لم يكن عجيبا في ظل اللخبطة التي نراها في إعلامنا أن نقرأ خبرا مفبركا أو مقالة تجافي الحقيقة وكنا نقول إن هناك ما يواجهها من مقالات هادفة وأخبار تنقل الحقيقة بموضوعية، وإلى وقت قريب وحتى اليوم لدينا أمل في ان ينصلح مسار وسائل الإعلام ما دام هناك من ينقد أو يشير إلى وجود سلبية هنا أو هناك ، ولكن خلال الأيام الماضية عندما تفرغت لمشاهدة بعض البرامج المتخصصة وجدت أن اللخبطة الإعلامية بحاجة إلى وقفة حقيقية مع ظهور نوعية جديدة من المذيعين والمذيعات يتحدثون بلغة أهل المصاطب الذين يقفون على الطرقات ويتكلمون العامية المتدنية . وسبب حديثي ما رأيته في برامج للأسف بعضها دينية مذيعون ومذيعات يتحدثون بلغة فقيرة للغاية ويتوجهون لعقول الناس بألفاظ ترسخ الألفاظ السلبية داخل مجتمعنا، ولا أستطيع نسيان مذيعة في أحد برامج الفضائيات تستضيف علماء ومتخصصين أجلاء لكنها بأسلوبها تفسد وقار الحلقة بألفاظها الخارجة عن سياق المذيعين المتخصصين ، وأذكر في هذا السياق موقف تلك المذيعة عندما أتت شكوى للبرنامج عن سيدة تشكو ظلم زوجها وكيف أنه سيتزوج بأخرى ، وسألت موقفها الشرعي من ضيفة الحلقة الدكتورة سعاد صالح ، فلم تنتظر هذه المذيعة العبقرية التي تجعل من نفسها مذيعة متخصصة دينيا !! حتى وقالت وكأنها تتحدث في بيئة منعدمة الثقافة :«أحسن خليه يتجوزها وبكرة تدي له على دماغه من المنقي خيار». وفي الحقيقة صعقت عندما وجدت مذيعة في حلقة دينية لأحد البرامج ويقدم في منتصف اليوم ، أي في وقت كثيف المشاهدة ، تتحدث بهذا الأسلوب، وقد يقول البعض إنها زلة لسان من المذيعة لكن الأمر تأكد لدي في حلقة ثانية وثالثة من نفس البرنامج الديني!، فوجدتها تقول لأحد المتصلين عن شخص لا يراعي الله في حلقة أخرى :«أحسن خليه يتحرق »، وعلى هذا المنوال وجدت أن رسالة الإعلام الديني أصبحت تلاقي عناء شديدا في ظل وجود مذيعي المصلحة والمصاطب الذين لا يهمهم في رسالتهم الإعلامية سوى الحصول على بعض الأموال من الفضائيات بعيدا عن تحقيق رسالة بعينها هدفها تعريف الناس بأمور دينهم، وتهذيب أخلاقهم. ولا يوجد معنى أبدا أن نظل نقول إن فلانة أو فلانا مذيع يصلح لبرنامج ديني لمجرد أن هناك توصية من هنا أو هناك عليه أو لأنه قريب لفلان، وهكذا... إن ذلك الأمر يخرب علينا رسالتنا الإعلامية ، ويجعل من مجتمعنا مجتعا بعيدا عن الثقافة وتكوين الفكر السليم. إننا بحاجة إلى أن نعيد تقييم برامجنا الدينية الفضائية والتليفزيونية لا سيما فيمن يظهرون كمذيعين فيها ، خاصة أنني على يقين من أن المسئولين عن القناة أو الفضائية يقدمون برنامجا دينيا لخدمة الناس ، ولا يمكن تحقيق ذلك بجعل تلك البرامج في يدي أشخاص ومقدمين لا علاقة لهم بالفكر الديني ، وليس لديهم رسالة يهدفون من ورائها خدمة الدين وإفادة الناس كي نخلق مجتمعا سويا خلقيا ودينيا .