محمود محيي الدين يكتب عن والده صفوت محيي الدين مع أبي في المغارة كل من المقرر أن ينشر المقال التالي ضمن الملف الذي أصدرته «روزاليوسف» أمس عن الأب.. تحت عنوان «حضرة المحترم أبي».. لكن الدكتور محمود محيي الدين أرسل مقاله متأخرًا بعد أن انقضي الوقت.. علي الرغم من أنه يعمل عليه منذ عدة أيام.. وبقدر ما نتفهم مشاغله.. وبقدر ما نقدر ما جاء في مقاله.. وبقدر ما أثلجت صدورنا ردود الأفعال التي تلقيناها علي الملف المفعم بالمشاعر والمملوء بالقيم- فإننا نوجه الدعوة إلي كل من يريد أن يكتب عن تجربته مع أبيه لكي يقدم من خبرته الشخصية إلي قراء «روزاليوسف».. ذلك أننا ندرك أن العلاقة بين الأب وأبنائه تعبر عن تفاعلات عميقة وصادقة.. وهي المنبع الأول للخبرات سواء كان صاحبها من المشاهير أو من القوم العاديين.. فلكلٍ تجربته ولكلٍ ما تعلم من أبيه.. وفي ذلك فإننا نري أن هذا العمل الصحفي ذا الوجه الإنساني يمثل نوعًا من الحوار بين الأجيال ويرسخ قيم العائلة المصرية.. ويؤكد الترابط وينقل المعارف بين مختلف فئات المجتمع.. وكما نحا الدكتور محيي الدين علي مقاله فإننا نرحب بأي إسهام يرغب من يريد في أن يقدمه.
«جملة رجال في رجل واحد» عندما يأتي ذكر أبي في جمع من الناس، أو يحل بخاطري منفرداً، أراني وقد تركت المكان الواقع والزمان الحاضر إلي ما يرجع بي إلي ثري كفر شكر الذي واري جسده، وإلي ذكريات مر عليها من السنوات والأحداث ما مر، ولكنها حية يقظة وكأنما مر عليها عشية أو ضحاها. فقد حاولت أن أعوض نفسي عن فقدان أبي، وأنا في السابعة عشرة من عمري، باستعادة ومراجعة ما جمعني به من ذكريات ومواقف وعظات. وكانت جلساتي معه منذ طفولتي المبكرة وكأنها دروس مكثفة عن تجربته في الحياة، يمليها بيقين الراحل سريعاً، الذي يخشي ألا يسعفه الزمن في إنجاز ما يسعي إليه، وكثيراً ما كان يختم حديثه ممازحاً، أو مستحثاً، بمقولة قرأها في عبقرية العقاد عن الإمام علي رضي الله عنه "أسألوني قبل أن تفقدوني"، أما الفقدان فقد حدث لا ريب، وظلت الأسئلة كثيرة معلقة دون مُجيب يثق المرء فيه، فلا شيء يعدل ثقة الابن في أبيه. رجل الخير كان أبي طبيباً، تخصص في مجال التحاليل الطبية، ولكنه كان شغوفاً بالأدب والتاريخ، ومارس الزراعة وبرع فيها، فأدار حديقة الموالح التي كانت الأعلي إنتاجية في عهده، وأشرف علي مزارع أخري لأفراد من الأسرة، بما في ذلك أصهاره عندما توفي الله عائلهم كعدد غير قليل من أبناء الأسرة، كان مولعاً بالعمل السياسي، وإن كان طموحه مُنصباً علي الخدمات العامة لأبناء بلدته، فأسهم في تحويل قريته إلي مدينة ومركز، وأدخل فيها الإنارة ومياه الشرب، وأسس عدداً من المدارس والمشافي والمساجد، وقام بما استطاع به من خدمات لإتاحة فرص العمل وعلاج المرضي. وكان أول عمل لي في حياتي، بعد إجادة معقولة للقراءة والكتابة، هو المساعدة في تصنيف طلبات، تقدم له كنائب عن كفر شكر، في حقائب وملفات يحملها معه إلي المعنيين في المحافظة في بنها والوزارات في القاهرة لكي تنجز. وكانت سعادته الكبري عندما ييسر الأمر لطالبه فيبعث له مهنئاً بما تم. طبق الفنجان وكثيراً ما يذكرني ممن عاصروه، أو أبناؤهم، بزيارة لهم في دورهم كان يقوم بها وأنا معه متعلقاً بعصاه أو بطرف جلبابه، وكانت الأحاديث في شئون شتي تمتد إلي أوائل الليل أو أطراف النهار، وأنا أغالب النوم باحتساء ما يسمح لي من القهوة تصب في طبق الفنجان، وليس الفنجان نفسه فهذا حكر علي الكبار. وأذكر أن أبي كان بي رفيقاً، لا يؤنبني أو يؤدبني في جمع من الناس، وإن أخطأت فكان إغلاق باب حجرته علينا فيه الكفاية من التوجيه بما يستوجب. وإن كنت ناسياً، فلن أنسي يوم أن نهرني وهو يضغط علي يدي اليمني بقوة ،أكاد أشعر بها الآن، من واقعة كنت أحسبها يسيرة وكنت لم أتجاوز التاسعة من عمري وقتها. فما حدث هو أن اتفق صبية من أبناء النادي في القاهرة أن نلعب كرة القدم، واختلفنا في كيفية تقسيم أعضاء الفريقين، هل الأهلي ضد الزمالك؟ فكان "الأهلاوية" وقتها أغلبية لا تسمح بمناصفة، هل مصر ضد دولة أخري؟ فاحترنا في أسماء أحد اللاعبين الأجانب، في وقت كانت المعرفة بهم في عام 1974 محدودة. درس الوحدة الوطنية فتفتق ذهن أحدنا بأن نلعب مسلمين ضد مسيحيين ... هكذا. فراقت الفكرة للبعض منا، واتفقنا أن يكون موعد اللقاء في صباح اليوم التالي، فقد تأخر الوقت وأوشك الظلام أن يحل. وذهبت إلي أبي طالباً الذهاب مرة أخري للنادي وأحطته علماً بأهمية المباراة وأطرافها، وكانت الطامة الكبري .. وانطلق صوته الجهوري معنفاً، ومحذراً، ومانعاً لي من الذهاب إلي النادي. وأمسك بيدي بقوة، كادت تفتك بها، ملقناً لي درساً كرهت لعب الكرة بسببه لسنوات. ولم يكتفِ بمنعي من الذهاب إلي النادي، بل اتصل بأصدقائه من الآباء أن يمنعوا هذا العبث الصبياني ... فكان. ثم تابع الأمر بعد أيام، وكأنها قضيته الكبري، داعياً لمباراة يختلط فيها أعضاء الفريقين، علي اختلاف ديانتهم، وأن يكون التنافس علي اعتبار آخر. لم يأخذ أبي هذا الأمر علي محمل الخفة أو لعب الصغار، ولكن علي ضرورة اجتثاث بذور الفتنة والشقاق أينما ظهرت. وكانت فكرة الوحدة الوطنية، كقيمة جامعة للوطن، مؤثرة فيه ودافعة لإعجابه في صغره بحزب الوفد وزعيمه سعد زغلول، وكان يردد أبياتاً قيلت في رثاء سعد مازلت أحفظها: قالوا دهت مصر دهياء قلت هل غيض النيل أم هل زلزل الهرم؟ قالوا أشد وأنكي قلت ويحكم إذن قد مات سعد وانطوي العلم. لم.. لم لا تقولوا إن العرب قاطبة تيتموا كان زغلول أباً لهم. وقد كان دائم الذكر لأبطال من المصريين ويدعوني للإطلاع علي مآثرهم وكفاحهم، ويأتي إلي بكتب ليسألني عما فهمت منها، وفي سن مبكرة جعلني أقرأ الثلاثية "الفرعونية" لنجيب محفوظ .. "عبث الأقدار"، و"رادوبيس"، و"كفاح طيبة"، ثم يكافئني بزيارة إلي الأهرام في الجيزة وسقارة، وينهي الزيارة بمطعمه المفضل وقتها "خريستو" المشهور بأنواع السمك المشوي علي الفحم، ثم يحثني علي قراءة الثلاثية الأخري الأشهر ... "بين القصرين"، و"قصر الشوق"، و"السكرية"، ويناقشني فيها وفي أبطالها وعن الحركة الوطنية قبل ثورة يوليو وعن الكفاح من أجل الجلاء. في المغارة وكانت نهاية الإطلاع علي كل مجموعة كتب مقرونة بحافز لزيارة موقع تاريخي، أو مطعم معتبر. وكان يهوي مناقشتي فيما اطلعت عليه من أعمال أدبية قصصية، وكان أن أخذني ذات مرة أثناء إجازة الصيف، التي كنت أقضي أغلبها في كفر شكر، إلي القاهرة وكانت الزيارة طيبة منذ بدايتها عالقة في أثرها برأسي، حتي بعد مرور ما يزيد علي ثلاثين عاماً منذ حدوثها ... توقفنا بالسيارة في منتصف الطريق إلي القاهرة في قها حيث المحل الخشبي لبيع العصائر المعلبة، الذي مازال قائماً إلي اليوم، وكان متميزاً بعصير الجوافة، ثم نصل إلي القاهرة ليقضي بعض مصالحه العاجلة، وأنا منتظر في السيارة في حرارة طقس شهر يوليو فنقوم بزيارة سريعة إلي جدتي لأمي، التي كنت أحبها حباً جماً واعتبرها أطيب جدة وأفضل طاهية وجدت في مصر، ثم يمر هذا اليوم المثير بمشاهدة فيلم بروس لي "الرأس الكبير"، وأتابع أحداثه بدقة تمنح لي فرصة روايته علي أصدقائي بعدها، ثم ننهي الفيلم بالسير في شوارع "وسط البلد" لنصل إلي ميدان طلعت حرب، حيث أفضل مكانين لي وقتها ... أما المكان الأول فكان مكتبة مدبولي الشهيرة، وكان والدي معجباً بعصامية صاحبها الحاج مدبولي رحمه الله، فنري الأعمال الكاملة التي مازلت أحتفظ بها إلي الآن لتوفيق الحكيم، ويوسف السباعي، ومجموعة عبد الحميد جودة السحار "محمد رسول الله والذين معه" في عشرين جزءاً، وعلي سبيل الترفيه يسمح أبي لي بشراء مجلدات ميكي وطرزان والرجل الوطواط، والشياطين ال 13، والمغامرون الخمسة، فكان مزيجاً عجيباً من قائمة الإطلاع التي سأقضي معها ما تبقي من الصيف. وكنت عندما أدخل إلي هذه المكتبة، آخذ شهيقاً كبيراً، وأفرك يدي كالداخل إلي مغارة ذاخرة باللؤلؤ والمرجان والمجوهرات البديعة، لالتقط من النفائس ما تطيب له النفس. ثم أتحرك إلي مكان الدفع ليقوم أبي بالواجب، بعد حرص منه علي مجاذبة أطراف الحديث مع الحاج مدبولي ومن معه سائلاً عن الجديد من الإصدارات، أو طالباً منه تدبير كتاب في موضوع من الموضوعات التي يتابعها. جروبي وكانت لأبي عادة الاطلاع بوفرة علي ما يكتب في أي موضوع يقبل عليه، فإذا أراد تجربة زراعة نوع جديد من الأشجار، أتي بكتب متخصصة في شأنه. وإذا أراد تربية نحل العسل، جاء بمجموعة من الكتب تكفي لإعداد دراسة ماجستير فيه، وهكذا وعن مزارع الدواجن ورعايتها. وكذلك الأمر في شأن السياسة، فهذه كتب في التنظيمات السياسية، ومثالب الحزب الواحد، وتحليل المذاهب السياسية، والتعددية الحزبية، والعمل الشعبي المنظم، وتجويد الأداء البرلماني إلي غير ذلك. وبعد هذه الجولة وما نقتنصه منها، نعبر الشارع إلي المكان الثاني المفضل وهو "جروبي" حيث شطائر الجبن الساخنة، وعصير الليمون، و"الآيس كريم بالصودا". ثم نتحرك حيث السيارة في انتظارنا لتحملنا وما أتينا به من كتب. وقبل العودة إلي كفر شكر، ندلف إلي مطعم "بابريكا"، بجوار مبني التليفزيون في ماسبيرو، ليحدثني فيه والدي عن ذكرياته مع أبيه والدمع يترقرق في عينيه فقداناً له رغم مرور ربع قرن علي وفاته، ويسألني هل سأحزن عليه بعد موته كحزنه علي أبيه؟ فأتلعثم في الإجابة من التأثر مستعيناً بما كانت تردده أمي عندما يذكر أبي الموت أمامها من دعوات بطول البقاء والصحة والعافية. الخبرة والعزيمة نأخذ السيارة التي كان يقودها بسرعة ومهارة وهي تطوي الأرض طياً .. ليكون الحديث معه في شأن الأسرة، والسياسة، ثم الأرض وزراعتها، وعدم اطمئنانه علي كفاءة أو أمانة بعض القائمين عليها، وأهمية أن أقوم بمتابعة ما يفعلون، وهل يحسنون "تسميد الأرض" بجعل السماد بجوار جذع الأشجار أم يلقونه بإهمال في قنوات المياه مذكراً أن هذه الأرض من خيرها تعيش أسرته وأسر أشقائه الذين ائتمنوه عليها بإدارتها. وكان حريصاً علي نقل خبرته بتفاصيلها، وكان يردد أن خبرة الشيوخ يجب أن تجتمع معها عزيمة الشباب، ويدلل علي ذلك بأبيات حفظها من شعر إسماعيل صبري، وكان يقضي بعض الطريق في تحفيظها لي: لم يدر طعم العيش شبان ولم يدركه شيبُ جهل يضل قوي الفتي فتطيش والمرمي قريبُ وقوي تخور إذا تشبث بالقوي الشيخ الأريبُ أواه لو علم الشباب وأواه لو قدر المشيبُ وكان أبي يعتبر الزراعة ليست مجرد مصدر للدخل، ولكن ترتبط بها قيمة الولاء للمكان والانتماء إليه، ويحسب في فقدانها ضياعاً لقيم مصرية أصيلة. وكان مهتماً بالعائلات وأصولها، جامعاً في ذاكرته أخبار هذه العائلات، ويسألني إذا ما قرأ نعياً في الأهرام عن منبت هذه العائلة أو بما تشتهر به من مآثر أو ما أنجبته من العلماء أو النبلاء أو ذوي الإسهام. صدمة الانفتاح ولعل أبي كان من المصدومين بالتحولات الاجتماعية الكبري التي حدثت بعد الانفتاح في منتصف السبعينيات عندما وجد مصادر الثروة تتحول من ملاك الأراضي والمزارعين وما تبقي من أرباب الصناعة والتجارة بعد التأميم في الستينيات، إلي أصحاب الدخول السريعة الذين ارتبطوا بالاستيراد وأنشطة الانفتاح في بداية عهده، وكان يتعجب من هذه الصفقات التي تنقل أصحابها إلي أعلي سلم الثراء دون جهد أو إنتاج أو عمل يذكر، وكان يتحدث عن أن هذه الفئة من محدثي الثراء بعد الانفتاح سيكون لهم تأثير سلبي يحاكي ما أحدثه أثرياء الحرب الذين ظهروا في الأربعينيات، وأن ميزان القيم سيشهد اختلالاً لن يصلحه إلا التعليم والدعوة للتمسك بقيم العمل والإنتاج. وكان ينفر نفوراً شديداً من الاختلاط بمن لا يطمئن لمصدر كسبهم، وإن علا شأنهم في نظر البعض بما ينفقونه يميناً ويساراً كسباً لاحترام زائف أو تقدير مصطنع. وكان أن كُلف بإدارة المعامل المركزية المصرية في وقت حرج، فلفت نظري، وكان يكلفني قبل كل يوم عمل أن أضع في جيب سترته مذكرة من صفحة واحدة لما سيقوم به في صباح اليوم التالي من أعمال، في شكل بنود ذات أولوية، أنه بدأ يرفق معها مظروفاً مفتوحاً به خطاب مطوي فيه بعناية، فلما استفسرت منه عما في هذا المظروف، كان يجيب إجابة مقتضبة غير موضح لشيء، إلا أنه أمر مهم فحسب. ثم جاء يوم سألته فيه بإلحاح عن أهميته، فذكر لي أنه خطاب استقالة له من منصبه يستصحبه معه، فقد يحتاجه في أي وقت قد يشعر فيه أن هناك ضغوطاً عليه في ممارسة عمله، فيقدمه لوزير الصحة في ذلك الحين ليعفيه من مهمته الدقيقة التي ترتبط بها صحة المصريين، وما قد يحل بها إذا حدث أي تهاون في فحص الأغذية المستوردة. الوداع وفي ذات يوم من شهر فبراير من عام 1982، اتصل أحد معاونيه ليقول إن أبي قد أرهق نفسه بشدة في العمل وأنه في طريقه إلي المنزل، فقد داهمته أزمة صحية عاد بعدها بصعوبة إلي بيته لآخر مرة. طلب أبي مني الاتصال بطبيبه وكنت وحدي في المنزل معه، فأتي الطبيب ليفحص حالته ثم ينصرف عاجزاً، وإن كان قد أوصي بسرعة نقله إلي معهد القلب، فقضي فيه أبي يوماً وبعض يوم، بين جمع من الأطباء حوله في غرفة الحالات الحرجة، وكان بعضهم من زملاء دراسته، فيتولون عاجزين نافضين من طبهم خفي حنين. فقد ضربت يد الموت النافذة ضربتها وكانت إرادة الله الغالبة علي حيلة كل طبيب. ومازلت أذكر مشهداً لوداعه يجعلني أوقن أن أبي كان جملة رجال في رجل واحد.. فقد احتشد لوداعه جمع من الناس قلما يجتمعون بحكم تنوع مشاربهم واختصاصاتهم لرجل واحد .. فهذا جمع من السياسيين والتنفيذيين ورجال العمل العام عاصرهم في البرلمان وفي النشاط السياسي علي مدار أربعين عاماً من عمره، وهذا حشد من الأكاديميين والأطباء زاملهم بالجامعة وحياته العملية، وهذا نفر من أصدقاء المدرسة الإبراهيمية وجماعة الأدب، اختلطوا جميعاً دون تمييز من بين أفراد أسرته وأصهاره وسط حشود من أبناء بلدته وخلطائه يعزون بعضهم بعضاً في فقدانه، فلقد كان لكل منهم به صلة تستحق في تقديرهم العزاء في انقطاعها بموته. وتمر السنون بما مرت به من أحداث وحوادث وتأتي سيرته اليوم بعد حين من الدهر فلا يذكر إلا بخير فعله، ويدعو أحدهم لقراءة الفاتحة .. فأتذكر ما كان يقوله لي وهو يشهد جنازة لفقيد فيقول "أموات يشيعون أموات" .. فأسأله هل لأن المشيعين إلي موت محتوم؟ فيجيب ليس هذا فحسب يا بني .. ويردد ما قاله شوقي.. والناس صنفان موتي في حياتهم وآخرون ببطن الأرض أحياء حقاً لقد كان لي في حياة أبي صفوت محيي الدين عظات وهو اليوم أوعظ لي منه حياً.