هل يعني مجرد أن يكون المرء مسلما أنه يصنع خطرا فرديا؟ هل القرآن يلهم أتباعه إلي السلام أم إلي العنف؟ ما الذي يدفع بطفل مسلم للتحول إلي قنبلة تمشي علي الأرض؟، إنهم يمارسون "التسلطية الإسلامية" في أفظع تطبيقاتها.. هذه بعض أكثر الأفكار اعتدالا ووسطية التي تتبناها أصوات أمريكية متخصصة في مكافحة الإرهاب، وليس من قبيل الصدفة أن تصدر بالتزامن وتباعا عدة كتب تكشف بجرأة مدعومة بوثائق رسمية نادرة عن أساليب الجهاد الخفي الذي تمارسه جماعات أصولية مثل "الإخوان المسلمين" في أمريكا.. هذا ما يجعلنا نقول بوضوح إن هؤلاء الراديكاليين مسئولون عن تشويه صورة الإسلام في الغرب، بدلا من أن يكونوا رسلا لنشر قيمه النبيلة، وإن نفوذهم كان ضمن أسباب زيادة أنصار اليمين الأمريكي المتطرف في الآونة الأخيرة. مافيا الإسلام في كتابهما "مافيا الإسلام.. داخل عالم التآمر السري لأسلمة أمريكا" يكشف ديفيد جوباتز وبول سبيري لأول مرة عن وثائق خاصة توضح الأساليب السرية التي اتبعتها المحظورة لتحويل الإسلام إلي وسيلة وليس غاية، يصل إلي حد أن حولت تلك الجماعة مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية(كير) إلي مصنع كامل لتغذية موجة جديدة من الإرهاب تجتاح مجتمعات أمريكا المحلية وتصف الوثائق تلك المجموعات ب"الغوغاء جماعة الإخوان المسلمين"، وأنهم رعاة مافيا الإسلام في أمريكا. يتمتع الكتاب بكل عناصر الرواية الملغزة، يطرح وثائق في أكثر من 12 ألف صفحة تشمل لقطات فيديو توضح كيف عملت جماعة الإخوان في أمريكا، وفق جهود منظمة وممولة جيدا علي ما يسميه المؤلفان "إحداث الفتن"، والأخطر ممارسة ذلك تحت ستار مؤسسة غير ربحية هي مؤسسة "كير"، وكل ذلك من أجل ما أطلق عليه الكتاب "دعم الجهاد الدولي ضد الولاياتالمتحدة". ديفيد جوباتز عميل سابق للمخابرات الأمريكية ومتخصص في مكافحة الإرهاب، أما سبيري فهو أستاذ زميل للإعلام بجامعة ستانفورد، ومؤلف كتاب "التسرب.. كيف تسلل الجواسيس والمخربون المسلمون إلي واشنطن". الجهاد بالخلسة يتفق معظم خبراء مكافحة الإرهاب علي أنه لم يعد يجدي قول "إذا تعرضنا لهجوم مجدداً"، وإنما قول "عندما نتعرض لهجوم مجدداً، والسؤال هنا "متي؟" حتي عندما يحدث الاعتداء الفعلي، فهناك ما يشبه ب"معركة صامتة" تدور رحاها يوميا علي أمتنا، هكذا يتحدث كتاب "شبح الجهاد والجهاد الخفي.. كيف يخرب الإسلام الراديكالي أمريكا دون أسلحة أو قنابل"، الذي يري أن المعركة الآن لا تدار بالبنادق أو القنابل، ولكن بواسطة مصادر سرية، عبر الجمعيات الخيرية الإسلامية أو اتحاد الحريات المدنية، حتي تنظيمات ومبادرات تدعيم المرشحين للرئاسة، إن جميعها معاقل لشبح الحرب المقدسة. يمضي الكتاب مستعرضا تفاصيل الأجندة التي تعمل وفقها الجماعات الجهادية الإسلامية في أمريكا، ليس عن طريق أعمال العنف فقط، لكن من خلال المساعي المدنية وهو ما يطلق عليه المؤلف روبرت سبنسر "الجهاد بالخلسة"، ويصف الحركات الاسلاموية بأنها "صامتة لكنها فتاكة" وأن لها تأثيراً تخريبيا علي الولاياتالمتحدة، ويدعو الأمريكيين لمقاومة تلك الحركات المتأسلمة قبل فوات الأوان، ويري المؤلف أنه بينما تركز جهود بلاده علي صد الهجمات الإرهابية وحصرها قدر الامكان، فإن تهديدا آخر من الجهادية ينمو بهدوء في أمريكا وعلي مرأي من الجميع. التسلطية الإسلامية جري تداول كتاب سبنسر الخبير في الإسلام السياسي، باعتباره يوجه ضربات فاضحة للمؤامرة طويلة الأجل التي يحيكها "المجاهدون الإسلاميون" لتقويض الولاياتالمتحدة ودورها كقوة عظمي، يقول: "هذا النوع من الجهاد الخفي لا يهدف فقط إلي إجبار أمريكيا علي السير علي ركبتيها من خلال مزيد من الهجمات المسلحة، ولكن إلي تخريب البلد من الداخل تدريجيا، بدعوي أسلمة أمريكا". ويستطرد سبنسر: هؤلاء الجهاديون الأشباح يتوغلون في المجتمع الأمريكي بل وفي السياسة الأمريكية، عن طريق إعادة تنظيم أنفسهم أولاً بأول والاندماج في تيارات المدافعين عن الحقوق المدنية، فيما هم يمارسون التسلطية الإسلامية في أفظع صورها. غضب رسمي خطورة الكتب التي تتناول الإسلام السياسي لا تنبع من الأفكار التي تطرحها فحسب، وإنما من ردود الأفعال الغاضبة التي تعقبها من جانب أقطاب رسمية في الدولة، أو المثقفين المؤثرين في القرارات الرسمية، فقد تبني موقف كتاب سبنسر ستيفن إيمرسون مؤلف "الجهاد الأمريكي: الإرهابيون الذين يقيمون بيننا"، واعتبره دراسة استقصائية فاضحة لأساليب الإسلام المهيمن عالميا، الذي يهدد استمرارية الحضارة الغربية، أما دانيال بايبس مدير منتدي الشرق الأوسط فرأي أن سبنسر وضع النقاط علي الحروف بخصوص الفتنة التي يحدثها الإخوان المسلمون، داعيا كل مسئول حكومي في الولاياتالمتحدة لقراءة هذا الكتاب.. ناهيك عن موقف المؤلف نفسه روبرت سبنسر الموثوق فيه بوصفه مدير برنامج "جهاد ووتش" التابع لمركز ديفيد هورويتز للحرية. صوت أمريكا المتشدد تقف الناشطة الأمريكية اللبنانية الأصل بريجيت جابرييل موقفا أكثر تعنتا ضد الإسلام، في كتابها الأحدث "يجب إيقافهم.. لماذا يجب علينا هزيمة الإسلام الراديكالي وكيف يمكننا فعل ذلك"، فهي تقدم بحسب وسائل الإعلام الأمريكية قصة مقنعة حول التهديدات التي تتعرض لها الحرية الغربية، بينما كتب بول فالي جنرال متقاعد في الجيش الأمريكي عن هذا الكتاب إنه "يعطي تحذيرات مهمة للعالم الغربي لكي يتخذ إجراءات مسئولة لحماية شعبه، خصوصا أن الولاياتالمتحدة كانت ولا تزال هدفا رئيسيا للحركات الراديكالية". تقول بريجيت اليمينية المتشددة ورئيس جمعية لمناهضة انتشار الإسلام في أمريكا: لا يمكن بأية حال تجاهل نمو الإسلام الراديكالي في الغرب، وتدعو للتصرف حيال ذلك في وقت عاجل وبقوة، لا تقف في كتابها "يجب إيقافهم" عند هذا الحد، بل تتعداه إلي تحدي المفاهيم الغربية الصحيحة عن الإسلام، مؤكدة أن الإسلام الراديكالي أو المتطرف هو المفهوم الوحيد الذي يقبله الغرب عن الإسلام، وتعتبره - أي الإسلام شيئاً مميتاً يجب وقف تقدمه. تقول بريجيت إن الإسلام الأصولي يغذي أتباعه من الإسلاميين الراديكاليين بشعور ازدراء الجميع، واعتبار من هم ليسوا علي دين الإسلام "كفارا"، وأعداء يستحقون الموت، ويعتمد في شرعية انتشاره في أمريكا علي استغلال "ثغرة" حسب وصفها في النظام القانوني الأمريكي الذي ينص علي حماية تعددية الأديان، وعلي الرغم من ذلك وفي المقابل يدعم الإسلاميون الكراهية للقيم الغربية.