احتشد نحو 1500 شخص في مدينة دريسدن الألمانية لتأبين الشهيدة المصرية مروة الشربيني التي قتلت قبل عشرة أيام في قاعة محكمة المدينة على يد متطرف يميني ألمانيا من أصل روسي. وفي الوقت ذاته ، احتج المحتشدون ضد العنصرية والعداء للأجانب اللذين يقفان وراء حادث مقتل مروة عن 31 عاما والذي وقع في الأول من يوليو الجاري. وقال السفير المصري في ألمانيا رمزي عز الدين رمزي يوم السبت في دريسدن إن مواطنته مروة الشربيني راحت ضحية الكراهية العمياء والتعصب. وطالب نبيل يعقوب عضو مجلس الجاليات الأجنبية في دريسدن بمواجهة التطرف و"عدم السماح لبذوره بأن تنبت". كما حث فرانس مونتفيرينج رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي صناع القرار السياسي على الرد على مقتل مروة بما يتناسب من الإجراءات السياسية ، وقال : "علينا أن نعمل على حظر نشاط المتطرفين والمتعصبين وألا تتاح لهم الفرصة مرة أخرى ليتشكلوا داخل أحزاب". وأكد مونتفيرينج أن ألمانيا حزينة على فقدان مروة ، وأن مقتلها يدعو للحرص بشكل أكثر على أن يصبح التعايش بين أصحاب جميع القوميات والأعراق والأديان ممكنا ، ودعا مجلس الجاليات الأجنبية في دريسدن والكنيسة وبلدية المدينة لهذا التأبين. وأصدر الادعاء الألماني أمرا بالقبض على المتطرف الألماني ذي الأصل الروسي والبالغ من العمر 28 عاما وذلك بتهمة القتل. وقال كريستيان أفيناريوس المتحدث باسم ادعاء مدينة دريسدن إن المتهم بقتل الشربيني ظهر معاديا للأجانب في المحاكمة الأولى له قبل عدة أشهر مؤكدا بذلك تقريرا لمجلة فوكوس الألمانية. وأشار الادعاء إلى أنه لن يعلن عن أي تفاصيل خاصة بقضية مقتل مروة الشربيني قبل عدة أشهر من الآن ، وأن المحاكمة ستبدأ نهاية عام 2009 أو مطلع عام 2010. وفي تصريح لوكالة الأنباء الألمانية يوم السبت قال جيرت ماكنروت وزير العدل بولاية ساكسونيا التي تتبعها مدينة دريسدن : "سنفعل كل ما في وسعنا من أجل محاكمة الجاني في أسرع وقت ممكن". وقال نبيل يعقوب ممثل مجلس الجاليات الأجنبية في دريسدن إن مروة الشربيني دافعت بشجاعتها الأدبية عن كرامة المرأة المسلمة من خلال إيمانها بدولة القانون. ورفع مشاركون أجانب وألمان في حفل التأبين لافتات تحمل شعارات مثل : "نحن ضد الإرهاب" و "أوقفوا التحريض ضد الإسلام" ثم وضع بعض المسئولين وعلى رأسهم مونتفيرينج والسفير المصري ورودا بيضاء أمام صورة الدكتورة مروة الشربيني. كما شارك العشرات من الطلبة الإيرانيين السبت أيضا في وقفة احتجاجية أمام مبنى السفارة الألمانية في طهران للتنديد بما بسموه ب"المعاملة السيئة للمسلمين في ألمانيا". وأعرب المتظاهرون عن إدانتهم لمقتل مروة داخل إحدى قاعات المحكمة في مدينة دريسدن الألمانية قبل عشرة أيام. وكان عدة مئات من الإيرانيين قد نظموا أيضا يوم الجمعة مسيرة حزن في طهران احتجاجا على طريقة تعامل السلطات ألألمانية مع جريمة قتل المواطنة المصرية المسلمة. وردد المتظاهرون هتافات بسقوط ألمانيا ، كما تقدمت حكومة طهران باحتجاج رسمي إلى الحكومة الألمانية على هذه "الحادثة اللا إنسانية" ن وطالبت إيران في خطاب الاحتجاج حكومة برلين بضمان حقوق جميع الأقليات بما فيها المسلمون. كما استدعت الخارجية الإيرانية السفير الإيطالي في طهران للاحتجاج على موقف مجموعة الثماني لعدم اتخاذها موقفا بشأن الحادث. ومن ناحية أخرى ، أدانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بشدة العداء للإسلام وللأجانب. وقال متحدث باسم ميركل إن المستشارة أعربت عن تعازيها الشخصية للرئيس المصري حسني مبارك في لقاء على هامش اجتماعات مجموعة الثماني في لاكويلا بإيطاليا. وأكد وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير لنظيره المصري أحمد أبو الغيط أن ألمانيا ستقوم بكل ما في وسعها من أجل الحيلولة دون تكرار وقوع هذه الجرائم في المستقبل. وكتب شتاينماير في خطاب لأبو الغيط "نعمل على أن يشعر كل فرد في ألمانيا بالأمن بغض النظر عن جنسيته أو دينه". وحمل المتظاهرون الإيرانيون أيضا نعشا رمزيا أمام جامعة طهران ومضوا به إلى ميدان فلسطين في قلب العاصمة الإيرانية. وكان مقتل مروة الشربيني قد أدى إلى إثارة موجة استياء واسعة في أوساط المسلمين داخل ألمانيا وفي وطنها الأصلي مصر. واتهم الكاتب المصري الشهير علاء الأسواني في مقالة نشرتها جريدة "زود دويتشه تسايتونج" الغرب بازدواجية المعايير حيث اهتم الإعلام الغربي بمقتل الفتاة الايرانية ندا أثناء المظاهرات الأخيرة في طهران فيما تجاهل مقتل مروة الشربيني. وتتهم الجمعيات الإسلامية في ألمانيا الحكومة الألمانية بعدم اتخاذ الإجراءات اللازمة لمكافحة "العداء ضد الإسلام" ، فيما ترفض الحكومة هذه الاتهامات وتؤكد اهتمامها بمحاربة موجة العداء للاسلام ورفضها أي تجاوزات في هذا الصدد. وحث المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على إظهار مساندتها للمسلمين وإدانتها للعداء للأجانب في ألمانيا في ضوء مقتل المواطنة المصرية مروة الشربيني في قاعة محكمة دريسدن الألمانية على يد متطرف يميني ألماني من أصل روسي قبل نحو عشرة أيام. وقال أيمن مزيك الأمين العام للمجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا في حديث مع صحيفة "تاجز شبيجل أم زونتاج" التي تصدر الأحد : "على الرغم من أن المستشارة و وزير خارجيتها فرانك فالتر شتاينماير قد أطلقوا تصريحات يشجبون فيها مقتل مسلمة في محكمة دريسدن الرئيسية إلا أن على ميركل أن تتوجه مباشرة للمسلمين الذين يبلغ عددهم أربعة ملايين في ألمانيا وشجب جريمة القتل التي وقعت بدوافع عدائية للإسلام لأن الخوف من الإسلام موجود للأسف منذ وقت طويل في بلدنا (ألمانيا) سواء بشكل مبطن أو صريح". ورأى مزيك أن جريمة قتل المحجبة المصرية مروة الشربيني التي كانت ترافق زوجها المبعوث في مهمة علمية في ألمانيا قد كشفت بعدا جديدا فقط لهذا العداء. وذكر شهود عيان أن المتطرف الألماني طعن مروة الشربيني 18 طعنة بالسكين أمام أعين القضاة والحضور وجرح زوجها. وكانت محكمة سابقة قد قضت العام الماضي بتغريم المتطرف - 28 عاما - ماليا بعد أن وصفها بالإرهابية أثناء تواجدها مع طفلها في أحد الملاعب المخصصة للأطفال.