سمير الفيل: الكتب أكثر من المكتبات بعد مرور عشرين عاما علي مشروع قومي، استهدف أن تكون فيه "القراءة للجميع"، وأن يكون للأسرة مكتبة، أن تنشر عبره الأفكار روائع الأدب العربي وتفتح نوافذ علي الإبداع العالمي، بعد مرور هذه السنوات العشرين وإصدار آلاف العناوين وملايين الطبعات، نحتفل مع القائمين علي المشروع بمرور عشرين عاما، ومع الاحتفال رأينا أنه لابد من وقفة، يضع فيها كتابنا ومثقفونا أيديهم علي إيجابيات وسلبيات المشروع، عبر مجموعة من الحوارات، ننشرها تباعا. سمير الفيل: الكتب أكثر من المكتبات أكد الروائي سمير الفيل أن مشروع القراءة للجميع قدم للقارئ كُتاباً لم يكن من السهل التواصل معهم وتحدث عن «المهرجان» راصدا أهم مميزاته التي أثرت في الحياة الثقافية، وأبرز ثغراته التي تقلل من فعاليته، وذلك من موقعه ككاتب يعيش في مدينة دمياط، بعيدا عن العاصمة. من وجهة نظرك، ما أبرز الأسماء التي قدم المشروع أعمالها؟ - قدم لنا المهرجان كتبا جيدة، وشمل أسماء لم يكن من السهل الوصول لكتبها مثل محمد المخزنجي، وجار النبي حلو، والمرحوم محمد عفيفي مطر، وفاروق شوشة، وسعيد الكفراوي، لكن منع من وصول المشروع للكمال وقلل من نسبة نجاحه هو دخول عاملي الصداقة والشللية، التي تلعب دورا كبيرا في اختيار الأعمال، وهو ما جعلنا لا نجد أعمالا مهمة لكتاب كبار مثل عبد الفتاح الجمل، وعبد الحكيم قاسم، ومحمد الراوي، ويوسف فاخوري، كلها أسماء غير معروفة، ولكنها مهمة. ما نوعية الكتب التي يحتاج المشروع للتركيز عليها أكثر؟ - الكتب العلمية، فهناك قلة في الكتب ذات الصبغة العربية، التي تبسط العلوم للنشء، وتقدم المعاني بصورة ميسرة، وبشكل عام أري أن هناك جانبا آخر غريبا، يستحق النقد هو ما قاموا بالإعلان عنه تحت اسم المليون الكتاب، التي يفترض أن تقدمها هيئات حكومية مختلفة، كهيئة الاستعلامات، والمجلس الأعلي للشباب، المشكلة هنا أن التركيز يكون علي الكم لا الكيف، فال60 مليون نسخة التي تم الإعلان عن طبعها خلال المهرجان، منذ بدئه وحتي الآن، ليست جميعا بذات القيمة، ومن هذا الرقم قد لا تجد أكثر من 30% منها قيم. هل تري أن عدد المكتبات كاف لأن تكون القراءة للجميع؟ - لقد أنشأ مهرجان القراءة للجميع العديد من المكتبات الجديدة في المدن والقري، إلا أن الكتب لا تزال أكثر من المكتبات، وحتي المكتبات الحالية تحتاج للمزيد من التحديث، أكثرها أصبح قديما، مثل مكتبة دمياط العامة، التي لم تحدث من فترة طويلة ولم يدخلها كمبيوتر حتي الآن، سلسلة مكتبات "مبارك"، رغم الأموال التي أنفقت عليها، تعاني هي الأخري من العديد من المشاكل، أبزرها عدم إمدادها بالكتب الجديدة أولا بأول، وعدم خضوعها لخطة واضحة، لذا أطالب بدعم هذه المكتبات بكتب جديدة، وأن يكون هناك لجان لشراء واقتناء كتب ليست ضعيفة ومتوسطة القيمة كالتي أراها الآن. كيف تري التعاون بين المشروع ومؤسسات النشر الرسمية؟ - نحتاج مزيدا من التعاون مع الهيئة العامة للكتاب، فيما يتعلق بسلسلة الجوائز، وطبع الأعمال الكاملة كما حدث مع ديستوفيسكي، كذلك التعاون مع المركز القومي للترجمة، ودمج سلسلة قطر الندي، الصادرة عن هيئة قصور الثقافة، ضمن المشروع. ما أبرز المشكلات التي تري أنها تعوق المشروع؟ - من أصعب المشكلات التي تواجه المشروع، ما قام به الراحل الدكتور ناصر الأنصاري من إلغاء البروتوكول المبروم بين هيئة قصور الثقافة ومشروع القراءة للجميع، الذي كان يسمح بطبع 24 كتابا في السنة، من أعمال كتاب وأدباء الأقاليم، فالأقاليم بها كتاب كبار لا يعرف عنهم أحد شيئا. ومن أبرز السلبيات أيضا، التوزيع غير العادل، ففي دمياط مثلا لا تأتينا الكتب التي تذهب للقاهرة والإسكندرية تحديدا، ومثلنا باقي المحافظات، وهو ما يمكن العمل عليه بسهولة من خلال إتاحة نسخ إلكترونية علي شبكة الإنترنت من الكتب، فالعالم كله حاليا يتجه لتوفير نسخ إلكترونية من الكتب علي شبكة الإنترنت، بالإضافة لحاجة الأدباء والمثقفين لتواصل أكثر مع المسئولين عن المشروع أثناء زيارتهم للمحافظات. وماذا عن اقتراحاتك لتطوير المشروع؟ - أقترح عمل مسابقات للكتاب الجدد تحت سن الأربعين، الفائز منهم يتم طباعة أعماله، لضخ دماء جديدة في المشروع، ولا يقتصر الأمر علي الكتاب الكبار، بالإضافة لضرورة أن يكون شكل الكتاب جذابا وممتعا، ويمكن الاستعانة بتجربة هيئة الكتاب، التي كانت تختار لوحات لفنانين تشكيليين مصريين وعالميين، وتعرف بهم علي غلاف الكتاب من الداخل. كما أطالب بإعادة إحياء فن القصة القصيرة، من خلال إعادة طبع أعمال كبار كتاب القصة القصيرة، مثل جمال الغيطاني، وبهاء طاهر، ويوسف إدريس، وغيرهم، فيجب أن يكون هناك توازن بين الفنون، الرواية والشعر والقصة القصيرة. وبعد مطالبته بدمج مكتبات المدارس في المهرجان، عاد الفيل واستدرك قائلا: إنها بكل أسف غير مؤهلة لذلك، فهي تعاني في السنوات الخمس الأخيرة من إهمال شنيع، اللجان المعنية باختيار الكتب لها غير مثقفة، تجلب كتبا في منتهي الضعف، غير مناسبة إطلاقا، تمثل خطرا علي التلاميذ لأنها تضعف عقولهم، وأناشد وزير التعليم أن يعطي قليلا من اهتمامه لمكتبات المدارس، التي تكاد تكون صفر، بعدما كانت تزخر قديما بكتب كامل كيلاني، وأحمد نجيب، وغيرهما من الأعلام، لذا أنتجت قارئا جيدا، وكانت المكتبات أشبه بخلية نحل، بدلا من حالها البائس الحالي، حيث الروتينية، والأمر أقرب لسد خانة.