منذ أن قامت حماس بانقلابها في قطاع غزة الذي سيطرت فيه منفردة علي القطاع ومصر لا تعترف بهذا الانقلاب.. وقالت ذلك بوضوح لكل قادة حماس الذين زاروا القاهرة أو الذين لم يزوروها.. ولكن ذلك لم يمنع مصر من السعي بقوة لإنهاء الانقسام الفلسطيني ورعاية المصالحة الفلسطينية التي تمنح حماس شرعية من خلال تطبيق هذه المصالحة، التي كانت تتضمن دمج حماس في حركة التحرر الوطني الفلسطينية. كما أن ذلك لم يمنع مصر أيضا من السعي بقوة لإنهاء الحصار الإسرائيلي الجائر المفروض علي أهل غزة لأن مصر تدرك أن معاناة أهل غزة من هذا الحصار ضخمة ولا تطاق وغير إنسانية ولا يمكن قبولها حتي من قوة الاحتلال، نظراً لأن القانون الدولي يلزم أي قوة احتلال بتوفير الظروف الإنسانية المعيشية المناسبة للشعب الواقع تحت هذا الاحتلال. وطوال السنوات السابقة للحصار لم تكف مصر عن إدخال المساعدات الغذائية والطبية لأهالي غزة عبر معبر رفح، ولم تكف أيضا عن ممارسة الضغوط علي الحكومة الإسرائيلية لفتح المعابر الأخري التي تربط إسرائيل مع قطاع غزة. وهكذا.. الهدف المصري كان ولايزال واضحا.. وهو إنهاء الحصار الاسرائيلي الجائر علي أهالي غزة وأيضا إنهاء الانقسام الفلسطيني الذي ساهم في استمرار هذا الحصار، عندما منح حماس سيطرة منفردة علي قطاع غزة. لكن المشكلة كلها الآن أن الإسرائيليين يتخذون السيطرة المنفردة لحماس علي غزة مبرراً لاستمرار الحصار الجائر علي أهالي القطاع.. وتلقي تبريراتهم آذانا صاغية سواء لدي الأمريكان أو الأوروبيين الذين رغم مساندتهم إقامة دولة فلسطينية مستقلة إلا أنهم لا يفرطون في حماية أمن إسرائيل ويعلنون ذلك بوضوح وعلي الملأ.. بينما حماس ليست متحمسة لإنهاء هذا الانقسام والاندماج في حركة التحرر الفلسطينية. والغريب أن من يساندون حماس يرددون الآن أكاذيب من قبيل أن ثمة تآمرا دبلوماسيا علنيا لمنع فك الحصار علي غزة تشارك فيه مصر الأمريكان والأوروبيين والإسرائيليين.. أي أنهم يحاولون إحياء أكاذيبهم التي سبق أن روجوها خلال العدوان الإسرائيلي الوحشي علي قطاع غزة في نهاية عام 2008 وبداية عام 2009 ويدعي هؤلاء أن عودة موظفين تابعين للسلطة الفلسطينية في معبر رفح أو غيره من المعابر هو محاولة لمنع مشاركة حماس في السلطة والخط السياسي النضالي في مواجهة الاحتلال. والأمر نفسه يدعيه هؤلاء من مروجي الأكاذيب من أن المصالحة الفلسطينية تعني إقصاء لحماس أو إيقاف مواجهة الفلسطينيين للاحتلال الإسرائيلي. ونسي هؤلاء عمداً أن هذه المصالحة الفلسطينية هي التي ترتب مشاركة لحماس في السلطة السياسية داخل كل الأراضي الفلسطينية وليس غزة فقط ونسوا أيضا أن مصر تصر علي إنهاء الاحتلال الإسرائيلي بالكامل علي كل الأراضي الفلسطينية، وتري أن العالم لم يهنأ باستقرار بدون إنهاء هذا الاحتلال، وهذا ما نقوله للأمريكان والأوروبيين. كما تجاهل هؤلاء أن الإسرائيليين الذين يحاصرون غزة يتخذون من انفراد حماس بالسيطرة علي قطاع غزة وإبعاد موظفي السلطة الفلسطينية عن المعابر ذريعة لاستمرار حصارهم، وأن وجود موظفي السلطة الفلسطينية في غزة ومن أبنائها خلال المرحلة الانتقالية التي تمهد لإجراء الانتخابات لن ينال كثيراً من سيطرة حماس علي غزة، ولكنه سوف ينزع هذه الذريعة من الإسرائيليين. هذا هو الوضع الذي تدركه مصر جيداً وتتعامل معه، ولذلك تبغي إتمام المصالحة الفلسطينية لأنها ستفضي إلي إنهاء الحصار الإسرائيلي الجائر علي غزة. فهل يكف هؤلاء عن أكاذيبهم؟!