هذا الفن الرائع للقوي الناعمة المصرية، وهو ما يسمي بالفن السابع، ولنا فيه عمق تاريخي، سواء علي المستوي العالمي، حيث بدأت العروض السينمائية كما يقال منذ عام 1896، في الإسكندرية في قاعة «ماتوسيان»، وكان الفيلم المصري الطويل الذي يمكن ربط تاريخ السينما في مصر به، هو ذلك الفيلم الذي عرض قصة عن «توت عنخ أمون» عام 1923 بعد أن اكتشف «كارتر» مقبرة الملك الصغير في عام 1922، ثم فيلم ليلي عام 1927، وبالمناسبة كان هذا الفيلم «صامتًا» أي بلا صوت والحديث مكتوب علي الشاشة أمام المناظر المعروضة. وكان الفيلم الناطق الأول في مصر هو فيلم «أولاد الذوات» وتم عرضه يوم 14 مارس 1932، ثم كان الفيلم الناطق الذي تم عرضه في القاهرة هو فيلم «وداد» في 8 أغسطس 1936 وتم الاشتراك به في «بينالي فينسيا» السينمائي، وقبله فيلم «الوردة البيضاء» في ديسمبر 1933 وكانت تلك الأفلام (أبيض وأسود وناطقة) وحصلت علي شعبية كبيرة ومازالت تعرض حتي الآن علي شاشات التليفزيون العربي «روتانا» وغيره من أصحاب حق العرض بعد أن بيعت تلك الثروة الثقافية تحت أعين كل المصريين دون تحريك «طرفة عين» لمسئول عن الثقافة في مصر للأسف الشديد ومع ذلك فإن السينما المصرية لا يمكن تحديد حجمها محليًا فهي بحق تستحق أن يكون موضعها في الصف الأول في ترتيب السينما العالمية - ولقد استطاعت السينما المصرية والقائمون علي هذه الصناعة من مفكرين ومنتجين ومخرجين وممثلين أفذاذ علي مدي تاريخ السينما المصرية أن تغزو كل الدول الناطقة بالعربية، بل أصبحت مصر سوقًا للفن السابع فمن يرغب من العرب «الفنانين» أن يشتهر فله أن يجوب استديوهات وكافيهات القاهرة، وقد كانت السينما المصرية بأعلامها من الفنانين والفنانات، هم قبلة الاهتمام الشعبي والسياسي وكذلك الاقتصادي في العالم العربي. ولقد استطاعت السينما المصرية أن تحرك الشعب وأن تحافظ علي الخيط الرفيع الذي يربط الأمة العربية، لغتها، وعاداتها وتقاليدها وكذلك أحداثها السياسية، وعبرت السينما المصرية عن كل حقبات التاريخ المعاصر، بل والقديم حينما قدمت أفلامًا تحكي عن بطولات مثل «صلاح الدين الأيوبي» والثورات المتعددة في العالم العربي، بل إن كفاح الشعوب قدمته السينما المصرية كأروع ما يكون مثل قصة المجاهدة «جميلة بوحريد» في الجزائر، وغيرها وغيرهم من أبطال، وما زالت السينما المصرية رغم التدهور الذي وصلت إليه تمتلك أدوات تقدمها، تمتلك الأبطال والبطلات المتفردات في تميزهم وتألقهم - ولعل اتجاه أغلبهم لتقديم برامج تليفزيونية ومقابلات إعلامية، هذا الاتجاه الذي يجعلنا أكثر خوفًا علي السينما اليوم من أمس، حيث الاهتمامات من أهل الفن السابع، جعلهم كما أعتقد يتخلون عما حباهم الله به من مواهب، ويبحثون عن مجال ليس مجالهم لكي يتقدموا من خلاله إلي ظهورهم ولكن هذا لن يستقيم ولن يستمر ويجب العودة للاهتمام بالسينما المصرية!