عرض: هاشم عبدالحميد في كل صباح تشرق الشمس علي شوارع العاصمة الأرجنتينية بيونس أيرس مبشرة بميلاد جديد لملايين المهاجرين من مختلف الأجناس والأديان شكلوا نسيجا متناغما حيث يعيشون سويا في مجتمع مفتوح يسمح بالتعددية العرقية والدينية أوروبيون وآسيويون وعرب ومسيحيون ومسلمون ويهود، إنها أمريكا اللاتينية والأرجنتين علي وجه الخصوص والتي علي الرغم من مشاكلها الاقتصادية والاجتماعية فإنها وطوال تاريخها تضرب قارة أمريكا اللاتينية مثالا غير مسبوق في التسامح والعيش الاجتماعي المشترك. وتعتبر الجالية اليهودية في الأرجنتين من أكبر الجاليات التي تملك تاريخا في البلاد نظرا لحجمها وحجم المهاجرين من اليهود الذين نزحوا إليها خلال الحرب العالمية قادمين من أوروبا وهربا من هتلر وملاحقته لهم إلا أنهم اليوم يعتبرون تقريبا الجالية الوحيدة التي تحاول باستمرار ممارسة ضغط سياسي علي الحكومة الأرجنتينية وتحديدا منذ الهجوم بالمتفجرات علي المركز اليهودي في بيونس أيريس عام 1994 والذي تشير فيه جميع الدلائل إلي إيران وحزب الله، الضغط زاد بشكل خاص من جانب اللوبي اليهودي بعد اعتراف الرئيس السابق نستور كرشنر بحدوث أخطاء في التحقيق بالحادث مما أثار غضب اليهود في البلاد بشكل أكبر ومن حينها وهم ينظمون بشكل شبه منهجي تظاهرات تدعو حكومتهم للثأر لهم من إيران من الهجوم الذي استهدفهم في قلب الأرجنتين وخلف 85 قتيلا من اليهود والذين يبلغ مجموع عددهم في الأرجنتين حوالي 300 ألف ، إلا أن حديث وسائل الإعلام الأرجنتينية حول عملية تفجير مقر الجالية اليهودية قد يختلف قليلا عن تلك التفسيرات خاصة خلال الاحتفال بوقوعه كل عام حيث تعمد علي التذكير أن الحادثة وقعت بعد أيام قليلة من رفض الأرجنتين الطلب الأمريكي بإرسال قوات إلي العراق وهو ما اعتبرته واشنطن تمرداً غير مقبول من جانب حكومة بيونس أيريس وهو ما دفع بنظرية المؤامرة والابتزاز السياسي إلي الواجهة علي غرار ما يحدث مع ألمانيا منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية. كتاب " الحياة اليومية لليهود الأرجنتينيين " للكاتب الأرجنتيني الشهير ريكاردو فيرستين واحد من أبرز الكتب التي تتحدث عن تاريخ اليهود وتأثيرهم في الأرجنتين وهو واحد من سلسلة طويلة من الكتب التي أعدها الكاتب المتخصص في هذا الشأن حيث حصل عن تلك الأعمال علي العديد من الجوائز الأدبية البارزة وترجمت أعماله للإنجليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية والعبرية كما ترجم العديد من الأعمال البارزة لأدباء يهود إلي الإسبانية مثل ليفي تشارلز علي سبيل المثال ، والكتاب يستعرض التاريخ الطويل لليهود وخصائص مجتمعهم في الأرجنتين وأمريكا اللاتينية بشكل عام وهو المجتمع المتأصل في تلك القارة منذ حوالي قرن من الزمان واستخدامهم للتقاليد اليهودية في مجتمع لاتيني وتمسكهم باللغة العبرية بجانب الإسبانية كما يوضح الكتاب صورة اليهودي وكيف تم تناولها في الأرجنتين بالأعمال الأدبية والاسكتشات والمسرحيات كما يضم الكتاب أرشيفا مميزا للصور النادرة للجالية اليهودية منذ قدومها للبلاد.