هل خطر علي بالك أن لك بعض العيوب؟!. لا أقصد بالطبع توجيه السؤال للقارئ. أقصد أن يسأل نفسه وأن يرد عليه في غرفة مغلقة لا يوجد بها غيره. كلنا تشغلنا أعباء الحياة ومشاكلنا مع الآخرين ومشاكلهم معنا. الطالب مشغول بركوب المواصلات ومتابعة الفضائيات والجلوس إلي النت ولقاء الأصدقاء ومقابلة الجو. والرجال والنساء مشغولون بالحصول علي عمل. ومن يعمل منهم مشغول بالترقي في العمل دون عمل. وسداد ديونه أو كسب ملايين أكثر. معركة الحياة اليومية لا تترك لك وقتا لكي تجلس إلي نفسك لتسألها هذا السؤال. لكن لا بد من وقت لآخر أن تفعل هذا دون قلق، فالإجابة لن يطلع عليها أحد خاصة أصحابك المقربين وقبلهم زوجتك!. إذا تحليت بالشجاعة في مواجهة نفسك فربما تعترف بعيب وحيد. ألا وهو طيبتك! وربما صراحتك!. وهي إجابة تليق بسؤال ما ميزتك وليس عيبك!. من منا لا يخطئ ولو مرة ؟. صعب أن نفكر في احتمال أننا قد نخطئ مرتين أو أكثر في العمر!. الخطأ الثاني الذي يعترف به الرجال لأصحابهم وحتي الغرباء عنهم أنهم تزوجوا!. وتميل النساء إلي عكس ذلك فيعترفن بنفس الخطأ لكن في حضور زوجها وأولادها وتكرره طيلة حياتها. والخطأ الثالث المنتظر أن نعترف به هو أننا نتسامح أكثر من اللازم ونثق في من لا يستحق ونفرط في حقوقنا ونضحي من أجل أسرتنا علي حساب راحتنا وصحتنا.وهي عيوب كفيلة بأن تضمن لك الجنة في الآخرة بجوار الملائكة. كم مرة أحسست بأنك لا تفهم ما حولك؟ كم مرة كنت ثرثاراً سخيفا ثقيلا علي الناس؟ كم مرة نسيتهم ؟ كم مرة وجدت أنك تجهل موضوع الحديث وتهز رأسك كأنك تعرف ؟ أو فوجئت بأنك لست ذكيا كما تظن؟. وان توقعاتك يأتي الواقع دائما علي عكسها؟. كم مرة أفشيت أسرار معارفك وبدأت النميمة ؟ أو ضبطت نفسك وأنت تنافق؟ أو تتصرف بغرور لا مبرر له وتطلب من الناس أن تنافقك؟. كم مرة خفت و جبنت و تراجعت وآثرت السلامة ؟. إذا ضايقتك أسئلتي وكأنك في حضرة محقق يحاصرك بالتهم فاعتبرني أحد مقدمي البرامج المفكرين الذين يستضيفون النجوم ليحققوا معهم واعتبر نفسك أحد هؤلاء النجوم. عن نفسي لا أجد مشكلة في الاعتراف بأنني ارتكبت الكثير من الأخطاء ولم أحاول أن أحصيها. ولكنني لن أصرح بها لك خاصة وأنا ما زلت اكرر الوقوع فيها!. لكنني يمكن أن أقول مثلا أنني اقتنعت بآراء وعندما راجعتها وجدتها غير صحيحة وأحيانا تبينت أن عكسها هو الأصح. وأحيانا اتخذت موقفا وسطا بين الرأي ونقيضه. وحتي الآن أراجع كل آرائي ومواقفي من الحياة ومن الناس الذين أعرفهم أو لا اعرفهم. وأراجع سلوكي وتصرفاتي معهم. وقبل هذا سلوكي مع نفسي!. فكرت مرة هل كانت حياتي حتي هذه اللحظة ممتعة؟. أشعر ببعض الرضا عما عشته. أو ربما أٌقنع نفسي بذلك !. عملي الكتابة. وأذكر نفسي طيلة الوقت بأنه لا يجب أن تكون الكتابة عملي!. يجب أن أتمتع بها. أن يستمتع المرء بما يأكله يجعل للطعام طعما ألذ وهذا يساعده علي هضمه ويجنبه الكثير من الأمراض. الواقع ليس لطيفا بأي حال في نظر معظم الناس. إذن علينا أن نجعله أفضل بشتي الطرق. لا حل آخر أمامنا. أسأل نفسي كل يوم ماذا فعلت بالأمس ؟ماذا تعلمت اليوم؟ ماذا أفعل غدا؟. كتبت ونشرت وأنا في سن الطفولة. وعندما وصلت لسن الرشد كنت قد أدركت أنني لا أكتب لكي أغير العالم . فالعالم لن يكون علي هوي أي أحد من البشر. لا العلماء ولا الكتاب ولا القادة من هتلر وستالين إلي أحمدي نجادي وحسن نصر الله وصولا إلي أي رئيس لأمريكا. فما بالك بالكتابة بأي شكل من أشكالها؟. ولكنني اكتشفت أنني أحب الكتابة وهذا سبب كاف لأكتب!. لذلك من حين إلي آخر اكتب لنفسي واحتفظ بما أكتبه. وأعود إليه وقد يعجبني وقد لا يعجبني فأعيد كتابته أو أمزقه. ولكنني أبدا لا أنشره. في هذه الكتابات أفكر بشكل حر وأناقش نفسي.. أراجعها وانقدها وتنقدني ونتحاور علي طريقة الاتجاه المعاكس. لكننا لا نخسر بعضنا!. أفعل هذا من قبيل أن المرء قد يستطيع أن يغير ولو قليلا من نفسه ليعيش معها في نفس الجسد وهو يحترمها. ولا يتمكن من هذا إلا إذا حاول أن يعثر دائما علي الجوانب الأفضل في الحياة. عن الأماكن الدافئة عندما يشتد البرد والأماكن الظليلة في الحر. أو نلجأ لبعث الدفء في أجسادنا والتحرر من ملابسنا. اندثرت حيوانات كثيرة مثل الإنسان وعاش هو، لقدرته علي التكيف. فلماذا نلجأ إلي الأماكن المظلمة في أنفسنا؟.الحياة صعبة بقدر ما نراها كذلك وليس فقط كما هي. الحياة لا تلتفت لنا. الحياة لا ترانا ولا تشعر بنا ولا ينتظر أن تتغير. فإن شئنا التغيير فهذه هي مهمتنا لا مهمة الحياة وعلينا دائما أن نبحث عمن يساعدنا ولو قليلا. بعض البشر يملكون مثلنا عينين وخمسة أصابع في كل يد ونفس المخ لكنهم أثاروا أفكارا غيرت حياة البشر ولو قليلا. ولم يحدث هذا لمجرد أنهم أرادوا ذلك. وإنما لأن هذه الأفكار في زمن محدد وظروف محددة جاءت في وقتها. هناك فرق بين الألم وبين الإحساس بالألم. نحن نتألم بقدر ما نسمح لأنفسنا أن نشعر بالألم. بعضنا يتألم بقدر أكثر كثيرا مما تسببه وخز الإبرة التي ستشفيه لأن بعضنا يستعذب الألم ليشعر أنه ضحية فيقول لنفسه لا أمل، وفي هذا راحة. فهو لا يلزم نفسه بعدها بأي عمل. وبهذا يتجنب أن تؤنبه نفسه،