في كتابه " حقائق الإسلام وأباطيل خصومه" للأستاذ عباس محمود العقاد (1957) والذي كتب مقدمته الرئيس السادات الذي كان يشغل حينذاك منصب سكرتير عام المؤتمر الإسلامي.. نقتطف منه هذا الجزء الذي يرد فيه العقاد علي ما يثيره بعض المستشرقين والملحدين عن الإسلام: "يتلقي الإسلام أشد الحملات في العصر الحاضر من منكريه، لأنهم يحترفون التبشير بدين آخر، أو من منكريه لأنهم ينكرون جميع الأديان.. وكلا الخصمين لا يستطيع أن ينال من الإسلام إذا وزن بميزان واحد، وأخذ بمعيار واحد فيما يؤيده من دعواه ، وفيما ينكره من دعوي الإسلام.. لايستطيع المبشر المحترف أن ينال من الإسلام بما يدعيه عليه من التحريف والتشويه للأديان التي سبقته ، فإن الإسلام في الاله وفي النبوة وفي الخير والشر ، وفي حقوق الإنسان ، أرفع وأصلح مما جاءت به الأديان التي سبقته إذا وزنت كلها بميزان واحد يأخذ هنا بما يأخذ هناك .. وليس في عقائد الإسلام ما يعتبره المنصف نكسة إلي الوراء ، أو يعتبره تطوراً في عقيدة تترقي مع الزمن حسبما يعرض لها من الظروف والملابسات .. فإن من هذه العقائد كالعقيدة في رب العالمين- ما ينقص عقائد الشرك وعقائد العصبية والاستئثار ، ويصدر من بيئة مشحونة بمفاخر العصبيات والسلالات ، وإنه لمن تعسف القول أن يقال إنها هي البيئة التي يتطور فيها الإيمان بإله القبيلة ليصبح إلهاً واحداً يؤاسي بين الشعوب والقبائل ، يحاسبها بأعماله ولا يحاسبها بآبائها وأنسابها ، أو بما سلف من خطايا الآباء والأسلاف .. ومن ينكر النبوة علي صاحب الدعوة لعله من العلل الماجنة التي يمنحونها فهو مرغم علي أفكار نبوات كثيرة يتقبلها ، ولا يشك في مصدرها السماوي ، ومعاذيرها المقبولة عند الله ". ويستطرد الأستاذ العقاد ونحن لم نكتب هذا الكتاب لنبشر بالإسلام هؤلاء الماديين المتعطشين إلي إنكار كل معني شريف من معاني الحياة البشرية ، ولكننا كتبناه للمتدين المنصف الذي يستطيع أن ينظر إلي دينه وإلي هذا الدين نظرة واحدة ، وكتبناه أولاً وآخراً للمسلم الذي يتلقي حملات خصوم الإسلام من المتدينين وغير المتدينين ، ليعلم أنه خليق أن يطمئن إلي حقائق دينه في هذا العصر ، سواء نظر إليها بعين العقل ، أو بعين الإيمان ، وأنه خليق لأن يواجه الغد بما يؤمن به من عقائد دينه ومعاملاته وحقوقه وآدابه وأخلاقه، فلا يعوقه عائق منها أن يجاري الزمن في المستقبل إلي أبعاد مجراه. رحم الله الأستاذ عباس محمود العقاد ، كان مدافعاً صلباً عن الإسلام دون تشدق ، ودون ترخص .. لقد عاش مفكراً ، ومات تاركاً خلفه ميراثاً ضخماً من الأدلة العقلية علي عظمة الدين الإسلامي.