"الخيانة والأمانة" في الترجمة، ومدي التزام المترجمين بها، كان موضوع ندوة "الترجمة والهوية والثقافة"، في إطار المؤتمر الثاني للترجمة، التي شارك بها الدكتور عاصم عز الدين، والدكتور كمال عيد، والدكتور مجدي عبد الحافظ، وحسام نايل، وأدارها الدكتور عبدالسلام المسدي. قدم الدكتور مجدي عبد الحافظ رصدا دقيقًا وتاريخيا لمسألة تكوينية النص، مشبها خروج النص الأصلي من بيئة، كالنبتة التي تستزرع في غير بيئتها قائلا: الترجمة خيانة بالمعني الخلاق، لأنها توليد في لغة أخري من نص إلي لنص، وإن كانت الترجمة في بعض الأحيان تتحول إلي خيانة مقصودة مع سابق الإصرار، حيث يقوم بعض المترجمين عن عمد بإسقاط فصل أو فقرة أو جملة، بهدف مواءمة السياق التاريخي. وأكمل: تنتقل المعركة الأيديولوجية لحقل الثقافة، ويتحول النص المترجم لسلاح تخاض به حروب عبر التركيز علي البعد الثوري في النص، أو فرض الرؤية الخاصة لكاتب الترجمة علي القراء، فيتم خلط التواريخ والأحداث المتعلقة بالمؤلف الأصلي بالتركيز علي بعض أجزاء حياته، وأحيانا يتم الصراع علي الترجمة ذاتها، فهناك كتاب لألبير كامي تمت ترجمته عشر مرات، كما أن كتاب "لويكلوا" لسارتر تم تغيير عنوانه مع كل مرة كان يطبع فيها، رغم تأثير العنوان الأصلي علي الاستقبال لأنه يختلف عن الأصل، ولأن العنوان أكثر تداولا من النص فإن كان النص موضوعا للقراءة، فالعنوان موضوعا للتداول، وتغييره له أبعاد تسويقية وأيديولوجية، ومن ثم نري المعارك تحتدم بين دور النشر المنتمية لاتجاهات مختلفة، من أمثلة ذلك أسطورة "سيزيف" التي تمت ترجمتها عام 64 ترجمتين مختلفتين مرة عن الدار المصرية، ومرة عن دار الفكر الماركسية، ليس هذا فحسب بل إن المعركة تمتد بعد الترجمة والنشر. الدكتور كمال عيد: لفت إلي الصعوبات التي تواجه بعض المترجمين مثل: هل يترجم كلمة إسرائيل إلي "الكيان الصهيوني" أم إلي "دولة إسرائيل" وهو الحال دوما حين يصطدم المترجم بمفهوم أيديولوجي. واعترف عيد قائلا: أثناء ترجمتي كتابا عن مسرح شكسبير للمركز القومي للترجمة، وجدت المؤلفة تسيء للرسول، لذا وجدت أنه من اللياقة أن أحذف الجملة المسيئة، ولا يعني هذا أنني حرفت النص أو ذهبت به بعيدًا، ولكني وضعت في اعتباري كرامة الدولة وقوة الإيمان وعلم الجمال والدين. الدكتور عاصم عز الدين، أشار إلي أن هيرتا ميللر الفائزة بنوبل، سيدة ألمانية الأصل، كل ما كتبته في حياتها 12 عملا أدبيا، أي أنها مغمورة، ولكن أعمالها ال12 ترجمت إلي 24 لغة، أي أن الترجمة هي القاطرة، ولكننا للأسف لا نملك سياسة منهجية قائمة علي خطة في الترجمة، لذا تتم الأمور بعشوائية بحتة، المترجم يعجبه كتاب فيترجمه.