السلوك.. السلوك . إنها كلمة المرور لحل أزمات المرور الطاحنة التي جعلت من العاصمة المصرية إحدي أكثر عواصم العالم ازدحاما واختناقا، إن الانضباط المروري المفقود ليس مسؤلية جهة بعينها لكنه مسئولية المجتمع بأسره، فمن يسير عكس الاتجاه ومن ينتقل من حارة الي حارة دون استخدام الإشارة ومن يسير بسرعة جنونية وكأنه في سباق ومن يتحدث أو يكتب رسالةعبر تليفونه المحمول كل هؤلاء يعانون من أزمة سلوك، والشيء المقلق حقا هو اختفاء النموذج المثالي للسلوك في الشارع المصري، إننا في أمس الحاجة إلي ما يسمي «مدونة سلوك» يهتدي بها الجميع لإعادة الانضباط المفقود إلي الشارع المصري، فعاصمتنا العريقة تختنق بفعل تلك الجلطات المتتالية التي تصيب شرايين المرور الرئيسية، والغريب أن الجميع يتحدث عن أسباب الأزمة والجميع أيضا يتحدث عن الحلول العاجلة والآجلة.. عن الحلول العملية والسلوكية، لكن المؤسف حقا أن الغالبية العظمي من هؤلاء يقولون ما لا يفعلون فهم أول من يخرق قواعد المرور، لكن الوضع لا يمكن أن يستمر عند هذا الحد والدليل علي ذلك أن رأس الدولة أصدر تعليماته المشددة والواضحة للحكومة بأن تسارع في العمل علي إيجاد حلول عاجلة وجذرية لمشكلات المرور التي تفاقمت خلال السنوات التالية وصارت مزعجة ومقلقة علي جميع المستويات، إن الأرقام المتوافرة والتي جاءت في تقرير للجنة الصناعة والطاقة بمجلس الشوري بعنوان «تدني مستويات الأمان والسلامة في خدمات النقل والمرور» حيث أوضح التقرير أن إقليمالقاهرة الكبري يمثل 17400 كم مربعا ويصل تعداد سكانه إلي نحو 18.3 مليون نسمة بما يمثل 25% من عدد سكان مصر حيث تصل الكثافة السكانية للإقليم إلي 1025 مواطنا / كيلو مترا مربعا ، وأضاف التقرير أنه يوجد في إقليمالقاهرة الكبري مليونان و40 ألف مركبة تمثل 48 % من عدد المركبات الموجودة علي مستوي الجمهورية، ومن المنتظر أن يصل عدد رحلات النقل داخل القاهرة الكبري بعد عشر سنوات من الآن إلي 25 مليون رحلة يوميا، ومن المنتظر كما تؤكد الدراسات أن متوسط أدني متوسط سرعة للمركبة في القاهرة الكبري ستكون 11 كم / ساعة والي 1 كم / ساعة في طريق صلاح سالم ، وتتوزع خدمات النقل داخل إقليمالقاهرة الكبري والبالغة 23 مليون رحلة يوميا كما يلي: النقل العام 2,2 مليون رحلة يوميا ومترو الأنفاق 2.2 مليون رحلة يوميا والنقل الجماعي 0.8 مليون رحلة يوميا والميكروباص 6.25 مليون رحلة يوميا أما السيارات الخاصة فتبلغ 7 ملايين رحلة يوميا والتاكسي ووسائل أخري 4.5 مليون رحلة يوميا! تلك الأرقام مفزعة ومقلقة ولكن ما الحل؟ أعتقد أن الحلول لابد وأن تكون جذرية ويجب أن يتقبلها الجميع مهما كانت قاسية وعنيفة، بيد أن توحيد الجهة المشرفة علي المرور والنقل قد يكون هو البداية الحقيقية والجادة لإصلاح هذه المنظومة ، كما أن تفعيل قوانين المرور علي الجميع.. أكرر علي الجميع قد يكون البداية ليس لإصلاح منظومة المرور فحسب بل لإصلاح الإنسان المصري ذاته، كما أقترح أن يتم فرض غرامة فورية تصل إلي 1000 جنيه علي كل سيارة أو مركبة تتوقف أو تتعطل لأي سبب فوق الكباري أو داخل الأنفاق، وهذا سوف يؤدي حتما إلي قيام كل قائد سيارة بفحص سيارته دوريا قبل التحرك، كما أن ذلك سيؤدي مع مرور الوقت إلي التخلي عن السيارات المستعملة القديمة المتهالكة وإحلال أسطول جديد من السيارات والمركبات مثل ما حدث في مشروع تاكسي العاصمة، إن الملف مفتوح علي مصراعيه لكل الآراء كي تشارك لا في الصراخ وإنما في إيجاد حلول عملية لأزمة طاحنة نعاني منها جميعا.