قرأت باهتمام ما أعلنته السفيرة مشيرة خطاب (وزيرة السكان والأسرة) من أنها سترفع مذكرة إلي الرئيس حسني مبارك للمطالبة بتعيين أحد المواطنين المعاقين ضمن المعينين بمجلس الشوري.. استجابة لمطالبهم. ولقد أسعدني هذا الخبر كثيراً.. خاصة أنني قد كتبت عدة مرات علي صفحات "روز اليوسف" اليومية مطالباً بهذا الإجراء، كما طالبت به من خلال بعض البرامج الفضائية فيما بعد.. ليس فقط علي مستوي مجلس الشوري بل علي مستوي المجلسين (الشعب والشوري) من جانب، وعلي مستوي المجلس القومي لحقوق الإنسان والمجلس القومي للمرأة والمجلس القومي للشباب والمجلس القومي للرياضة من جانب آخر. وهو إجراء قد تأخر كثيراً لدعم المواطنين المعاقين المصريين للدمج في جميع أنشطة المجتمع. أعلم جيداً أنه إجراء استثنائي؛ ولكنه في الوقت نفسه إجراء يمثل دعما ومساندة مباشرة لقضايا المعاقين من المربع الاجتماعي إلي المربع الحقوقي والسياسي الذي يسمح بالمشاركة الكاملة بدون استبعادهم أو تهميشهم أو التعامل معهم بمنطق العطف والشفقة.. خاصة أن أحد التعريفات الجديدة لقضية الإعاقة هو كل من لا يستطيع أن يقوم بإنجاز عمل معين هو في حقيقة الأمر.. معاق فيه. إن مفهوم الدمج والتمكين يعني ببساطة دمج الأشخاص المعاقين مع أقرانهم من غير المعاقين كأفضل أسلوب للنمو داخل شتي مجالات المجتمع من جهة، ولنمو قدرة المجتمع علي قبول الاختلاف لجميع الأفراد بغض النظر عن اختلافهم أو درجة هذا الاختلاف للمزيد من الثراء والتفاعل في المجتمعات من جهة أخري. وهو ما يجب أن يتم فعلياً في عدة مجالات، منها: الدمج في التعليم (المدارس وفصول محو الأمية والحضانات)، والدمج في مراكز الشباب، والدمج في المكتبات، والدمج في برامج التنمية، والدمج في النوادي الثقافية والاجتماعية. أما التمكين، فيقصد به خروج الأطفال والشباب المعاقين وأسرهم من العزلة للحصول علي حقوقهم من خلال: إيجاد فرص مناسبة لهم سواء من خلال جمعيات أهلية تهتم بهم أو تفعيل قوانين تضمن لهم الحياة الكريمة، بالإضافة إلي العمل علي إكسابهم المهارات الحياتية اللازمة للتعبير عن ذواتهم، ورفضهم لأن يصبح حقهم في الحياة مجرد منح. ويعتمد التمكين علي: تمكين الأسر، وتمكين الأطفال والشباب المعاقين.. وهو ما يدعم صوتا ممثلا لهم في المجالس النيابية والقومية. إن وجود مواطن معاق مصري كعضو داخل مجلس الشوري.. هو تحقيق فعلي وعملي لمنظومة المواطنة.. خاصة أن المواطنة في تعريفها الأول لا يوجد بها أي تخصيص لفئة أو تمييز لمواطن علي حساب مواطن، بل إنها تتجاوز ذلك لكونها دعوة للمساواة بين جميع المواطنين بغض النظر عن الدين (مسيحي أو مسلم)، والنوع الاجتماعي (رجل أو امرأة)، ومعاق أو غير معاق، وصاحب بشرة بيضاء أو بشرة سوداء، وصغير السن أو كبير السن، وغني أو فقير. إن تعيين عضو من المعاقين بمجلس الشوري.. لا يتعارض بأي حال من الأحوال مع منظومة المواطنة.. لأن الإعاقة لا تتعلق بنوع اجتماعي أو بدين أو بطبقة اجتماعية دون الأخري.