كتب - جاوسنات سبنج - وزير الخارجية الهندى السابق يبدو أن تراجع حدة الهجمات الإرهابية إلي ما دون ذلك النوع الذي تحتل أخباره العناوين الرئيسية أصبح في حكم المنتهي الآن. ولكن هل نستنتج من الهجمة الانتحارية التي نفذت مؤخراً في قاعدة باجرام الجوية الواقعة خارج كابول والتي تُعَد واحدة من المنشآت العسكرية الأمريكية الأساسية في أفغانستان، وفشل تفجير سيارة ملغومة في تايمز سكوير بمدينة نيويورك، أن "الحرب ضد الإرهاب" (وهي العبارة التي تعمدت إدارة أوباما تجنب التلفظ بها) اشتعلت من جديد؟ رغم أن الولاياتالمتحدة والغرب ربما شعرا وكأن حدة الإرهاب الجهادي كانت في تراجع في أفغانستانوباكستان والهند، فإن هذا الشعور لم تترتب عليه أي مشاعر زائفة بالأمن. والواقع أن السؤال المطروح الآن في هذا السياق ليس ما إذا كان من الممكن إنهاء الحرب ضد الإرهاب، بل ما إذا كانت باكستان، تبذل كل ما بوسعها لمكافحته. إليكم هذه المعادلة البسيطة لتقييم النهج الذي تتعامل به البلاد مع مسألة مكافحة الإرهاب: المصداقية + الشفافية + سلامة النهج الشرعية والفاعلية. واسمحوا لي بتطبيق هذه المعادة علي باكستان. في تحليله لعملية التفجير الفاشلة في تايمز سكوير، كتب السفير ظافر الهلالي، وهو دبلوماسي باكستاني سابق محترم: "لا يوجد أي مكان آخر في العالم اليوم حيث تمكن مثل هذا العدد الهائل من الخارجين عن القانون الأجانب المسلحين من استخدام أراضي دولة تتمتع بالسيادة لشن حرب طويلة إلي هذا الحد ضد دولة أخري، والإفلات من العقاب علي هذا النحو. إن هؤلاء الذين يصولون ويجولون بلا ضابط أو رابط تحولوا إلي شركاء في حرب ضد الدولة ذاتها". ويستنتج الهلالي قائلاً: "لقد تحولت حركة طالبان في باكستان إلي قوة معادية مستقلة لا سبيل إلي السيطرة عليها". إن باكستان، بعد انضمامها إلي الولاياتالمتحدة "كحليف" في الحرب ضد الإرهاب، أصبحت تبدو الآن وكأنها تدفع ثمناً باهظاً علي المستوي الداخلي لأنها أصبحت "دولة مستأجرة". والواقع أن الغالبية العظمي من المواطنين الباكستانيين يشعرون بالاستياء الشديد إزاء التواجد والنفوذ الأمريكي في البلاد. وربما لعب هذا النوع من التغريب المتنامي دوراً كبيراً في دفع وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون إلي التصريح بأن تدهور الأوضاع الأمنية في دولة نووية مثل باكستان يفرض تهديداً أخلاقياً علي الولاياتالمتحدة. وفي أعقاب محاولة التفجير في تايمز سكوير أصدرت كلينتون حكماً أشد قسوة حين قالت: "لو كان النجاح قد كُتِب لهجوم إرهابي مثل محاولة التفجير في نيويورك، ثم تبين أن ذلك التفجير تم التخطيط له من ذلك البلد، فإن العواقب كانت لتصبح وخيمة للغاية". كما قالت كلينتون إن مكان تواجد أسامة بن لادن معروف "للبعض" في باكستان. وكان اريك هولدر، النائب العام الأمريكي (وزير العدل الأمريكي)، أكثر وضوحاً في حديثه عن محاولة تفجير تايمز سكوير حين قال: "نحن نعرف أنهم (حركة طالبان في باكستان) ساعدوا في توجيه هذه المحاولة. وأظن أننا سوف نتوصل إلي دليل يؤكد أنهم ساعدوا في تمويلها. إنهم ضالعون بشكل وثيق في هذه المؤامرة". كما وصف الرئيس الأمريكي باراك أوباما حركة طالبان في باكستان بالسرطان في قلب باكستان، وأن أصول تلك الحركة لا يكتنفها أي غموض. وعلي الرغم من الهجوم المفترض الذي تشنه حكومة باكستان ضد حركة طالبان في باكستان في بعض المناطق القبلية من البلاد فإن إحدي الوثائق الحديثة تقرر أن الجماعة تعمل الآن علي تجنيد الأطفال الصغار لتنفيذ هجمات انتحارية. والواقع أن عام 2009 شهد ما يقرب من ستين هجمة انتحارية في باكستان، مقارنة بهجمتين فقط من هذا النوع في عام 2002. ويؤكد بروس ريدل، منسق السياسات الأفغانية الباكستانية في مجلس الأمن القومي الأمريكي، أن التعاون المتنامي من جانب تنظيم القاعدة مع طالبان الأفغانية، وطالبان الباكستانية، وعسكر طيبة، وغيرها من الجماعات المتشابهة الفكر، يشكل التطور الأكثر خطورة وتأثيراً علي الجهود الرامية إلي الحد من الإرهاب العالمي. ويقول ريدل: "إن فكرة إمكانية حل مشكلة تنظيم القاعدة علي نحو ما، وفي الوقت نفسه تجاهل البحر الجهادي الأضخم الذي يسبح فيه تنظيم القاعدة، منيت بالفشل في الماضي ولا شك أن الفشل سوف يكون من نصيبها في المستقبل". ولكن في ضوء هذا التحليل فإن سياسة "التركيز علي أفغانستان" التي تتبناها إدارة أوباما محكوم عليها بالفشل. فمن المؤكد أن الولاياتالمتحدة تتمني لو تنجح باكستان في استئصال قيادة حركة طالبان، سواء الأفغانية أو الباكستانية، ولكنها لن ترتكن كثيراً إلي حكام باكستان في تحقيق هذا الهدف.