في عام 2001، وقبيل سنوات من الحادثة العنصرية المؤلمة - الفارقة في المانيا بمقتل المسلمة المحجبة (مروة الشربيني) لمعت في ذهن الألمان فكرة رائعة عبر وزارة الخارجية الألمانية لإغلاق الهوة المعرفية والمعلوماتية والحوارية (الغربية - الإسلامية)، وسوء الفهم عن الإسلام والمسلمين وثقافتهم ومعتقداتهم بإطلاق موقع «قنطرة» للحوار الإسلامي www.qantara.de ، لمد جسور الحوار بين العالمين الاسلامي والغربي. ونظرا لأن الألمان مشهورون بالتريث المميت في اتخاذ القرارت فقد انطلق الموقع قبيل وقوع الحرب الأمريكية علي العراق في 2003 بأيام قليلة. وبمرور 6 سنوات من تجربة قنطرة الذي يشرف عليه المركز الاتحادي للتعليم السياسي bpb ودويتشه فيله DW ومعهد جوتة GI، ومعهد العلاقات الخارجية ifa، وقد التقيت في هذا الحوار ب(لؤي المدهون) في القاهرة قادما من برلين وهو مسئول الموقع ومدير تحريره وهو فلسطيني (من يافا) دارس للاقتصاد والعلوم السياسية بالمانيا.. فكان اللقاء كما يلي: بمرور 6 سنوات علي إطلاق "موقع قنطرة " من داخل القلعة الألمانية، كيف تصف تجربتكم؟! - قنطرة موقع إلكتروني يهدف للتعمق في صورة المسلمين والتعمق في: (التواصل مع الآخر فهمه، وتقبل سماعه حتي لو اختلفنا معه). وقد هدفنا إلي تقديم مادة صحفية قوية علي الإنترنت تكون مقنعة للأوروبيين وللعالم الإسلامي بشرط عدم التجريح. في البداية انطلقنا بثلاث لغات هي الألمانية والإنجليزية والعربية، وفي 2007 اهتم الرئيس التركي عبدالله جول (وزير الخارجية في وقتها) بعمل مبادرة مع وزير الخارجية الألماني ليمول صفحة خاصة داخل الموقع لتنطلق اللغة التركية كلغة رابعة في الحوار الإسلامي الغربي. والآن وبعد 6 سنوات علي انطلاق قنطرة لدينا قناعة بإعادة تشكيل الموقع بمعني إعادة الطرح بلغة خامسة وقد فكرنا: هل ننطلق بالفرنسية أم الفارسية لكننا وجدنا أن أكبر لغة بعد العربية تتحدث عن العالم الإسلامي البعيد عن قلب العالم العربي هي الاندونيسية (الإسلام الاندونيسي) التي تتحدث بها اندونيسيا وماليزيا خاصة وأن اندونيسيا لديها نخبة مفكرة من صناع الثقافة الحقيقيين. نجد الآن مجموعة من المواقع الإلكترونية علي مستوي العالمين العربي والغربي تهتم بفكرة مد جسور الحوار بين الحضارتين أو بين الديانتين المسيحية والإسلامية فما الذي يميز قنطرة عن الآخرين؟! نحن ننقل وجهة النظر الغربية ونقارنها بوجهة النظر الإسلامية، لذلك ستجد أننا علي الموقع في نقاش دائم، فمثلا نحن نطرح تجربة الكنائس في أوروبا (بعدما كانت تقود الحكم في العصور الوسطي، واصبحت الآن موجودة ولا تحكم). والسؤال المطروح الآن هل يمكن ان يسير هذا التطور في الدول العربية والاسلامية كما يسير في تركيا؟! موقع قنطرة يطرح تجربة أوروبا في فصل الدين عن الدولة.. في نفس الوقت الذي تنادي به اصوات عديدة في اوروبا الي عودة قبضة الكنيسة الي " الحكم" مما يعني انكم تنادون بتجربة لم تكتمل ارهاصاتها؟! نعم التجربة لم تكتمل ولن تكتمل فاوروبا لها عدة آراء منها ما يدعو للاستمرار في فصل الكنيسة عن الدولة ومنها ما يدعو لعودة الكنيسة الي الدولة. إذن كيف نستنسخ تجربة لم تكتمل؟! لن نستنسخ أي تجارب لكننا سنناقش مع المفكرين الإسلاميين، هل يمكن أن نستفيد من تجربة الكنيسة في النهضة الأوروبية أم أن نظرتنا إلي الإسلام وعلاقته بالحياة السياسية لا تحتاج إلي إصلاح. مع التأكيد أن موقع قنطرة ليس "إمام" أو "منظر" أو "أيديولوجي" إنما نحن ملتقي للمفكرين من جميع الأطياف عملا بمبدأ التنوع والاختلاف variety and diversty فمثلا تجد عندنا طارق رمضان حفيد حسن البنا والمقيم في فرنسا يكتب عندنا رغم اعتراض البعض علي ارائه كون البعض يعتبره ليبراليا مجددا والبعض الآخر يراه اصوليا متخفياً. في ضوء حالة الحوار التي تهدفون اليها مع العالم الغربي ماذا قدم موقعكم في هذا الصدد.. وهل تستطيع أن تقول إنكم اجتذبتم الرأي العام هنا وهناك أم أنكم تقيمون حوارا للنخبة في كلا الطرفين؟! - الحقيقة أن قنطرة موقع نخبوي وسيظل كذلك، فقارئ قنطرة لا يتأثر بالصحافة الشعبوية التافهة ويتعرف علي واقع وعوالم الدول الإسلامية دون تزييف، فاهم ما يميز موقعي هو المصداقية في النقل بين الشرق والغرب وهو ما نتعامل معه بمهنية شديدة لننقل الواقع للطرفيين ولنعمل حواراً داخلياً ايضا اسلامياً اسلامياً، لذلك كان للموقع دور في تصحيح العديد من الصور النمطية عند الغرب، فالوطن العربي ليس تكتلاً واحداً، كما ان المشاكل التي يعاني منها الغرب هي نفسها التي يعاني منها الشرق وقد كان نقل افكار العديد من المفكرين الإسلاميين اثر واضح في تصحيح بعض المفاهيم. ودعني اقل لك اننا الموقع الوحيد الذي ينقل الفكر الايراني بحيادية فلايوجد لدينا اي توجهات . وغالبا ما نتعاون مع صحفيين مهنيين ولهم خبرة طويلة ولانلجأ للتجارب فلدينا 160 صحفياً علي مستوي العالم. بالمناسبة لماذا تقدمت أوروبا وظلت محافظة علي تفوقها وتقدمها بينما الدول العربية لم تقم من جديد بعد تأخرها؟! - لأن أوروبا قادرة علي النقد الذاتي، فالحضارة الغربية ترتكب أخطاء لكنها تعرف كيف تنقذ نفسها وكيف تتعامل معها وساعطيك مثالا بالفيلسوف الألماني جونتر جراس الذي يمارس النقد الذاتي الإيجابي للغرب. وقد كنت اتمني بعد حادثة الرسوم الكاريكاتيرية الدنماركية ألا نقع في الفخ والا نرد بغباء كما حدث مع بعض المحررين، فالواقع ان قوي سياسية دنماركية قامت بعد 6 اشهر من النشر(حيث لم يشعر احد وقتها بشيء) بارسال الصور الي المساجد لتستفز المسلمين. وقد قامت الحكومة الدنماركية بالتحقيق وجاءت نتائج التحقيق انهم ارتكبو اخطاء فادحة ولكن في الديمقراطية صعب علي رئيس الجمهورية ان يمنع كل شيء.