خمس سنوات تمر اليوم علي رحيل المطرب الشعبي الأصيل الجميل محمد رشدي، ففي الثاني من مايو سنة 2005 فقد الفن المصري صوتا تألق وأبدع عبر ما يزيد علي نصف قرن واقتحم قلوب الملايين بعذوبته وصدقه ومذاقه المختلف. شهدت مدينة دسوق ميلاد محمد رشدي في يوليو 1928، وكانت البداية بالعمل في محلج للقطن، أما هواية الغناء فكانت ساحة مولد سيدي إبراهيم الدسوقي هي المسرح الأول لها وسط آلاف من المريدين البسطاء الذين يجمعون في أعماقهم بين الدين والدنيا وعشق الأولياء والفنانين الذين يعبرون عن حيواتهم. لعبت نشأة رشدي المتواضعة دوراً بالغ الأهمية في تشكيل لونه الغنائي، فهو لا ينتمي إلي الاتجاه العاطفي التقليدي الذي يختصر الحب في منظومة رومانسية ثنائية، بل يخوض في بحر مختلف، يستمد من مفردات الواقع اليومي صوره وأخيلته وأحلامه، ومن هنا تنعقد البطولة في كلمات أغانيه لمأذون البلد والمغنواتي وعرباوي ووهيبة فضلا عن «السجر» وذكرياته التي لا تنسي! تبعث ملامح محمد رشدي علي الثقة وتنفجر مشاعر الدفء بما فيها من جمال هادئ لا افتعال فيه أو صناعة تجميلية تكميلية، فهو «ابن البلد» المريح، وعندما يغني موال «أدهم الشرقاوي» يعلي من شأن الثقافة الشعبية ذات المرتكزات المختلفة في مفاهيمها الوطنية والنضالية. ليس مستغربا أن ينتسب إلي ساحة الغناء الشعبي المعاصر طائفة من رافعي رايات الابتذال الفج، فالمجتمع المصري يشهد قدرا كبيرا من الارتجال والاختلاط وهو ما ينعكس بالضرورة علي الثقافة التي تروج وتنتشر في الميكروباصات والغرز وأفراح الدرجة الرابعة يترحمون علي زمن رشدي وأبناء جيله من المؤلفين والملحنين، أولئك الذين ميزوا بصرامة بين البساطة والاستهانة وبين الشعبي والغوغائي. يرحمهم.. ويرحمنا الله