نظمت هيئة الكتاب في إطار موسم الربيع الثقافي ندوة لمناقشة كتاب "حقيقة ظهور العذراء" للكاتب الصحفي محمود صلاح رئيس تحرير أخبار الحوادث شارك فيها الدكتور عمار علي حسن والدكتور سميح شعلان، وغاب عنها الكاتب الصحفي رشاد كامل. في البداية تحدث محمود صلاح فقال: لقد بدأت في سرد الكتاب منذ ست سنوات عندما كنت أتولي مسئولية تحرير مجلة "آخر ساعة" وفوجئت أن آلاف المصريين "مسلمين ومسيحيين" هرعوا إلي محافظة أسيوط لمشاهدة "ظهور العذراء التي كانت تظهر ليلا أعلي قبة الكنيسة"، وطلبت من زميلتي الكاتبة الصحفية مني ثابت، وهي مسيحية، أن تذهب بنفسها إلي أسيوط وترصد بالكلمة والصورة احتشاد الجماهير هناك، والمفارقة أن نصفهم كان من المسلمين، مما دفعني إلي البحث في هذه القضية، لأن العذراء لها مكانتها عند المسلمين حيث اصطفاها الله علي نساء العالمين. ثم عرض صلاح رأي الدين المسيحي في هذه الظاهرة، حيث قال البابا شنودة أن من يؤمن يمكن أن يري العذراء، ومن لا يؤمن لن يراها، ولن يري غيرها، ونحن لسنا بصدد مناقشة مسألة الظهور من عدمه، ولكن للتأكيد علي أنها مسألة إيمانية بحتة ووجدانية، طالما لا تعارض مبدأ التوحيد. أما الدكتور عمار علي حسن فقال: نحن هنا لمناقشة المسألة كظاهرة اجتماعية، نحلل جوانبها ونترك مساحات الاعتقاد لأهلها، ومريم العذراء مقدسة في المسيحية ومطهرة في الإسلام، وقد اعتمد المؤلف علي أسلوب السرد المشوق والحكائية، ورصد وسجل الظاهرة من بطون الكتب وصفحات الجرائد، واتبع منهجا وصفيا في صياغة الظاهرة بطريقة محايدة، كما يراها أصحابها، وهي ظاهرة إيمانية لا يمكن خضوعها للتجريب، عملا بمقولة: حين ينتهي العلم يبدأ الإيمان، وعلينا ألا نسخر من أي معتقد إيماني يراه أصحابه حتي لو تعارض مع ثوابت العلم. وفرق حسن بين مصطلحات الدين والتدين وعلوم الدين: فالدين هو النص في تجليه الأول وأسباب النزول، والتدين هو تأويلات الدين وتفسيره طبقا للأيديولوجيات كالمحافظين الجدد في أمريكا، والإخوان المسلمين في مصر الذين يرمون إلي تحويل الدين إلي تجارة، كما تحول التدين إلي أساطير ولكن هل الأسطورة غير مرغوب فيها؟ أعتقد أن السطورة لها وظيفة أساسية في تماسك الجماعة وإعطائها طاقة روحية كبيرة لاستمرار الحلم والأمل وعلي مدار التاريخ كان هناك مؤاخاة بين المسلمين والمسيحيين في مصر لكن خلال الثلاثين عاما الأخيرة ظهرت موجات العنف بين عنصري الأمة وعلينا أن نستثمر ظهور العذراء في تعظيم الوحدة الوطنية، وقد قال الإمام محمد عبده أن المسيحي المؤمن أفضل من المسيحي المسلم لأن المسيحي المؤمن لديه روادع أخلاقية. وتحدث الدكتور سميح شعلان قائلا: ظهور العذراء جزء من المعتقدات الشعبية الخاصة بنا كمصريين "مسلمين ومسيحيين"، لأننا بحاجة إلي قيم نريد أن نرسخها، والخيال الشعبي يلعب دورا رئيسيا في صياغة المعتقدات الدينية، والتبرك بالرموز ليس دعوة للتواكل، إنما طلبا للمعونة في معترك الحياة، وتغذية الوجدان بجوار العقل. أما الروائية سلوي بكر فأكدت أن ظهور العذراء هو امتداد لظاهرة الرغبة في الخلاص لدي المصريين منذ العصر الفرعوني "إيزيس وأوزوريس"، والسيدة العذراء رمز للخلاص والطهر والمواساة، علي الرغم من إيمان الملايين بالظهورات، إلا أن ما كان يصاحبها من ظواهر غريبة كان يحير العلماء وأطباء علم النفس هؤلاء الذين يحبون تطبيق مبادئ العلوم التي تعلموها علي أي شيء.