أحمد أبو مطر باحث وناقد أدبي ومحلل سياسي فلسطيني، من مواليد بئر السبع، حاصل علي درجة الدكتوراه في الأدب والنقد من قسم اللغة العربية بجامعة الإسكندرية عام 1979 يقيم حاليا في أوسلو حيث حصل علي الجنسية النرويجية، صدر له عدة كتب سياسية أبرزها كتاب «حزب الله.. الوجه الآخر» وكتاب «الخطر الإيراني وهم أم حقيقة». ينتقد أبو مطر بشدة النظم غير الديمقراطية والتيارات الأصولية في المجتمعات العربية أبو مطر، جاء إلي مصر في زيارة استغرقت أربعة أيام القي خلالها عدة محاضرات حول الدولة المدنية، ومعوقات التنوير في الوطن العربي، «روزاليوسف» التقته وأجرت معه هذا الحوار: جئت إلي مصر للحديث حول معوقات التنوير في المنطقة العربية.. ما أبرزها من وجهة نظرك؟ أعتقد أن هذا هو موضوع الساعة في العالم العربي حاليا، وأشير إلي أن التنوير هو إحدي نتائج الديمقراطية، هناك عوامل كثيرة تعوق محاولات التنوير ودائما أركز علي العملية التعليمية باعتبارها ركناً أساسياً في هذا الأمر.. غياب الديمقراطية ليس حالة مرضية بأدوية معينة يمكن علاجها في أيام، الممارسة الديمقراطية عملية بعيدة المدي يبدأ غرسها في الفرد منذ الطفولة. تقصد أن غياب الديمقراطية الكاملة في بلادنا راجع إلي التربية غير السوية للأفراد؟ -بكل تأكيد.. وإلا لماذا ينتهج المواطن العربي عندما يصل لموقع يمتلك فيه سلطة أساليب لا علاقة لها بالسلوك الديمقراطي، لا يمكن استيراد الديمقراطية، وإنما هي نتاجنا نحن.. الديمقراطية لا تطبق بين غير الديمقراطيين، بدليل أن الشعوب العربية لا تزال تهتف بالروح بالدم نفديك يا «فلان»، رغم ان فلان هذا هو الذي يقمعنا. إذن مشكلة المجتمعات العربية ليست سياسية من وجهة نظرك؟ -المشكلة اذا شخصت في القمة كمشكلة سياسية فإنها نتاج مشكلات عديدة مجتمعية وثقافية، فما معني ان يقول لنا رجال الدين باستمرار "وأطيعوا الله ورسوله وأولي الأمر منكم" هذه مفاهيم خاطئة يغلفونها بغطاء ديني كاذب تحول دون ممارسة المواطنين حقوقهم. لمصلحة من يستمر الترويج لهذه المفاهيم؟ - شهدت الأربعون سنة الأخيرة نشوء ظاهرة اجتماعية شديدة الخطورة وتتمثل في ظهور التيارات الدينية الأصولية، هذه التيارات من مصلحتها ان تتعايش مع أنظمة غير ديمقراطية علي خلاف ما يبدو من صراع بينهما، وأسأل رجال الدين: لماذا لا يتوجهون بخطابهم إلي الحكام ويطلبون منهم أن يكونوا عادلين. إلي أي مدي يعكس ذلك تناقضا في خطاب التيارات الدينية؟ -كل التنظيمات الدينية التي تمارس العمل السياسي تنظيمات مخادعة واضرب لك مثلا بحركة حماس التي طالما تحدثت عن المقاومة حتي وصلت إلي السلطة في غزة عبر انقلاب عسكري أكثر بشاعة من الانقلابات التي سبقته في الوطن العربي، فإذا بها تمنع باقي الفصائل من ممارسة أي عمل، كانت في السابق تعتبره مقاومة ضد إسرائيل، إذن نحن أمام نموذج لجماعة تريد الوصول للسلطة ثم تتحول إلي نظام أكثر قمعا تحت ستار الدين.. النموذج الآخر يقدمه حزب الله في لبنان، فهو قدم تضحيات في المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي لا خلاف علي ذلك لكنه تحول مؤخرا إلي الداخل اللبناني فاجتاح بيروت وقصف وسائل الإعلام المناوئة له ومنها وسائل شيعية، إذن نحن أمام نموذج يتخذ المقاومة كمشجب ليكون بوابة تمر من خلالها التدخلات الإيرانية في المنطقة.. من المستوي الخارجي خالد مشعل قال في أكثر من مناسبة ان حماس تقبل بدولة فلسطينية بحدود 67 وهذا يعني اعترافا بإسرائيل فلماذا لم نسمع عن حصار غزة قبل أربعة أعوام ولماذا الهجوم المستمر علي مصر والصمت حيال سوريا التي تمثل محور الممانعة. لماذا لا تهاجم دمشق إسرائيل من جبهتها؟ - البيان التأسيسي لحزب الله يقول بالحرف «هدفنا الاستراتيجي بناء دولة شيعية في لبنان مرجعيتها في «قم» بإيران وفي يوليو عندما احتفل حسن نصر الله بما اسماه نصرا إلهيا راح يقول نعم نفتخر باننا حزب ولي الفقيه، وولي الفقيه نموذج ديني استبدادي دخيل علي الفكر الشيعي، هو اختراع الخميني في إيران عام 1979. أيهما أخطر الأصولية النابعة من المجتمعات العربية أم الدعوات التغريبية الوافدة؟ -الأصوليات الدينية الثلاث شديدة الخطورة علي المجتمعات لأنها تقدم الانتماء الديني علي أي شيء آخر وفي هذا السياق نفهم تصريح مهدي عاكف مرشد الإخوان السابق الذي قال فيه «طز في مصر».. من حقه ان يعارض النظام ولكن ليس من حقه أبدا أن يهاجم الوطن. وما حجم هذه التصريحات بالمقارنة بما ترتكبه حماس في غزة بعد وصولها للسلطة؟ - ما قامت به حماس هو تطبيق لما يرفعه إخوان مصر من شعارات، فالحركة فرضت زيا محددا علي تلميذات المدارس وعلي المحاميات وغيرهن وأغلقت وحرقت بعض محال الانترنت، قبل شهور هدمت مسجد ابن تيمية بمدينة رفح علي رأس الشيخ عبد اللطيف المقدسي في مخالفة صريحة لتعاليم الدين بعد هدم المسجد ولو احتمي به العدو، لماذا لم يفتح تحقيقاً في الهجمات المتكررة ضد الكنائس المسيحية، الواقع ان الحركة تمارس أصولية طالبانية.. الاستبداد باسم الدين أخطر من أي فساد مدني. هل يسهم فك الارتباط بين حماس في الأردن والخارج في تحسين العلاقة مع الدولة؟ - حتي هذه اللحظة المشكلة لم تحل بعد والصراع بين حماس في الداخل الأردني وخارجه لم تزل قائمة وسببها وجود تنظيم دولي للإخوان يتدخل في مشكلات الفروع.. الإخوان بتنظيمهم يريدون ان يحكموا العالم، هذه الأصوليات ايا كان مسماها تريد استيراد نموذج طالباني ظلامي. مرت أعوام ثلاثة علي الانقلاب الحمساوي برأيك ما مصير المصالحة؟ - لا سبيل للمصالحة لان الانقسام دائر حول المناصب والأموال وفي جزء منه ارتهان للأوامر الإيرانية، وأتوقع ألا تحدث المصالحة وأن تبقي إمارة حماس في غزة ودويلة عباس في رام الله إلي زمن بعيد وتضيع القضية؟ - القضية ضائعة بالفعل. ساويت بين الإخوان وحزب الله وطالبان رغم تباين أفكارهم، فهل تضع حزب «العدالة والتنمية» التركي في نفس السلة؟ - هذه تجربة لها خصوصيتها فالضابط الوحيد لعلمانية الدولة التركية هو العسكر ولولا وجودهم لعاد العدالة والتنمية لتخلف أشد من ذلك الذي كانت عليه الدولة العثمانية ولما اختلفت ممارساته عن حماس في غزة. كيف تفسر اهتمام تركيا مؤخرا بالقضية الفلسطينية؟ - النظام التركي قطع الأمل نهائيا في الانضمام إلي الاتحاد الأوروبي ومن ثم راح يبحث عن دور وامتداد إقليمي في المنطقة والقضية الفلسطينية ما هي الا وسيلة للوصول للهدف، وإلا كيف يسعي الحزب لتحرير فلسطين مع احتفاظه بعلاقات وطيدة عسكرية واستخباراتية واقتصادية وسياسية مع إسرائيل؟ أيهما أخطر علي المنطقة الدور التركي ام الإيراني؟ - حتي الآن الدور الإيراني اخطر ولكني لا أستطيع نسيان ان تركيا تحتل لواء الإسكندرونة من سوريا، وإيران تحتل الجزر الإماراتية الثلاث.. كلها أشكال للاحتلال لا تختلف عن الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين. الروايات الفلسطينية نوع من الإحساس بالذنب؟ - لا أستطيع إعطاء تقييم حركة أدبية لشعب، بل نحتاج إلي دراسة من خلال ملاحظتي اعتقد ان السنوات الماضية شهدت ما اسميه اعادة بناء المدينةالفلسطينية التي لا يجدها الأدباء في واقعهم مثل القدس بعد أن فقدوا الأمل في العودة. هل تعتبرها نوعا من المقاومة؟ - المقاومة أشكالها عديدة واعتقد أن الأعمال الأدبية تمثل واحدا منها.