رؤساء الكنائس الأرثوذكسية الشرقية: العدالة الكاملة القادرة على ضمان استعادة السلام الشامل    حج 2024.. "السياحة" تُحذر من الكيانات الوهمية والتأشيرات المخالفة - تفاصيل    تراجع أسعار الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم السبت 11 مايو 2024    مندوب مصر بالأمم المتحدة يطالب المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل لتنفيذ الهدنة    مندوب مصر بالأمم المتحدة: إسرائيل تسعى لإجبار الفلسطينيين على النزوح القسرى من غزة    طولان: محمد عبدالمنعم أفضل من وائل جمعة (فيديو)    سيارة صدمته وهربت.. مصرع شخص على طريق "المشروع" بالمنوفية    أخبار الحوادث، تفاصيل محاولة تخلص رجل من زوجته وبناته الأربع حرقا بالغربية، العثور على جثة شاب محترقة وملقاة داخل الزراعات في طنطا    أحرقه حيًا.. بائع خردة يقتل زميله فى طنطا    حظك اليوم برج الجوزاء السبت 11-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    حلمي طولان: «حسام حسن لا يصلح لقيادة منتخب مصر.. في مدربين معندهمش مؤهلات» (فيديو)    هل يشترط وقوع لفظ الطلاق في الزواج العرفي؟.. محام يوضح    وظائف جامعة أسوان 2024.. تعرف على آخر موعد للتقديم    وداع نهائي من أجل الملكي.. رحيل مبابي في عيون الصحف الإسبانية    جدول امتحانات الصف الثاني الثانوي 2024 في القاهرة والمحافظات    عمرو أديب: اقتحام إسرائيل لمعبر رفح من الناحية الفلسطينية "غباء وتحدي"    كيشو يخطف بطاقة التأهل لأولمبياد باريس 2024    محمد التاجى: اعانى من فتق وهعمل عملية جراحية غداً    هل محمد رمضان نجم عالمي؟.. إجابة مفاجأة للفنان (فيديو)    تراجع أسعار النفط.. وبرنت يسجل 82.79 دولار للبرميل    إدراج 4 مستشفيات بالقليوبية ضمن القائمة النموذجية على مستوى الجمهورية    شهية ولذيذة.. طريقة تحضير مشروب «الكاكاو البارد»    الجيزة: الانتهاء من رصف وإعادة تخطيط وتطوير الشوارع حول محطة مترو "وادي النيل" -(صور)    زيارة ميدانية لطلبة «كلية الآداب» بجامعة القاهرة لمحطة الضبعة النووية    أخبار كفر الشيخ اليوم.. تقلبات جوية بطقس المحافظة    إقبال من أطفال الإسماعيلية على ورش الرسم والطباعة (صور)    اعرف حظك وتوقعات الأبراج السبت 11-5-2024، أبراج الحوت والدلو والجدي    «القاهرة الإخبارية»: أمير الكويت يقرر حل مجلس الأمة ووقف العمل ببعض بنود الدستور    مصرع طفل وإصابة آخر فى حادثتين متفرقتين ببورسعيد    كيشو يتأهل إلى أولمبياد باريس 2024    لتعزيز صحة القلب.. تعرف على فوائد تناول شاي الشعير    لماذا سمي التنمر بهذا الاسم؟.. داعية اسلامي يجيب «فيديو»    شهادة من البنك الأهلي المصري تمنحك 5000 جنيه شهريا    محافظ الغربية يتابع جهود الوحدات المحلية في زراعة أشجار مثمرة وأخرى للزينة    بطولة العالم للإسكواش 2024.. تأهل مازن هشام ب 3 أشواط نظيفة    نقاد: «السرب» يوثق ملحمة وطنية مهمة بأعلى التقنيات الفنية.. وأكد قدرة مصر على الثأر لأبنائها    تفاصيل هجوم روسيا على شرقي أوكرانيا.. وكييف تخلي بلدات في المنطقة    آداب حلوان توجه تعليمات مهمة لطلاب الفرقة الثالثة قبل بدء الامتحانات    "سويلم": الترتيب لإنشاء متحف ل "الري" بمبنى الوزارة في العاصمة الإدارية    عاجل.. رضا سليم يتواصل مع الشيبي لحل أزمة حسين الشحات.. ولاعب بيراميدز يحدد شروطه    في زمن التحوّلات.. لبنان يواجه تحديات في الشراكة الداخليّة ودوره بالمنطقة    حسام موافي يكشف أخطر أنواع ثقب القلب    حماس: تعاملنا بكل مسؤولية وإيجابية لتسهيل الوصول لاتفاق يحقق وقف دائم لإطلاق النار    مصرع فتاة خنقًا في ظروف غامضة ببني سويف    مصرع طالب سقط من القطار بسوهاج    5 نصائح مهمة للمقبلين على أداء الحج.. يتحدث عنها المفتي    فضائل شهر ذي القعدة ولماذا سُمي بهذا الاسم.. 4 معلومات مهمة يكشف عنها الأزهر للفتوى    بالصور.. الشرقية تحتفي بذكرى الدكتور عبد الحليم محمود    بعد زواجه من الإعلامية لينا طهطاوي.. معلومات لا تعرفها عن البلوجر محمد فرج    واجبنا تجاه المنافع المشتركة والأماكن العامة، الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة القادمة    نائب رئيس جامعة الزقازيق يشهد فعاليات المؤتمر الطلابي السنوي الثالثة    البرلمان العربى: ازدواجية المعايير الدولية تدعم الاحتلال الإسرائيلى فى إبادة الفلسطينيين    "علم فلسطين في جامعة جورج واشنطن".. كيف دعم طلاب الغرب أهل غزة؟    السيطرة على حريق شقة سكنية بمنطقة الوراق    محافظة الأقصر يناقش مع وفد من الرعاية الصحية سير أعمال منظومة التأمين الصحي الشامل    محلل أداء منتخب الشباب يكشف نقاط قوة الترجي قبل مواجهة الأهلي    حملة بحي شرق القاهرة للتأكد من التزام المخابز بالأسعار الجديدة    دعاء الجمعة للمتوفي .. «اللهم أنزله منزلا مباركا وأنت خير المنزلين»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علاء عبد الهادى بعد حصوله على جائزة الشابى ..الجوائز المصرية مشغولة بالفرد و«الشلة»
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 26 - 04 - 2010

كتبت في بداياتي القصيدة التفعيلية ولازلت أكتبها حتي الأن وأعتبرها تمارين شعرية .. بهذه الكلمات عبر الشاعر الدكتور علاء بعد الهادي بصراحة عن موقفه الشعري في حواره معنا بعد حصوله علي جائزة «أبو القاسم الشابي» الشعرية وقال عما تمثله له الجائزة.
أهمية جائزة "الشابي" تنبع من قانون إنشائها، لأنها جائزة تمنح للنصوص لا للأسماء، وهذا يعني تكريمها لنص بعينه، لا لشاعر عن مجمل أعماله، والأهمية الثانية في رأيي أنها منحت لديوان قصيدة نثر، في أول تكريم لقصيدة النثر علي المستوي العربي.
أما ما تسميه "تجاهل" من الجوائز المصرية، فليس هناك شاعر من جيل السبعينيات وما بعده تقدم إليها ومُنحت له، إلا مرة واحدة لأسباب أنا في غني عن ذكرها، فالتجاهل علي حد تعبيرك كان للجيل كله، وهذا لا يعيب الشعراء، لكنه يعيب الجوائز، ولقد رشحني من قبل اتحاد الكتاب لجائزة التفوق في الشعر، وانسحبت من بداية الترشيح، بعد أيام من رفض صنع الله ابراهيم لجائزة الرواية، ذلك بعد أن انتبهت إلي خطأ التقدم إلي جائزة من وزير ثقافة تفتقد وزارته -في رأيي- أية رؤية استراتيجية تستهدف وضع الثقافة المصرية، في مكانها اللائق عربيا ودوليا، بعد أن اهتم معظم القائمين علي إداراتها بالشكل والمهرجان والفرد والحظيرة، علي حساب المضمون والأثر والجماعة والمشروع. أما جيلي الشعري العربي الممتد فتشرف به الجوائز التي تمنح إليه، وهي قليلة إن لم تكن نادرة، أكثر مما يشرف بها.
عنوان الديوان اشكالي، لماذا اخترت هذا العنوان؟
هناك فرق كبير بين الإشكالية والمشكلة، علي أية حال عنوان الديوان ليس إشكاليا، فأنا أعبر في هذا النص عن دهشتي بالجمال المهمل الذي لا يستدل عليه إلا بالظل، بالمجاز والمهمش، بالالتباس والنقص، بالاختلاف والأثر، نحن نعرف كيف نستدل بالنور، وقلة منا يعرفون كيف يستدلون بالظل، والشعراء وليس كلُّ من كتبَ الشعر شاعرًا- قبيلة صغيرة العدد في هذا العالم، يعرف أبناؤها جيدًا كيف يستدلون بالظلّ! النور في ذاته ليس جميلاً، هو جميل بما يقع عليه، فإذا كان واقعنا علي هذا النحو، ربما كان الظل أرحب.
الديوان يطغي عليه خطاب فلسفي، هل هذا اختيار معرفي؟
كلمة خطاب في السؤال غير دقيقة، الشعر في رأيي اختيار معرفي، يضلّك عن المعرفة فيه حضورُ الجمال، وسطوته علي النص، أما ديواني "مهملٌ تستدلونَ عليه بظلّ"، فيقوم في بعد منه علي التفات النص الشعري إلي النص السينمائي؛ بطرائق "كتابة السيناريو"، يتكوّن الديوان من خمسة نصوص، يضمّ كلٌّ منها عرضًا مكتوبًا بلغة "الكاميرا"، بدأت هذه العروض من حريق القاهرة، ولم تنتهِ بانتخابات الرئاسة الأمريكية بين بوش وكيري، احتفي الديوان بالتناقض، وغياب اليقين، احتفي بالحقائق الرمادية التي تعبر عنها فضاءات قصائد النثر في الديوان، مثلما احتفي بالحقائق الحادة؛ البيضاء والسوداء، القائمة علي سياسات الهوية، والقيم القارة، والرومانسية في أشد حالاتها حضورًا ووطأة، وهي النصوص التي عبرت عنها قصائد التفعيلة والعمود.
هناك مزاوجة بين تجريد الاشياء وتجسيدها، بين الحلم والواقع، فهل هذه نظرة صوفية للوجود؟
لا وجود لشاعر دون هذا الخفق الصوفي في لغته الشعرية، أما سؤالي المركزي في هذا العمل فكان يدور حول الفكرة بصفتها وجودًا يقع قبل الصوت وبعد الكتابة، عن المسافة بينهما، الفكرة في أثناء كتابة القصيدة وبعدها، تلك الفكرة الشعرية الملتبسة كيف يمكن أن تظل طليقة في خفقها، كيف يمكن أن تتحول إلي نصّ مفتوح دون أن تغلقها الكتابة؟
عناوين القصائد تحمل أسماء من عيون الأدب العالمي مثل "الصخب والعنف" لفوكنر، و"مائة عام من العزلة" لماركيز...إلخ. ما الذي قصدته من هذا؟
هناك خيط رقيق في عقل الشاعر يربط عنوان القصيدة بمضمونها، وقد ارتبطت عناوين معظم النصوص الشعرية في الديوان بعناوين أعمال فكرية، وأدبية، وفلسفية، وعلمية، علي نحو قد فرض تناصات لا مفر من ظهورها، فقد توجد علاقة مباشرة بين عنوان القصيدة ومضمونها، مثل نص "مئة عاام من العزلة"، وقد يوجد تشاكل علي المستوي الأسلوبي بين العنوان وكتب تراثية مشهورة مثل قصيدة "الأغاني"، وقد تكون العلاقة بين النص الشعري وعنوان الكتاب علاقة اختلاف بسبب طريقة المعالجة الشعرية للموضوع مثل قصائد "رأس المال، و"أصل الأنواع"، و"المعذبون في الأرض"، وقد تكون العلاقة محاكاة ساخرة للنص الأصلي، مثل قصيدة "المواقف والمخاطبات"، وقد تكون العلاقة بين العنوان والنص علاقة مفارقة مثل نص "البحيرة"، وهكذا.
برأيك هل الخروج عن التقليدية الشعرية محاولة إعادة رسم القصيدة أم البحث عن التجديد؟
كتبت في بداياتي القصيدة المقفاة، وأعتبرها إلي الآن تمارين شعرية، كما كتبت ولازلت قصيدة التفعيلة، وضم ديواني الأول قصائد مختارة مما كتبته في فترة السبعينيات، جاءت في ستة أوزان شعرية، فضلاً عن قصائد النثر، أنا مع الشعر، بصرف النظر عن أسلوبه، أما علي المستوي النظري فأري أن الصراع القائم بين قصيدتي التفعيلة والعمود من جهة، وقصيدة النثر من جهة أخري، يجاوز مشكلة التصنيف، وذلك في ضوء نظرتنا إلي حركة الشعر التقليدي تلقيا وإنتاجًا بصفتها مجالاً رمزيا ارتبط بشعراء ونقاد لهم مصالح، تشكل قصيدة النثر بما تحاوله من خلخلة في المجال، خطرًا علي مواقعهم فيه، من هنا يمكننا أن نفسر دواعي هجومهم المتصل علي قصيدة النثر العربية، بصفته صراعًا علي مصالح ترتبط برأسمال رمزي يجري توظيفه معنويا، وماديا، وإعلاميا.
تنتمي عمرًا وتجربة إلي جيل السبعينيات ولا يتم الإشارة إليك باعتبارك من رموز هذا الجيل، هل تعدَ هذا تجاهلاً؟
علي الرغم خطأ هذا الزعم، فإن تعبيرك باستخدام كلمة تجاهل هو تعبير غير لائق، وقد ورد في أسئلتك مرتين، والتجاهل يعني أن هناك من شاهدك، ثم قصد غضّ الطرف بعد ذلك عنك، إما لأهميتك، التي تستلزم إبعادك، وهو تجاهل أرحب به، أو لجهله بك، وهو تجاهل لا ذنب لي فيه، أو لرفضه لك لسبب يخصه، وهو شأن لا يعنيني، أنا لا أستغرب علي أية حال شعور بعض النقاد أو الشعراء التقليديين بالقلق أو بعدم الرضا عن نصوصي التي تجترح في تحليقها فضاءات جمالية جديدة بخاصة، فأهمية الشاعر في رأيي هي إثارة الجدل الجمالي، وخلق الاختلاف.
لكن الحقيقة أنه لا يتم الإشارة إليك بصفتك أحد رموز السبعينيات؟
أنا لست رمزًا ولا أحب أن ينعتني أحد بذلك، كنت غائبًا إبان هذه الفترة، فلم أؤثر في الحركة الشعرية السبعينية المصرية في بداياتها وتشكلها، ولم أتأثر بها، وهذا ما منحني اختلافي، ربما يثلج صدري تقدير عدد كبير من أبناء جيلي لتجربتي، فأنا من أكثر شعراء هذا الجيل الذين كتبت عنهم دراسات وأبحاث أكاديمية، ورسائل علمية، من شعراء ونقاد، وباحثين، مصريين، وعرب.
أما منجزي الشعري علي مدي زمني يجاوز خمسة وثلاثين عامًا، يمكن اعتبار أجزاء منه علامات في تاريخ تطور القصيدة العربية المعاصرة، وفق آراء نقاد وشعراء، أكبر من أن يتم يتجاهله لسبب موضوعي شاعر أو ناقد، إلا إذا كان أعمي، عاجزًا عن الإنصات.
والشاعر الحق، هو الشاعر اللاعب، غير المدجن، الذي يصعب أن يتحول إلي رمزٍ بسبب نشاط تاريخي، في مكان ما، وزمان ما، في عصبة شعرية هنا، أو في تكتل هناك، الشاعر رمزٌ بنسبته إلي نصه، لا إلي شيء آخر، أما التجريب الشعري الباحث عن ممكن أخر وجديد، فتجريب يتجاهل قصدًا سؤال المجايلة الذي قد تعوزه الدقة علي المستوي العلمي، ويحتفي بالخروج، وهذا ما يدفع بالحدّ الجمالي إلي سقفه الأعلي، يدفع بالشعر إلي نزعة من الحياد الخلقي، يحول الشاعر إلي وغدٍ في القصيدة، فعظمة شاعر ما هي صفة سيخلعها عليه الزمان، وهي علي نحو مؤكد تُجاوزُ ما أنجزه من قصائد جميلة، أو مجموعة شعرية لافتة، إلي الاهتمام بمبدأ الكتابة ذاته؛ الكتابة التي يمثلها الشاعر. ما أجمل تلك الصيحة التي يتردد رجعها في أذني دائمًا لصاحب المواقف والمخاطبات حين أنشأ يقول، "اكتُبْ من أنت، لتعرفَ من أنت، فالحقُّ لا يستعيرُ لسانًا من غيره".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.