في قلب الاسكندرية بحري يوجد سوق "الترك" اشهر منطقة لصناعة الموبيليات والانتيكات في الاسكندرية هذا السوق لايزال يحمل سحرعبق الماضي ولكن تغير الحال وتبدل البشر واختفت الصنعة واصبح حال الورش "لا يسر عدو ولا حبيب"بعد ان كانت مصدرا لتصنيعه وتصديره وتحولت الي معارض لبيع الاثاث الدمياطي في ظل الضغوط التي يواجهها اصحابها0 روزاليوسف تجولت بالسوق ورصدت مشكلاتهم في السطور التالية: يقول الحاج سيد احمد اقدم نجار في السوق منذ 84 سنة مازلت اعمل بيدي حتي الآن لكن الحال تغير كان قديما يحوي افضل موبيليات وكنا نصدرها للخارج لكن الآن تحولت معظم الورش الي معارض للبيع. ولم يكن في السوق كله اي معرض ويعرف الزبون ان سوق الترك للموبيليات "العمولة" وليست اي عمولة لتواجد افضل صناع نجارة واسترجي وكل المستلزمات ولكن مع انتشار "شغل " دمياط اتجه اصحاب المعارض الي شراء موبيليات جاهزة من هناك ويتم تلميعها وكسوتها قشرة فقط في السوق حسب ذوق الزبون. ويشكو الحاج سيد من عدم وجود صنايعية " اسطوات " زي زمان مؤكدا انهم اصبحوا عملة نادرة واضاف انه علم الصنعة لعدد كبير من الصبية في الماضي انتشروا الان واصبحوا معلمين اصحاب معارض كبيرة0 وقال ان لديه 5 ابناء جميعهم التحقوا بالجامعة وانه رفض تعليمهم الصنعة لانها شقاء وتعب. وقال الحاج سيد ان حجرة النوم من الخشب الصناعي تتراوح قيمتها من 7 - 13 الف جنيه اما الخشب الطبيعي فإن الاسعار تبدأ من 36 ألف جنيه مشيرا إلي انه يقوم بتصنيع حجرتين فقط في السنة ومعه الصناعي الوحيد المتبقي ويصغره بأربع سنوات . ويؤكد الحاج محمد السيد صاحب ورشة نجارة ان الموبيليات الدمياطي غلبت علي السوق كله والجميع اصبح يشتري من دمياط ويعرض في السوق بعد ان تحولت معظم الورش الي معارض. مؤكدا ان السوق كله لم يعد فيه اكثر من ثلاث ورش مشيرا الي انه لا يزال ينتج الشغل الخفيف مثل الدواليب والسراير فقط لان الصنايعية هجروا المهنة وتحولوا الي النجارة. ويشكو من الضرائب التي تتعامل مع اصحاب الورشة علي انهم اصحاب مصانع ومكاسبهم بالملايين دون مراعاة لما ال اليه وضعهم وان مأموري الضرائب يتعاملون " كالسابق " بمعني انهم يتعاملون بعدد " البنوك " الموجودة في الورشة والبنك معناه المنضدة التي يتم تقطيع وتصنيع الموبيليات عليها وكل بنك له عدد من القطع التي تصنع عليه ولذلك تأتي التقديرات جزافية وهذا من اسباب غلق عدد من الورش بالسوق. ويؤكد ان صناعة الموبيليات في دمياط احسن وافضل لان لديهم ماكينات علي احدث مستوي والصنايعية هناك ملتزمون وشطار. ويضيف ان السن المناسبة لتعليم المهنة في الفترة من 10 - 14 سنة ولكن بعد تشديدات الشئون الاجتماعية تخلي اصحاب الورش عن الاطفال. يقول اسماعيل عبده " استرجي " من كفر الشيخ واحد الحرفيين الذين يقومون بتلميع الموبيليات انه ترك قريته من اجل لقمة العيش وهو يقف في السوق لتلميع شغل النجار واصحاب الورش وينتقل من سوق لآخر الي أن استقر في نهاية المطاف في سوق الترك. وعن اصل سوق الترك يحكي محمد محمد حسين وشهرته "محمد كنانة "صاحب ورشة نجارة ان المنطقة يسكنها الاتراك الارمن واليهود وتم تغيير اسم السوق من سوق الترك الي "ابراهيم زغلول" ولكن لا يزال الاسم القديم هو المعروف والاكثر شهرة مشيرا الي ان لايزال الأجانب خاصة اليهود يزورنه بحثا عن ذكرياتهم مع اهاليهم في الاسكندرية ف " ربع وحارة اليهود" مناطق موجودة في بحري. ويرجع كنانة سر اندثار الصنعة في سوق الاتراك الي ترك النجارة اليدوية وانتقال الورش الكبيرة الي مناطق بعيدة مثل برج العرب والعامرية. ولأن المنطقة تجارية وسوق في وسط البلد تحولت الورش الي معارض لبيع الموبيليا بدلا من تصنيعها. وخلال جولتنا بسوق الترك دخلنا ربع اليهود الموجودة في شارع عمران والذي تحول الي مجموعة من المساكن واسفلها ورش لصناعة الموبيليات يشتكي الحاج مصطفي شعبان صاحب ورشة من تدهور الخدمات وخاصة الصرف الصحي فابار الصرف مسدودة باستمرار وعلي الرغم من وجود حي الجمرك علي بعد خطوات الا انه تجاهل شكواهم. واشارالي ان هناك اكثر من 50 أسرة و12 محلاً وورشة يعيشون وسط الصرف في الربع. وفي قلب السوق وجدت ورشة لتصنيع " ليات " الشيش من الجلد الضأن والماعز والتي ورثها الحاج محمد مصطفي حمودة صاحب الورشة هو واخوته ابا عن جد مؤكدا انها كانت صنعة مزدهرة عند الاتراك وكان لها زبون مخصوص يأتي لها من كل مكان ولكن الصناعة الصيني أثرت علي هذه التجارة التي كانت منتعشة.