وكيل "خطة النواب": رئيس المركزى للمحاسبات لم يحضر للمجلس منذ 10 سنوات    وزير الدفاع يلتقى قائد القيادة المركزية الأمريكية    متحدث الحكومة يكشف المواعيد الجديدة لقطع الكهرباء خلال فترة الامتحانات: تبدأ غدا    وزير المالية السعودي: عجز الميزانية مقصود ولأهداف تنموية.. وسنواصل الإنفاق الاستراتيجي    نازحون يفرّون من رفح الفلسطينية تحت القصف: صرنا زي الطابة كل يوم في ملعب    نهضة بركان يستعيد مهاجمه أمام الزمالك    ضبط عاطل وراء سرقة مسجد بالشرقية    الكوميديا تسيطر على برومو فيلم بنقدر ظروفك لأحمد الفيشاوى    النيابة تصرح بدفن جثة سيدة دهسها قطار في سمالوط بالمنيا    كاتب صحفي: المقترح المصري للتهدئة في قطاع غزة حظى بردود فلسطينية إيجابية    «مهرجان التذوق».. مسابقة للطهي بين شيفات «الحلو والحادق» في الإسكندرية    نائب رئيس جامعة الأزهر السابق: تعليم وتعلم اللغات أمر شرعي    انطلاق قافلة طبية مجانية لمدة يومين في قرية الحنفي بكفر الشيخ ضمن حياة كريمة    محافظ قنا يفتتح عددا من الوحدات الطبية بقرى الرواتب والحسينات وبخانس بأبوتشت    وضع حجر أساس شاطئ النادي البحري لهيئة النيابة الإدارية ببيانكي غرب الإسكندرية    بيان عاجل.. الكهرباء: تعديل جدول تخفيف الأحمال من الغد.. اعرف المواعيد الجديدة    انطلاق فعاليات المؤتمر الدولي الخامس لتحلية المياه بشرم الشيخ    وزير الصحة يؤكد أهمية نشر فكر الجودة وصقل مهارات العاملين بالمجال    سب والدته.. المشدد 10 سنوات للمتهم بقتل شقيقه في القليوبية    وائل كفوري ونوال الزغبي يحييان حفلًا غنائيًا بأمريكا في هذا الموعد (تفاصيل)    الشامي: حسام حسن علمني الالتزام في الملعب.. وأخبرني أنني أذكره بنفسه وهو صغير    نشطاء مؤيدون للفلسطينيين يحتلون باحة في جامعة برلين الحرة    البورصة المصرية تربح 11.9 مليار جنيه في ختام تعاملات الثلاثاء    كيف يقوم العبد المسلم بشكر ربه على نعمِه الكثيرة؟..د.عصام الروبي يوضح    9 أيام إجازة متواصلة.. موعد عيد الأضحى 2024    بدء تطبيق نظام رقمنة أعمال شهادات الإيداع الدولية «GDR»    الرئيس الصيني يتعهد ب"عدم نيسان" قصف الناتو للسفارة الصينية في بلجراد    للأمهات.. أخطاء تجنبي فعلها إذا تعرض طفلك لحروق الجلد    انطلاق الأعمال التحضيرية للدورة ال32 من اللجنة العليا المشتركة المصرية الأردنية    وزير الري يتابع موقف المشروعات المائية وتدبير الأراضي لتنفيذ مشروعات خدمية بمراكز المبادرة الرئاسية "حياة كريمة"    ضبط متهم بالاستيلاء على بيانات بطاقات الدفع الإلكتروني الخاصة بأهالي المنيا    المشاكل بيونايتد كبيرة.. تن هاج يعلق على مستوى فريقه بعد الهزيمة القاسية بالدوري    بعد الإنجاز الأخير.. سام مرسي يتحدث عن مستقبله مع منتخب مصر    75 رغبة لطلاب الثانوية العامة.. هل يتغير عدد الرغبات بتنسيق الجامعات 2024؟    حفل met gala 2024..نجمة في موقف محرج بسبب فستان الساعة الرملية (فيديو)    9 عروض مسرحية مجانية لقصور الثقافة بالغربية والبحيرة    الأمم المتحدة: العمليات العسكرية المكثفة ستجلب مزيدا من الموت واليأس ل 700 ألف امرأة وفتاة في رفح    توقف حركة دخول شاحنات المساعدات إلى قطاع غزة    بحضور مجلس النقابة.. محمود بدر يعلن تخوفه من أي تعديلات بقانون الصحفيين    الضرائب: تخفيض الحد الأدنى لقيمة الفاتورة الإلكترونية ل25 ألف جنيه بدءًا من أغسطس المقبل    3 ظواهر جوية تضرب البلاد.. الأرصاد تكشف حالة الطقس على المحافظات    نصائح مهمة لطلاب ثانوي قبل دخول الامتحان.. «التابلت مش هيفصل أبدا»    بكتيريا وتسمم ونزلة معوية حادة.. «الصحة» تحذر من أضرار الفسيخ والرنجة وتوجه رسالة مهمة للمواطنين (تفاصيل)    انطلاق فعاليات مهرجان المسرح الجامعي للعروض المسرحية الطويلة بجامعة القاهرة    عادات وتقاليد.. أهل الطفلة جانيت يكشفون سر طباعة صورتها على تيشرتات (فيديو)    الجدول الزمني لانتخابات مجالس إدارات وعموميات الصحف القومية    جمهور السينما ينفق رقم ضخم لمشاهدة فيلم السرب في 6 أيام فقط.. (تفاصيل)    اقوى رد من محمود الهواري على منكرين وجود الله    "تم عرضه".. ميدو يفجر مفاجأة بشأن رفض الزمالك التعاقد مع معلول    المتحف القومي للحضارة يحتفل بعيد شم النسيم ضمن مبادرة «طبلية مصر»    تفاصيل نارية.. تدخل الكبار لحل أزمة أفشة ومارسيل كولر    مدحت شلبي يعلق علي رفض الشناوي بديلًا لمصطفى شوبير    زعيم المعارضة الإسرائيلي: على نتنياهو إنجاز صفقة التبادل.. وسأضمن له منع انهيار حكومته    كيفية صلاة الصبح لمن فاته الفجر وحكم أدائها بعد شروق الشمس    عبد الجليل: استمرارية الانتصارات مهمة للزمالك في الموسم الحالي    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    اللواء سيد الجابري: مصر مستمرة في تقديم كل أوجه الدعم الممكنة للفلسطينيين    رغم إنشاء مدينة السيسي والاحتفالات باتحاد القبائل… تجديد حبس أهالي سيناء المطالبين بحق العودة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المعاقون في سوق السياسة
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 21 - 05 - 2010

الإصرار علي تعيين معاق في مجلس الشوري ليكون صوتًا لذوي الإعاقة، هو إصرار علي تكريس عزلتهم، بل والمزيد من تجاهل قضاياهم ومشاكلهم.
لا شك لدي في صدق نوايا الوزيرة مشيرة خطاب عندما أعلنت عن إعداد مذكرة ترفع لاحقًا لرئيس الجمهورية مقترحة تعيين أحد المعاقين في مجلس الشوري ليكون صوتا مدافعًا عن حقوق الأشخاص ذوي الاعاقة في مصر، خاصة أن وزيرة الدولة للأسرة والسكان دأبت علي العمل من أجل صياغة مشروع قانون يضمن حقوق المعاقين كونها حقوقا دستورية وقانونية لتنقل قضيتهم نقلة نوعية من باب الحديث عنها باعتبارها قضية عمل إنساني خيري إلي قضية حقوق وواجبات، وظني أن خطاب سيدة مصر الأولي السيدة سوزان مبارك للمعاقين المعتصمين علي رصيف مجلس الشعب جاء ليؤكد هذا المعني الذي يربط احتياجات المعاقين بقضية الحقوق الدستورية والقانونية كمواطنين.
غير أن اقتراح الوزيرة بتعيين أحد المعاقين في مجلس الشوري جاء في رأيي ليعود بنا مرة أخري للمربع صفر، ذلك أن تعيين شخص معاق ليكون ممثلاً نيابيا للمعاقين فقط يضعهم في تصنيف فئوي يبدو المعاقون معه وكأنهم مختلفون في طبيعة حقوقهم وقضاياهم عن بقية المصريين، وعلاوة علي ما يحدثه هذا الاقتراح من خلل في وظيفة ودور نائب الشعب، فإنه يعمل علي المزيد من عزل المعاقين، والتمييز ضدهم، فماذا لو تم تعيين أحدهم بالفعل.. هل سينخرط في مناقشة مشروعات القوانين التي تشغل غالبية المصريين، أم أنه سيقصر حضوره علي الجلسات التي ستخصص لمناقشة قضايا المعاقين..
وتري من سيشاركه حضور تلك الجلسات طالما أنه الوحيد صاحب توكيل قضايا المعاقين؟
إن هذا الاقتراح - وعلي ما فيه من صدق النوايا - يفتح الباب علي مصراعيه أمام اقتراحات مماثلة فلا غرابة أن نجد من يطالب بتعيين أو تخصيص كوته للنوبيين وأخري للأقباط وربما ثالثة للصعايدة باعتبارهم موضوعًا ثريا لنكت المصريين، ولن يجد مثيرو الفتن وهواة الطائفية عناء في المطالبة بمعاملة من يعتبرونهم أقليات مصرية بالمثل. وإذا كان المعاقون المعتصمون علي رصيف مجلس الشعب قد أعلنوا رفضهم القاطع تسييس قضيتهم ونأوا بمطالبهم عن محاولات مثيري الشغب ومحترفي التظاهر عمال علي بطال لاستغلالها فإن اقحام المعاقين في عالم السياسة قد يتيح الفرصة لهؤلاء لاستثمار القضية. وبدلاً من تعيين المعاقين في المجالس النيابية كمحاولة لدمجهم في المجتمع، يصبح تفعيلهم سياسيا ضمن الأطر الشرعية هو الأجدي والأصلح للمعاقين خاصة وللمصريين عامة.
والأطر الشرعية هنا هي الأحزاب السياسية بمختلف مشاربها حيث سينخرط المعاق في العمل العام ليشتبك مع جميع قضايا مجتمعه ووقتها تصير قضية المعاقين ضمن قضايا المجتمع بأسره، ولا بأس حينذاك من أن تقدم الأحزاب للحياة السياسية ناشطين وفاعلين، بل ومرشحين طبيعيين في مختلف المجالس النيابية والشعبية المحلية من الأشخاص ذوي الإعاقة. ولا أعتقد أن مهمة كهذه من الصعب القيام بها خاصة أن غالبية المعاقين منخرطون في جمعيات أهلية تعني بشئونهم، بل إن هناك جمعيات كل أعضاء مجالس إداراتها من المعاقين، وهو ما يعني بالضرورة استعدادهم للمشاركة في العمل العام، وهي نقطة يمكن استثمارها لجذبهم نحو العمل السياسي.
وأتصور أن بمقدور الأحزاب السياسية جذب آلاف المعاقين بشرط أن تتضمن برامجها طرح قضاياهم وإذا كانت غالبية الأحزاب صارت تتقاسم ظاهرة تقلص العضوية وضعفها إما بسبب صراعاتها الداخلية أو برامجها المتكلسة، فعلي الأقل تستطيع الأحزاب الكبيرة القيام بهذا الدور الاجتماعي السياسي وفي مقدمتها الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم أولا لكونه حزب الأغلبية وثانيا لتعاظم حجم عضويته التي تجاوز ال2 مليون مصري، ومن المؤكد أن من بينهم معاقين يمكن استثمار وجودهم في هذا الشأن ليلعبوا دورًا فاعلاً وضاغطًا عبر المستويات والأطر الحزبية في وضع مشروعات القوانين التي تخصهم أو تخص مجمل المجتمع المصري تماما كالدور الذي لعبته الجمعيات المعنية في صياغة مشروع قانون الأشخاص ذوي الإعاقة الذي أنجزته وزارة الدولة للأسرة والسكان بعبارة أخري لو تم تفعيل الأشخاص ذوي الإعاقة سياسيا وحزبيا فقد نري منهم وزيرًا أو نائبًا في البرلمان يدافع عن قضايا كل المصريين كما رأينا منذ سنوات وزيرًا كفيفًا بالحكومة البريطانية هو «ديفيد بلانكت» الذي تولي حقيبة وزارة الداخلية، ما أريد قوله أننا نحن المعاقون لسنا بحاجة لمن يمثلنا كفئة تحت قبة البرلمان سواء بالتعيين أو حتي بالترشيح، فمن المفترض أن تشغل قضيتنا بال كل نواب الشعب، ولابد أن بكل الدوائر الانتخابية مواطنين معاقين ومنهم من ذهب لصندوق الانتخابات ليؤيد مرشحاً يدافع عن حقوقه كمواطن لا كمعاق. وبذات المنطق أري مشروع قانون حقوق ذوي الإعاقة الجديد يأتي معبراً عن حقيقة مفادها أن مشكلة المعاقين في واقع الأمر تكمن في الثقافة السائدة والصورة النمطية السلبية عن شخص المعاق، فكل ما نص عليه مشروع القانون الجديد بشأن تأكيد حق التعليم والعمل والرعاية الصحية موجود في الأصل في الدستور المصري وحزمة من القوانين التي تضمن تلك الحقوق وغيرها لجميع المصريين كونهم مواطنين متساوين في الحقوق والواجبات، ولولا عدم الالتزام بتلك النصوص الدستورية، أو التطبيق المشوه لها لما احتجنا لقانون جديد لذلك أضحي صدوره ضرورة لا غني عنها، لكن أخشي ما أخشاه أن تعاني نصوصه نفس التجاهل وسوء التطبيق كسابقه. ويدلل علي صحة ما أدعيه وقائع كثيرة تؤكد أن المشكلة تكمن في الثقافة التي دأبت علي التعامل مع المعاق كونه شخصا عاجزا يحتاج دائماً للمساعدة منزوع الأهلية، بمعني حرمانه من أن يكون مواطناً عليه التزامات وواجبات إزاء الوطن وحقوق لديه.. أذكر منها علي سبيل المثال فقط أنه خصصت محافظة القاهرة قبل عشرين عاماً وحدات سكنية للمعاقين قامت بعزلهم في عمارات هي أقرب للسجون النفسية حيث قامت بتخصيص عمارة سكنية كاملة في حي مدينة السلام للمكفوفين وأخري للمعاقين حركياً، وصار اسم الأولي «عمارة المشايخ» والثانية «عمارة العجزة».
ورغم نص قانوني التأهيل والعمل علي تخصيص نسبة 5% لتشغيل المعاقين في كل مؤسسة عامة أو خاصة يصل عدد عمالها أكثر من 50 شخصاً، إلا أن هذا النص يقابل بالتجاهل والإحجام في أغلب الأحيان خاصة أن غرامة مخالفته لا تزيد علي مائة جنيه وفي حالة تطبيقه فإن الأمر يزداد سوءاً، فغالباً ما يتم تعيين المعاق دون اسناد عمل له يقوم به ويطلب منه الحضور آخر الشهر لتوقيع دفتر الحضور والإنصراف وصرف راتبه منزوع الحوافز والبدلات كونه لا يؤدي عملاً، وهذا الواقع قائم في معظم إن لم يكن كل المؤسسات العامة والخاصة، ناهيك عن حق التعليم فلا زالت أقسام وكليات بعضها نظري يرفض قبول طلاب مكفوفين.
وقد يكون من المناسب في هذا السياق أن أذكر بعض الإحصاءات التي تعبر عن واقع حقوق الأطفال ذوي الإعاقة والتي جاءت ضمن دراسة أعدتها هيئة إنقاذ الطفولة البريطانية بالمشاركة مع وزارة التضامن الاجتماعي العام الماضي وحملت عنوان «واقع استفادة الأطفال ذوي الإعاقة من الخدمات القائمة». تقول الدراسة أن هناك 2 مليون طفل من ذوي الإعاقة في سن التعليم لم يحصل من بينهم علي هذا الحق سوي 35.7% وبالتالي هذه النسبة فقط هي التي تتمتع بمظلة التأمين الصحي، وأن 17.2% منهم حصلوا علي شهادة التعليم المتوسط و2.8% منهم فقط تمكنوا من مواصلة التعليم العالي. وذكرت الدراسة أن نسبة الأمية بين صفوف المعاقين بلغت أكثر من60% . وأوضحت أن 27 دقيقة فقط خصصت لبرامج المعاقين في القنوات التليفزيونية، أما حصتهم من الخدمات التي تقدمها مراكز الشباب فكانت صفرا%. الدراسة شملت خمس محافظات هي القاهرة والغربية والسويس وسوهاج ومرسي مطروح. أخيراً لسنا في حاجة لكوتة داخل البرلمان وقد لا نكون في حاجة لقانون جديد بقدر ما نحتاج لوعي مختلف عند الحديث عن قضية المعاقين ونقلها من مستوي التعاطف الإنساني المحض إلي مستوي الحديث عن واجبات يقابلها حقوق. وما دمنا نعيش في مجتمع مدني حديث يؤمن بالليبرالية السياسية والاقتصادية والاجتماعية يصبح كل ما يحتاجه المعاق هو أن تتاح له الفرصة المتكافئة وأن يتمتع بما أسميه بحق (دعني أعمل دعني أمر).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.