لا أحد ضد أي تغيير للأحسن.. لأنه لا ثبات علي الإطلاق.. والثبات في حياة الشعوب هو حالة موات مؤقت وهذا غير الاستقرار.. ولكن للتغيير منهجا وخطة وأجندة.. وهذه الخطة لابد أن تتكامل في جميع اتجاهات الحياة مع وضع ظروف الواقع ومعطياته في الاعتبار.. والمناداة بالتغيير دون خطة واضحة جديا وراء مطلب جماهيري لن يحدث هذا التغيير.. لأن مطالب الجماهير وطموحها هي البنية الأساسية للنخبة وللطليعة لإفراز تلك الخطط المتكاملة.. كما أن من يرفع شعار التغيير ويقوم بمغازلة كل القوي علي حدة دون معرفة حقيقية بالواقع المصري. تكون هذه المغازلة كاشفة للخواء السياسي وفاضحة لذلك الجهل بقضايا الجماهير.. وعلي ذلك نجد قائد التغيير الجديد ومن خلال تلك الهوجة التي امتطاها معتادو الظهور الإعلامي باسم الجماهير وهم لا علاقة عضوية ولا حقيقية لهم بتلك الجماهير.. نجد باعث نهضة التغيير يخرج علينا كل يوم بتصريح يثبت من خلاله أنه لا علاقة له بمصر ولا بمشاكلها ولا قضاياها.. ولكن يقوم بإعلان كل ما يسمع عنه من مريديه أو زائريه وليس إلا.. مما جعل تلك التصريحات تصبح في حالة تناقض سياسي حقيقي.. ولا نعرف الصلة بين مطالبة البرادعي بحزب سياسي للإخوان في الوقت الذي يؤكد ويصر فيه الإخوان علي تلك الدولة لا أقول الدينية ولكن التي لا تؤمن بمبدأ المواطنة لأنها تحرم الأقباط والمرأة من الترشح لرئاسة الجمهورية.. والصلة بالإعلان بأن الأقباط مضطهدون (نعم اضطهاد وليس مشاكل).. كما لا نعرف كيف يعلن عن دولة مدنية وليست دينية في هذا الإطار.. وفي نفس الوقت يجتمع مع بعض الأقباط علي أساس الهوية الدينية.. ولكن الأهم ومسايرة لما هو مطروح من خلال ما يسمي بالمناخ الليبرالي والذي لا يعنيه سوي الإساءة لثورة يوليو وللزعيم جمال عبدالناصر فحتي تكون ليبراليا لابد أن تفعل ذلك وأن تسير في ركاب سياسة القطيع.. ولذا نجد البرادعي يهاجم الثورة ويهاجم عبدالناصر مدعيا البطولة في غير موضعها هو والسيد والده الله يرحمه.. فيقول إن البرادعي الأب الوفدي الهوية كان يواجه طغيان عبدالناصر.. ولا نعلم أي مواجهة هذه إذا كان هناك طغيان فعلا، وقد كان البرادعي الأب نقيبا للمحامين لدورتين بل كان عضوا بلجنة الدستور فأين المواجهة وأين الطغيان.. إلا إذا كان البرادعي قد وصل إلي هذه المناصب عنوة وضد إرادة عبدالناصر فلا يعقل حينئذ أن يقول أن هناك طغيانا.. كما أن البرادعي الابن يردد كلاما معادا ومكررا دون إدراك سياسي حقيقي فيتحدث عن الديمقراطية والثورة.. وهنا ولغياب الحس والإدراك والمنهج السياسي يغيب عنه أن الحكم علي الأنظمة السياسية لا يتم بمقاييس الواقع حتي نسقطها علي الماضي.. ولكن لكل مرحلة تاريخية ولكل نظام سياسي ظروفا خاصة لا يجب إسقاطها عند تقييم تلك المرحلة أو الحكم علي هذا النظام.. وكالعادة يردد ويطالب بإلغاء نسبة ال50% عمالا وفلاحين.. وبالطبع والطبيعي أن يطالب بهذا لأنه لا علاقة للبرادعي بالعمال ولا الفلاحين ولا مصر من الأساس.. وهنا لا نعلم كيف يصل العمال والفلاحون الآن تحديدا في ظل الظروف والمشاكل الاقتصادية الخانقة وتدني الأجور وارتفاع الأسعار.. والأهم ماذا يفعل هؤلاء في ظل تلك المعارك الانتخابية التي تصرف فيها ملايين الملايين.. وعمومًا ليس مهما عمال ولا فلاحين فالبرادعي النمساوي فيه ألف بركة.. والغريب والعجيب والذي فضح العامل الذاتي والنفسي للبرادعي ضد الثورة وعبدالناصر.. إدعاؤه بأن عبدالناصر كان يدفن الإخوان أحياء.. يا سبحان الله علي الموضوعية وعلي المعلومات الموثقة.. والغريب أن هذا الادعاء رفضه الإخوان ولكن البرادعي إخواني أكثر من الإخوان (وكله ماشي) هذه بعض تصريحات البرادعي حول ثورة يوليو وعبدالناصر.. والأهم أنه وحتي الآن لم نعرف ما هو برنامج البرادعي فعلا إذا كان يريد الترشح لرئاسة الجمهورية؟ فهل القضايا المسكوت عنها والتي لم نسمع له رأيا فيها هل يمكن أن ندركها من خلال تلك التصريحات التي صدرت منه بالفعل كنوع من القياس؟ مثلاً ما رأيه في كامب ديفيد وهل مع الكامب أم له حتي بعض التحفظات؟ وما هو مفهوم السلام مع إسرائيل علي ضوء الواقع الحالي في كل فلسطين وبعد إصرار نتانياهو علي بناء المستعمرات وهدم الأقصي؟ وما رأيه في العلاقات العربية العربية والمصرية الأمريكية؟ بالقطع وبالقياس فتصريحاته ضد الثورة وعبدالناصر تكشف ماذا يريد البرادعي إذا كان فعلا يريد أي شيء.. والأغرب هنا وبالرغم من تلك التصريحات لا أقول التي تسيء للثورة ولكن التصريحات التي تتم عن عدم وعي حقيقي بالواقع السياسي ولا بالتحليل التاريخي للأحداث فنجد حول البرادعي بعض الكوادر الناصرية.. فما رأي الأخ حمدين صباحي وهو ناصري ويريد الترشح وما رأي الأخ أمين إسكندر.. هل يمكن التوافق علي شخص له تلك الآراء؟ وهل شعار التغيير بدون هوية ولا منهج يمكن أن يكون عاملاً للتحالف؟ وهل رفضنا للنظام ومطلبنا الأساسي للتغيير يجعلنا نسير وراء كل من يقول تغيير؟ وهل المعارضة تعني أن نسير سياسة القطيع والذي يملك وينقد ويسأل يكون خارج المعارضة؟ وهل هذا الأسلوب الذي نرفضه تماما من الحزب الحاكم هل يمكن أن نقع في نفس الخلل ونسير كالقطيع؟ وهل الديمقراطية هي السير وراء الشعارات العامة والحماسية دون فعل سياسي حقيقي مع الجماهير؟ وإذا كان حمدين مرشحاً رئاسياً ناصرياً وبالقطع فأنا معه في هذا فما هي علاقتك بحملة البرادعي والتي تقول إنه مرشح لتلك الهوجة؟ وما علاقة برنامجك الناصري وكل الناصريين بمجمل برنامج البرادعي الذي لا نعرفه ولم يعلنه غير تلك الإساءات للثورة ولعبدالناصر؟ التغيير مطلوب بلا شك ولن نصمت تجاه قضايانا ومشاكلنا.. ولكن كيف يتم النزول للجماهير وإقناعها بالتغيير وعن طريق تكوين رأي عام ضاغط علي النظام حتي يتم التغيير في الإطار الدستوري والقانوني حتي لا تكون هناك فرص لمن يريد الانقضاض علي هذا الوطن.. أو أن يكون البديل فوضي لا نقبلها ولن تكون في صالح أحد.. الديمقراطية هي في إطارها السياسي الأحزاب والأحزاب حالها لا يرضي عدوا ولا حبيبا.. ولكن لابد من تقوية الأحزاب لأنها هي الوعاء السياسي الذي يمكن من خلاله تحديد الأجندات السياسية حتي يكون هناك اختيار سياسي موضوعي بعيدًا عن المجاملات وتصفية الحسابات وحتي لا يطفو أصحاب المصالح الذاتية الذين يطفون فوق كل الظروف.. فهل نعمل جميعا علي تقوية الأحزاب وهذه مهمة الحزب الوطني حتي لا نندم وقت لا ينفع الندم.. وهل يمكن أن تتم من خلال النظام والرئيس مبارك تلك التغييرات المطلوبة والسريعة والتي نحتاجها فعلاً بعيدًا عن تلك المزايدات، ويكون هذا من أجل مصر وكل المصريين؟