ارتبط اسم د. يوسف بطرس غالي وزير المالية بعدد من الموضوعات الجماهيرية.. وأعتقد أن اسم وزير المالية ارتبط بأكبر حزمة إجراءات في تاريخ مصر تهدف إلي تغيير قواعد اللعبة لعدد من القضايا الشائكة والساخنة والمزمنة والساخنة عن طريق قوانين جديدة منحت حياتنا الاجتماعية والاقتصادية للفرد والدولة حيوية .. وساهمت في تغيير شكل مساحات ظلت راكدة لسنوات طويلة في نفس الوقت يتحرك العالم بسرعة في هذا الشأن.. لم يجئ د. يوسف بطرس غالي بما هو ليس موجوداً في العالم.. لكنه أراد لمصر والمصريين مواكبة العصر بشأن النظم والقوانين الحاكمة في عدد من المجالات. بالفعل معظم القوانين التي خرجت لنا من يوسف بطرس غالي كانت بمثابة زلزال ضرب أركان المفاهيم مثل تعديلات قانون الضرائب علي الدخل.. وقانون الجمارك.. والضرائب العقارية والتأمين الاجتماعي والمعاشات الجديد.. ولاشك أن المعارضين للقوانين وليوسف بطرس غالي شخصياً وللحكومة وللحزب حاولوا وبكل الطرق بث روح العداء للقوانين وللحكومة وأيضاً ليوسف بطرس غالي لو رجعنا للجرائد ولبرامج التوك شو بشأن ما دار علي صفحاتها أو داخل استوديوهات الفضائيات تجاه تلك القوانين لتأكدنا أن هناك بالفعل في مصر حزباً جديداً تم إشهاره دون الحصول علي تفويض لا من لجنة شئون الأحزاب ولا من القضاء شعاره تشديد الهجوم علي الحكومة عن طريق د. يوسف بطرس غالي، ومن المهم أن إدراك قواعد تلك التشريعات لم تعد خافية علي أحد. تعديل مثل الضرائب علي الدخل كان وراء جذب الاستثمارات الأجنبية. وقانون الجمارك كان وراء تقوية قدرة الصناعة المصرية علي منافسة إنتاج الخارج. وكان دافعاً أشد لتحسين الأداء الصناعي، الأمر الذي كان وراء مضاعفة الصادرات في أربع سنوات والمهتمون بقانون الضرائب العقارية علي يقين من أن قانون الضرائب العقارية بلا شك سوف يصب في خانة تغيير العلاقة بين المواطنين بعضهم وبعض وأيضاً العلاقة بين المواطنين والخزانة العامة للدولة. برغم أن هناك أصواتاً رافضة لشكل التشريع وصورته الحالية. ولكن الأمر في النهاية لن يخرج عن حدود كشف قائمة ممتلكات الكبار والصغار. ولا شك أن قانون التأمينات والمعاشات الجديد هو أيضاً من القوانين المغيرة لقواعد اللعبة برمتها.. طبيعة المعاشات أنها ترتبط بالتضخم ومستويات المعيشة وهي بصراحة تعتبر من أهم عوامل توليد الطاقة الذاتية لتطوير الاقتصاد المصري.. القانون الحالي صدر عام 77 وقد اندهشت عندما تأكدت أن واضع القانون - وقتها - تعاملوا علي أن الموظف سيبقي علي الحياة لمدة ثلاث سنوات فقط بعد خروجه للمعاش!! لذا جاءت حساباتهم علي هذا الأساس.. ومن المعروف أن العمر امتد لما هو أكبر من ذلك بفضل التطور الصحي وأساليب الحياة ووصل متوسط العمر أمام الخبراء إلي 14 عاماً للرجل و18 للمرأة بعد سن المعاش. وفلسفة القانون الجديد هو فرض علي العاملين في الاقتصاد لتجنيب جزء من دخل المواطن لتحمل متطلبات الاستهلاك عند الشيخوخة.. الآن أصحاب المعاشات يعانون من دخل منخفض وهذا رد فعل طبيعي لأن الادخار في هذا المجال كان منخفضاً.. الآن نشاهد مديراً عاماً وهو يحصل علي 800 جنيه فقط كمعاش شهري وهو الذي كان دخله لا يقل عن 10 آلاف جنيه من عمله.. قد تكون تلك المعادلة كانت جيدة وقت وضع القانون الحالي. لكن من منا يمكنه أن يواصل مسيرة الحياة بهذا المبلغ أو يتحمل الفروق الكبيرة بين ما كان يحصل عليه وقت الخدمة وبعد المعاش. القانون الجديد رفع المعاش بل وعمل علي زيادته دون واسطة أو قرارات وزارية. وهو يشمل كل فئات المجتمع المصري بما فيها العمالة غير المنتظمة والموسمية وهو يعمل علي إرساء نظام واحد للتأمينات والمعاشات والتحول من نظام قائم علي المزايا المحددة إلي نظام قائم علي الاشتراكات المحددة.. أي أن هناك علاقة مباشرة بين الاشتراكات المدفوعة والمزايا التي يحصل عليها المؤمن.. من المهم أن شعار د. يوسف بطرس غالي في هذا الشأن عاوز معاش كويس.. اديني مساهمة محترمة.. أو اللي هتحطه هتلاقيه.. وهو اللي هتأخذه!! من الملاحظ أن القانون الجديد للتأمينات يتضمن عدداً من المواد تتلاءم والظروف التي تحيط بالمواطن وأيضاً الدولة. وقد درست المواد المقترحة بالقانون ورد فعل اتحاد العمال وأصحاب المنشآت والمختصين. وأعتقد أنه بالفعل قانون ينضم لأشقائه من القوانين التي غيرت قواعد اللعبة تغيراً واضحاً ومهماً. وهو تغير إلي الأحسن. حتي لو حاولت بعض الأصوات التغاضي عن الجانب المشرق منه كالعادة. علي العموم أنا أشفق علي د. يوسف بطرس غالي وهو ومن خلال كم الهجوم الذي يتعرض له من كل الأركان وبكل الأسلحة إلا أنه صامد يتحرك بثقة وهي ترجع إلي قوة حجته وصدق توجهه. الأمر الذي احترمه العالم وسط إهانة للرجل من بعض المختلفين معه! تعاملنا مع المشاكل التاريخية بأسلوب المسكنات أضر بنا بعد أن أضاع فلوسنا ومجهودنا وسنوات عمرنا كان من الممكن أن تكون مصر أكثر تحرراً وتقدماً ونمواً لو أن العلاج كان وقتها جراحياً لربما كنا في موقف أفضل لكن جاء علي مصر زمن المسئول كان يلجأ للطريق الأسهل طمعاً في رضاء شعبي اتضح أنه مزيف وقد أضر هؤلاء مصر ضرراً ندفع ثمنه الآن.. وأعتقد أن د. يوسف بطرس غالي يمتلك من الثقة والمهارات ما يدفعه إلي الاستمرار في عمله بنفس الحماس غير مهتم بأصوات عرقلة صناعة مجموعة غير مدركة أن هناك من الأمور أو الأمراض ما تدفع الطبيب المعالج لعلاجها إلي اتخاذ إجراءات مؤلمة.. وأعتقد أن د. يوسف بطرس غالي وزير المالية في حكومة د. أحمد نظيف هو أحد هؤلاء الجراحين!! وأسأل بدوري: هل كان أي منا يتوقع أن يظل الممول بريئاً حتي تثبت إدانته، هل نسينا لجان التقدير الجزافي وضرائب خراب البيوت التي كانت تعتمد علي جيب المسئول ولون عدسات نظارته.. الآن هناك حالة من الاحترام بين المواطن وخزينة ضرائب الدولة وهذا يرجع إلي يوسف بطرس غالي.