شكر خاص من «روزاليوسف» للكاتب «ذي الهوي» العثماني دارت الأحداث بعد المذبحة التي أهينت فيها الكرامة التركية في جريمة أسطول الحرية، وهدأت ردود الأفعال العثمانية وغيرها، حتي أنني نسيت في جيبي ورقة صفراء صغيرة دونت عليها بعض المعلومات بخصوص التعاون العسكري التركي الإسرائيلي الاستراتيجي.. وكنت أنقلها من (بدلة) إلي أخري.. منتظراً الوقت الملائم لنشرها.. حتي ذكرني بذلك المناصر المصري الأول للأتراك الآن الكاتب الذي كان إيراني الهوي، فهمي هويدي. كتبت في الملاحظة - استناداً إلي مصادري الموثوقة - ما يلي: بلغ حجم التبادل العسكري التسليحي بين إسرائيل وتركيا منذ تم توقيع اتفاق التعاون الاستراتيجي بين البلدين في 1996 ما يصل إلي 180 مليار دولار بموجب هذه الاتفاقات تم تطوير 170 دبابة (إم60) تركية في إسرائيل يشمل التعاون علاقات وثيقة بين كل من مؤسسة الإنتاج العسكري الإسرائيلية ومؤسسة الصناعات الفضائية التركية حصلت تركيا بموجب هذا التعاون من إسرائيل علي: طائرات بدون طيار، نظم تتبع جوي، صواريخ ضد الدبابات، صواريخ بحرية طراز (براك8). ونشرت «روزاليوسف» قبل يومين في معرض تغطيتها للقصف التركي المتكرر ضد معسكرات حزب العمال الكردستاني في جنوب تركيا وشمال العراق، أن الطائرات المستخدمة في هذا القصف كانت هي الطائرات الإسرائيلية بدون طيار، التي حصلت عليها تركيا من إسرائيل. لقد قتل تسعة أتراك في الهجوم الإسرائيلي المروع علي المدنيين الأتراك في السفينة مرمرة، وهو اسم له دلالة عثمانية معروفة، وحين قتل الأكراد 11 جندياً تركيا.. فإن الجيش التركي وجد أن عليه أن ينتقم للجنود في الجنوب.. وليس عليه أن يتحرك من أجل المدنيين في البحر.. فأغار علي معسكرات الحزب الكردستاني وقتل 130 كردياً.. ولو كان هذا هو المقياس لكان علي أنقرة أن تقتل ما لا يقل عن مائة إسرائيلي رداً علي قتل الأتراك التسعة. ابتلع الأتراك حتي الآن، بغض النظر عن كل اللغو والتصريحات الفارغة، الإهانة الإسرائيلية.. لا العلاقات قطعت.. ولا تعرضت إسرائيل لأي عقوبة عملية.. ولا هي اعتذرت.. ولا لجنة التحقيق الدولية تشكلت.. بل إن هناك مساعي في الخفاء تتم من أجل أن تتم تسوية الأمور بين تل أبيب وأنقرة. ومن ثم لست أدري علي أي أساس يمكن أن يدعي فهمي هويدي في مقابلته مع جريدة (توداي زمان التركية) قبل يومين، وهي الجريدة الناطقة باسم حزب العدالة والتنمية، أن تركيا (أثبتت أنها قادرة علي أن تقول (لا) لإسرائيل.. وأنها بذلك أحرجت الحكومات العربية.. ومن ثم فإن هذه الحكومات ليست سعيدة بالدور التركي). سوف أفترض جدلاً أن الحكومات العربية ليست سعيدة بالدور التركي.. سأوافق علي هذا الهراء الهويدي.. ولكنني أريد أن أعرف ما طبيعة (لا) التركية التي يقول بها فهمي هويدي، ويسجل أن إسرائيل قد تلقتها من أنقرة.. الذي قتل الأتراك هو إسرائيل.. والذي لم يحصل علي ثأره حتي الآن هو تركيا.. والمهانة هي أنقرة.. والمطاح بكرامتها في البحر هي أنقرة.. أين إذن هي (لا) هذه؟ لا التعاون العسكري توقف.. ولا اتفاقية التعاون الاستراتيجي انهارت.. ولا العلاقات بين البلدين انقطعت.. أين إذن هي (لا)؟ أنا شخصياً أبحث عنها في عمق مياه البحر المتوسط.. وأقترح علي الكاتب الذي يحول هواه هذه الأيام أن يرسل فرقة غواصين أمام شواطئ غزة.. علي بعد مائة ميل.. حيث وقعت عملية 31 مايو.. لعله يجد (لا) هذه.. في عمق الماء. إن من حق أي كاتب أن يري ما يري.. أن ينتقد بلده.. أن يختلف معه.. أن يوجه هواه إلي دول أخري.. أن يتيم زمناً بالفرس.. أن يتيه عشقاً بالعثمانيين.. أن يهاجم سياسة حكومة وطنه.. أن يقول أي شيء.. ولكن عليه حين يقول أي شيء أن يبحث عن أي دليل يثبت به صواب رأيه.. حتي لا يبدو مهرطقاً.. يقول كلاماً لا وزن له.. وحتي لا يكون تحليله بالتمني.. وتعليقه مبنياً علي الأحلام.. إذ فيما يبدو فإن فهمي هويدي تمني أن تقول أنقرة (لا) لإسرائيل.. وعلي أساس التمني بني كلامه للجريدة التركية.. بينما الغواصون لم يعثروا بعد علي هذه ال(لا) في البحر المتوسط. ومن الطبيعي أن هويدي يتتبع كل ما ينشر في «روزاليوسف»، خاصة فيما يتعلق بموقفها من كل من يميل إليهم هواه (إيران وتركيا وحماس وحزب الله.. وما شابه)، وقد انعكس هذا التتبع منه في حواره مع (توداي زمان) التركية.. وإن تحدث عن صحف قومية مصرية ولم يشر إلي «روزاليوسف» بالاسم.. لكنه استخدم مثلين لم يردا إلا في «روزاليوسف» وفي يوم واحد.. إذ قال إن هناك خبرين نشرا في الصحافة القومية الأول حول (معاقبة مصر للسفير الإسرائيلي) والثاني (حول الحديث التليفوني الذي جري بين أوغلو وزير الخارجية التركي وباراك وزير الدفاع الإسرائيلي) بعد مذبحة البحر.. وأوحي الخبر الثاني بأن وزير الخارجية التركي كان يتوسل لإسرائيل لحل الأزمة.. وقال هويدي: إن الرسالة التي كانت تسعي الصحيفة المصرية إلي إرسالها هي أن مصر قادرة علي التعامل بحسم مع إسرائيل في الوقت الذي.. تمت فيه إهانة الأتراك من جانب إسرائيل. وأنا أشكر فهمي هويدي علي أنه التقط الرسالة.. هذا هو المضمون الذي كنا نقصده بالفعل.. أريب حقاً هذا الرجل.. ويستحق هويدي الثناء لأنه شرح للأتراك ماذا كان تقصد «روزاليوسف».. ولعل هذا يرقي مستوي تعامله معهم.. والخبران صحيحان.. ودقيقان.. وبقي عليه أن يشرح للقراء المصريين باعتباره مقرباً من هؤلاء الأتراك المهانين ماذا فعلت تركيا حقاً مع إسرائيل رداً علي جريمة مروعة تعرض لها مدنيون أتراك. ألا يخجل هؤلاء البشر مما يقولون.. ألا يواجهون أنفسهم بحقائق مْرة وفظيعة.. لست أريد منهم أن يؤيدوا بلدهم الذي يحملون جنسيته.. فمن حقه وحقهم أن يتخذوا المواقف التي يرونها.. ولكن أليس عليه فقط أن يثبت صحة كلامه بدليل ولو واحد.. أليس عليه أن يصنع صاروخاً ورقياً مثل ذلك الذي يصنعه الأطفال ويعطيه هدية إلي أصدقائه الأتراك لكي يرسلوه إلي تل أبيب.. ولو بالبريد العادي.. ولا أقول مقذوفاً.. حتي نصدق أن تركيا قد قالت (لا) لإسرائيل؟ اخجل من نفسك مرة واحدة. [email protected] www.abkamal.net