علي العكس من السعادة التي غمرت أهل الرواية من الشباب, وقف الشعراء محبطين, ففي حين ذهبت جائزة الدولة التشجيعية إلي واحدا من أكثر أبناء جيل' الكتابة الجديدة كما يدعوهم البعض تحققا وتأثيرا في المشهد الأدبي الشاب, لم ينل جائزة الشعر واحد من الأصوات المؤثرة أو المعروفة في المشهد الشعري, إذ نالها الشاعر إيهاب البشبيشي, مما دفع البعض إلي الهجوم علي ذائقة اللجنة, والتساؤل عن الحد الذي يقف عنده تحكم ذائقة أعضاء اللجنة وهم أحمد عبد المعطي حجازي مقررا للجنة, وحسن طلب وسعد عبد الرحمن وسيد حجاب وفؤاد طمان وفولاذ عبد الله الأنور ومحمد حماسة عبد اللطيف في الجائزة. 'الاهرام المسائي' سعي للبحث عن سر هذه المفارقة يوضح الشاعر عبد المنعم رمضان في البداية أن جائزة الدولة التشجيعية هي الوحيدة التي تمنحها اللجان عن طريق لجان الفحص ولا يمنحها مجلس الأمناء عن طريق التصويت المباشر شأن التقديرية والتفوق ومبارك, ويقول:'إذا شئنا التفكير في الجائزة لابد أن نتأمل تشكيل أعضاء لجنة الشعر, وهي لجنة محافظة وهذا ليس سرا, وليس هجوما علي أعضائها فالجميع يعرف أن اللجنة متأثرة بذائقة الشاعر فاروق شوشة الذي يدير اللجنة في الخفاء عبر وجه حجازي, وأنه محمل بمرارات كثيرة أبرزها أنه لم يتحقق مثل أبناء جيله ومنهم حجازي مقرر اللجنة وصلاح عبد الصبور رحمه الله'. ويتابع:' بالتالي ليس غريبا أن نري الجائزة التشجيعية تمضي في الاتجاه المعاكس, مثلها مثل جائزة الدورة الأولي في الشعر للشباب التي ذهبت للشعر العمودي بحجة أن يتعلم الشباب الشعر العمودي وكأن اللجنة تشترط أنك لكي تكتب قصيدة النثر لابد أن تكتب كل الاشكال الشعرية من الجاهلية لتصل إلي النثر علما بأن عمالقة قصيدة النثر مثل الماغوط وأدونيس لم يكتبا سوي قصيدة النثر.ويتفق الشاعر محمود قرني عضو مجلس امناء بيت الشعر المصري الذي يرأسه حجازي في الهجوم علي لجنة الشعر مع رمضان إذ يقول:' جائزة الدولة في الشعر علي مدار أكثر من عشرين عاما كرست لذائقة شديدة المحافظة, ولم تكن انحيازاتها لصالح الطليعية ولم تختر المغامرة الابداعية في أي لحظة من اللحظات, ربما في استثناءات شديدة الندرة عندما منحت للشاعر محمد عفيفي مطر ومحمد فريد أبو سعدة قبل أكثر من15 عاما, وما يحدث في مصر غريب مقارنة بما يحدث في العالم العربي أجمع'. وأدان قرني اختيارات اللجنة في كل الاعوام السابقة وقال إنها' تعبر عن تكلس الذائقة الشعرية فضلا عن عدم خلوها من الانحيازات التي تفتقر إلي أي موضوعية فمرة تحصل عليها شاعرة لأن زوجها مريض وأخري يحصل عليها شاعر لأنه تجاوز ال60 من عمره ومن ثم فتي.. تفتقر حتي إلي المعيار الذي أنشئت من أجله'. وعن شاعر هذا العام يقول:' قرأت بعض قصائده وأراه شاعرا تفعيليا جيدا, لكن السؤال: لماذا تموت كل الاسماء التي تحصل علي تشجيعية الدولة, وتبقي المغامرة الحقيقية في هامش الثقافة المصرية وهو سؤال لابد أن يوجه للقائمين علي شأن هذه الجوائز, قبل أن يوجه لأصحاب المغامرة الذين يعرفون الاجابة ومن ثم لا ينتظرون مكافأة لن تذهب لهم أبدا'. ويتساءل قرني إن كان ثمة مشروعية في هذه الجائزة فلماذا لا تذهب إلي أشكال شعرية مختلفة ولماذا يتم اقصاء قصيدة النثر من مشهد الجائزة رغم أنها تمثل الحيوية الحقيقية في المشهد الشعري المصري'؟ وتقف أيضا قصيدة النثر علي رأس أسباب الشاعر عزمي عبد الوهاب, الذي أكد أن هذه المشكلة لا تواجه لجنة سوي لجنة الشعر التي تصر علي ألا تمنح أية جوائز لعشرات من شعراء النثر المتميزين والمؤثرين في المشهد الشعري المصري, قال:' بدلا من ذلك تذهب الجائزة لشعراء تفعيلة ضعاف الموهبة, فحتي علي مستوي شعر التفعيلة نجد أصوات أكثر أحقية بالجائزة'. كذلك وجه عزمي اللوم لادارة المجلس الأعلي للثقافة إذ يصر والكلام هنا علي لسان عزمي علي أن يكون أعضاء اللجنة من المسنين الذين لا علاقة لهم بالحياة الثقافية بالتالي لن يستطيعوا أن يروا ما يكتبه الشباب وأخيرا يشير عزمي أنه إذا ما تخلصت الجائزة من أزمة السن اذ نالها البعض في أعمار متقدمة عادة ما ينالها شعراء ليس لهم وجود فعلي في الحياة الثقافية ومن يأخذها يغيب عن المشهد. ومن جهته نفي عضو لجنة التحكيم حسن طلب كل ما وجه للجنة من اتهامات وقال: الجائزة لا تحكمها الذائقة الشخصية لأحد, وتابع:' فوز البشبيشي جاء بالاجماع, ولو أن الجائزة كانت محافظة كما يدعي البعض كانت منحت لديوان شعر عمودي مثلا' ويري طلب أن الأزمة تكمن في أن كل اتجاه شعري يريد أن يستأثر بالجائزة لنفسه, وهناك أكثر من50 ديوانا تقدمت للجائزة من مختلف التيارات, ووصف الانتقادات التي وجهت للجنة بال' منحازة' وأوضح:' شعراء النثر يرون أنه إما أن يحصل عليها شاعر نثر وإما فلا, وهذا كلام مرفوض لأنه يصادر علي الاختيار الحر لأعضاء اللجنة'. وصعد طلب الهجوم علي شعراء النثر قائلا:'هذه الاتجاهات التي يفترض أنها مجددة لابد أن تكون بعيدة التفكير في الجوائز, فكيف تكون طليعيا وثائر وعينك علي الجوائز؟' ومن جهة أخري دافع عن التشجيعية باعتبارها' الجائزة الوحيدة الاكثر نزاهة بين بقية جوائز الدولة سواء مبارك أو التقديرية أو التفوق', ودلل علي ذلك بخروج المفكر الدكتور فؤاد زكريا دون أن يحصد جائزة مبارك ثلاث مرات, وقال إن' هذه الجوائز تحكمها اعتبارات أخري منها المجاملات, أما التشجيعية فلا دخل لادارة المجلس فيها, فهي اختيار اللجان الحر'. وأخيرا برر طلب تخلص اللجان الاخري في المجلس من مثل هذه المشكلات, قائلا:' هذه الصراعات لا تواجه فنون أخري غير الشعر, إذ يواجه الشعر تقسيما حديا وحاسما بين فرقاء الشعر المصري غير موجود في الرواية أو القصة'.