مصدر غنى بمحتواه من فيتامين (ج). مائة جرام من الفلفل الطازج غير المطهو تمد الجسم بضعف ما يحتاجه يوميا من فيتامين «ج» الأمر الذى يجعله مرغوبا تماما فى فصل الشتاء للوقاية من أمراض البرد.
لفيتامين «أ» حضور قوى فى ثمرة الفلفل. بيتا كاروتين المصدر الطبيعى لفيتامين «أ» عند إنتاجه فى جسم الإنسان ينتمى لمجموعة الفلافونيد المضادة للأكسدة والمعروفة بمقاومتها لفعل الشوارد الحرة الناتجة عن العمليات الحيوية فى الجسم والمسئولة عن مظاهر الشيخوخة التى تترك بصماتها على معالم الوجه وتبدو فى تباطؤ حركة الإنسان.
يحتوى الفلفل على نسب أقل من فيتامينات أخرى مثل فيتامين «ب» أيضا فيتامين «ك» وما له من أثر على سيولة الدم ونمو العظام.
لا تقف حدود المذاق الحار عند إضفاء النكهة على الطعام. يرجع ذلك المذاق إلى وجود مادة الكابسكيوم Capsicum خاصة فى الفلفل المكسيكى الحار Chili Peper بل يتعداه إلى فوائد عديدة رصدها الإنسان منذ بداية اكتشاف الفلفل منها أنها تخفف عوارض البرد من احتقان الأنف والقصبة الهوائية كما أنها تحفز المعدة على إفراز أحماضها وتسهم فى زيادة نشاطها. أيضا تسهم فى زيادة نسبة سيولة الدم الأمر الذى قد يحمى من تكوين الجلطة فى أى شرايين القلب والمخ.
رغم أن نوع الفلفل «كايان» هو أشهر الأنواع إذ يعد أكثرها قوة إذا ما تحدثنا عن المذاق الحار «المقياس وحدة تسمى سكوفيل» ويستخدم فى المطبخ التركى إلا أنه يستخدم بكثرة فى الهند وبريطانيا فلا يخلو منه طعام هندى تقريبا إلا الحلوى رغم أنه يستخدم فى تخليل المانجو.
الفلفل الحار المعروف فى الشرق الأوسط من نوع الجلابينو من أصول مكسيكية ويتميز بقرونه الخضراء القصيرة الممتلئة بالعصير حار المذاق الذى يضفى مذاقا خاصا على الأكلات الشعبية خاصة الكباب فى قبرص واليونان ولبنان وفلسطين ومصر.
الفلفل بكل ألوانه وأنواعه البارد منها والحار إضافة ملونة يجب ألا يفتقدها طعامنا.