الرئيس السيسي يتابع جهود دعم إنتاج البترول والغاز وخفض الفاتورة الاستيرادية    قرار جمهوري بإنشاء جامعة خاصة باسم «جامعة مصر الجديدة»    فتح باب التقديم الإلكتروني لمدارس STEM والمتفوقين بعين شمس    مصدر يكشف ل"مصراوي" موعد تنسيق المرحلة الأولى لطلاب الثانوية    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 22 يوليو 2025 والقنوات الناقلة    الخطيب يطمئن على حسن شحاتة في لفتة إنسانية راقية    الأرصاد: طقس الثلاثاء شديد الحرارة نهارا مائل للحرارة رطب ليلا    لحقت بأخواتها.. وفاة فرحة الطفلة السادسة من أسرة واقعة دلجا في المنيا    بمشاركة رجال الشرطة.. حملة للتبرع بالدم بمديرية أمن أسيوط    بيت الزكاة: توزيع مساعدات على 4500 طفل من حفظة القرآن بالمنوفية    هل يجوز عمل عقيقة واحدة ل 3 أطفال؟.. أمين الفتوى يجيب    أمين الفتوى: يجب على كل مسلم تعلم القدر الضروري من الأحكام لضمان صحة عباداته    للأطباء.. تفاصيل برنامج الزمالة المصرية بمعهد تيودور بلهارس    رئيس البورصة يشارك في فعالية "قرع الجرس" بمناسبة بدء التداول علي أسهم "بنيان"    نتنياهو: ليست هناك فرصة للسلام مع النظام الحالي في إيران    وزير الخارجية يسلم رئيس نيجيريا رسالة خطية من السيسي حول دعم الاستقرار الأفريقي    وفاة طفلين بسبب سوء التغذية والمجاعة في شمال وجنوب غزة    «البحوث الإسلامية» يطلق حملة دولية لمواجهة سياسة التجويع الصهيونية ضد أهالي غزة (تفاصيل)    «أونروا»: سكان غزة يصابون بالإغماء من شدة الجوع    الجامعة الألمانية توقع اتفاقية مع Ghorfa لدعم التعليم والتدريب عبر الحدود    مؤتمر جماهيري ل«مستقبل وطن» بالشرقية لدعم مرشحي انتخابات الشيوخ    مدافع الأهلي: الموسم المقبل سيكون صعبًا ولدينا الطموح لتحقيق البطولات    تقارير: مصطفى محمد على رادار نيس الفرنسي    تنسيق الثانوية العامة 2025.. مؤشرات معهد فني صحي 2024 بالدرجات    وزير الزراعة يهنئ السيسي بذكرى ثورة يوليو    أسعار مواد البناء اليوم الثلاثاء 22 يوليو 2025    خلال ساعات.. نتيجة الثانوية العامة 2025 من موقع وزارة التعليم (الرابط الرسمي فور ظهورها)    «الداخلية» تكشف ملابسات فيديو «بلطجة بالمنوفية».. وتضبط المتهم والسلاح    المرور اليوم.. زحام ملحوظ بشوارع ومحاور القاهرة والجيزة    «بطاريات ومساكن وهواتف».. ضبط 29 متهما في قضايا سرقات بالقاهرة    تعرف على إجمالي إيرادات فيلم "المشروع X"    عرض فني لفرقة إنشاد ديني ضمن فعاليات معرض بورسعيد للكتاب    مصطفى كامل: راغب علامة لم يخطئ عن قصد.. وسيحضر للنقابة    محمد أوتاكا: مفيش عمل مضمونه النجاح.. وفيلم "فار ب7 أرواح" نصيبه كده |خاص    تفاصيل تجربة الكاتب يوسف معاطي مع الزعيم عادل إمام في الدراما    «بلح البحر ب300 جنيه».. أسعار السمك والمأكولات البحرية بأسواق الإسكندرية اليوم 22 يوليو 2025    وزير قطاع الأعمال يبحث فرص تعزيز التعاون الصناعي والاستثماري بين مصر والهند    استقرار سعر الريال السعودي في بداية تعاملات اليوم 22 يوليو 2025    المشاط تبحث جهود دفع التحول الأخضر مع مؤسسة التمويل الأفريقية وشركة إنفينيتي باور    الصحة: حملة «100 يوم صحة» قدّمت 8 ملايين و979 ألف خدمة طبية مجانية خلال 6 أيام    «الصحة» تبحث التعاون في الذكاء الاصطناعي مع شركة عالمية    لترشيد استهلاك الكهرباء.. تحرير 146 مخالفة لمحال غير ملتزمة بمواعيد الإغلاق    "صحة الفيوم" تشكل لجنة لمتابعة حالات تسمم غذائي بمستشفى إطسا المركزي.. صور    راتب ضخم وقيمة انتقال باهظة.. الأهلي يستبعد ساليتش من المرشحين لخلافة وسام أبو علي    رسميًا ..فتح باب القبول بمعهد الكوزن المصري الياباني لطلاب الإعدادية 2025    «هل انتهت القصة؟».. جون إدوارد يرفض كل سُبل الاتصال مع نجم الزمالك (تفاصيل)    رانيا محمود ياسين غاضبة: «منفعلتش على أمي.. كنت بدور عليها ومش لاقياها»    موعد مباراة الزمالك الودية أمام وادي دجلة والقناة الناقلة    البيت الأبيض: ترامب يسعى إلى حل دبلوماسي لصراعات الشرق الأوسط    لا مجال للتردد.. 10 خطوات قد تنقذ حياتك عند اندلاع حريق مفاجئ    «انهيار لغوي».. محمد سعيد محفوظ يرصد أخطاء بالجملة في بيان نقابة الموسيقيين ضد راغب علامة    زيلينسكي: الجولة الجديدة من المحادثات مع روسيا تنعقد في إسطنبول الأربعاء    لاعب مفاجأة يخطف أنظار ريبيرو في معسكر الأهلي بتونس (تفاصيل)    لا علاقة له ب العنف الجسدي.. أمين الفتوى يوضح معنى «واضربوهن»    تفسير آية| «أفحسبتم أنما خلقناكم عبثًا» الشعراوي يوضح سر وجود الإنسان وغاية خلقه    برلمانيون: نائب رئيس "مستقبل وطن" يحظى بشعبية كبيرة في الشرقية (صور)    بمشاركة مروان موسى وعفروتو.. أحمد سعد يكشف عن بوسترات «حبيبي ياه ياه»    وزير خارجية إيران: منشآتنا النووية تعرضت لأضرار جسيمة لكن لن نتخلى عن التخصيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هدرا جرجس: المثقفون غائبون عن المجتمع
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 10 - 03 - 2010

سيغضب الروائي الشاب هدرا جرجس كثيرا إذا ما سألته عن الجملة التي وردت علي لسان "الأنبا دانيال" في متتاليته القصصية الجديدة "بالضبط كان يشبه الصورة" الصادرة عن دار" الدار"، التي كان ينتقد الأنبا فيها تقصير المسئولين والوزراء في زيارة مناطق الجنوب، كما سيغضب إذا ما أشرت إلي أن قصته "حكيم الزبال" تتناول قضية الانفتاح الاقتصادي، وسيقول حينها بلهجة قاطعة أنا لا يشغلني ولا يهمني الانفتاح أو غيره من القضايا، ولن أناقش هذه الموضوعات في أعمالي الأدبية، لأن ما يشغلني في المجموعة هو اللعب علي الزمن، ففي القصة الواحدة هناك تنقلات في السرد تمتد في الزمن لمائة عام.
تدور المتتالية القصصية في أجواء دينية قبطية تعرض لتفاصيل الصلاة وأجواء الأديرة ورغبة الأنبا استفانوس، أبرز شخصيات القصص، في الترهبن رغم إغراء الفتاة الحلبية، وهي أجواء ليست بعيدة عن عالم هدرا جرجس الديني، يقول: الكاتب يكتب من خلال موروث ثقافي، وفي روايتي الأولي أخرجت مشاعر الطفولة، أما في هذه المتتالية فأخرجت خلفياتي الدينية، واستوحيت القصص من ناس عايشتهم بالفعل مع إضافات خيالية، وهو أمر لن يتكرر مرة أخري، لأنني سأبحث عن أجواء أخري عشتها، كجو القاهرة علي سبيل المثال، الذي أتناوله في عملي القادم، ويتساءل: ما المشكلة في أن يدور عمل أدبي في إطار دين ما؟، هذا لا يعني تصنيفي علي أني أديب قبطي، ولو ظهر هذا التصنيف سيكون واهنا جدا، لأني أكشف عن منطقة لا يعرفها أغلب الناس، وفي الوقت ذاته من الطبيعي أن تعكس الكتابات خلفياتي، فلكل أديب خلفياته، وهو ما جعل نجيب محفوظ يكتب عن الحارة، وسعيد الكفراوي ويوسف أبو رية يكتبان عن القرية، وأحمد أبو خنيجر يكتب عن الجنوب، ومكاوي سعيد يكتب عن وسط البلد، والأديب الذي يتنكر لهذه الخلفيات يكون أديبا مزيفا، لأنه حينها سينتحل أحداثًا وشخصيات لم يلمسها، أليس من حقي إذا أن أخرج التراكم الذي تكونت عليه؟ فقد نشأت في أسرة دينية وقراءاتي جميعها حتي المرحلة الإعدادية كانت لاهوتية، وحينما ينتهي هذا التراكم سأبحث عن عوالم أخري.
يحكي أنه استفاد من حياته الأسرية في المجموعة، وخاصة عند رسمه للأحداث المتعلقة بالأنبا استفانوس، ويقول: كنت أسمع عن جدي القمص الذي بني كنسية بالفعل، والذي لم أره ولم أكن أعطي الموضوع بالا كبيرا إلي أن دعيت لمؤتمر أدباء مصر بسوهاج عام 2006، وحينها عرفّني القاص الزقازيقي عربي عبد الوهاب بعم مأمون جاره الزجال، وبعدما عرف أنني من إدفو بأسوان أخذ يحكي لي عن القمص زخاري، الذي اعتاد أن يزور عمال مصنع الحديد ومنهم مسلمون، حاملا الأموال وخبز الكنيسة، لدرجة أن عاب عليه الناس، حينها لم أخبره أنني حفيد هذا القمص، لكني انبهرت بالقصة وانبهرت بقدرة رجل بسيط زجال علي الاحتفاظ بذكري رجل لمدة تفوق ال35 عاما، فقررت أن أكتب عن هذا القمص.
في أعمال هدرا هناك حضور كبير لعالم الطفولة، فهو يعطيه أهمية خاصة، ليس فقط في روايته السابقة التي تناولت عالم طفلين من ذوي الاحتياجات الخاصة، ولكن أيضا في المجموعة الجديدة، ويبرر ذلك قائلا: من يعرفني شخصيا سيجدني طفلا في نزقي وغضبي وحبي وبراءتي، نحن أطفال يلوثنا الواقع، والغريب أن مرحلة الطفولة تلهمني الكثير، لكني لا أستطيع أن أكتب كتابة موجهة للأطفال، فقد جربت ولم أفلح، وقد أستطيع في المستقبل.
ويبدو أن هدرا أحب التأكيد علي علاقة الحقيقي بالخيالي داخل المجموعة عبر كلمة ختامية قال فيها: هذه القصص.. مما يعني أن أساس كتابتها الخيال، ولكن هناك رغم ذلك أحداثا حقيقية، رأيت من واجبي التنويه عنها حتي لا تختلط الحقيقة بالخيال..ومن هذه الأحداث ويا للغرابة نواح تمثالي أمونحتب الثالث بالأقصر.."، وقد عاد هدرا ليندم علي هذا التوضيح، باستثناء المعلومات المتعلقة بنواح التمثالين.
تفتح مجموعة "بالضبط كان يشبه الصورة"، الباب للتساؤل عن السبب الذي دعا هدرا ليخرج كتابه في شكل متتالية قصصية، وهي المجموعة التي يتضافر فيها السرد وتترابط الأحداث بما يجعلها أقرب في شكلها من الرواية؟ وكذلك بعد أن حققت روايته الأولي "مواقيت التعري" نجاحا تمثل في الاحتفاء النقدي بها وحصولها علي جائزة ساويرس العام الماضي في ظل جو عام يؤكد فيه الكثيرون علي أنه زمن الرواية، وفي إجابة هدرا يطرح سؤال: لماذا يتخيل البعض أن النجاح هو قرين الرواية فقط، ألا يمكن أن يتحقق لأي شكل أدبي آخر؟"، ويكمل: أنا لا أمشي وراء مقولات يطلقها النقاد وأرفض مقولة زمن الرواية كما أرفض فكرة التصنيف الأدبي، وأعتبر أن كلمة نص كلمة مراوغة، لا تمكّن الناقد من الحكم عليها، ويتابع: أعلم أن الكتاب ينقصه خيط معين ليصبح رواية، لكني أرغب دائما في صنع شيء مختلف، وأسعي طوال الوقت للتجريب الراقي بعيدا عن الفجاجة الإبداعية، فطالما لدي إنتاج راق فمن حقي أن أجرب علي مستوي الشكل والمضمون، وهذا ما حدث في الرواية الأولي التي اعتمدت علي شكل اللقطة البصرية، وحينما شرعت في كتابة المجموعة -وفيها بالمناسبة قصص منشورة في بعض الصحف- طرأ علي ذهني شكل المتتالية.
لا يخفي هدرا تردده في نشر متتاليته القصصية، ويقول: لا أهتم دائما بالنشر، ولا أتسرع فيه، وكنت أعتقد أن السبب يرجع لوضع النشر المتردي حينما كان الكتّاب يضطرون لدفع مقابل مادي أو الانتظار في قوائم طويلة، وروايتي الأولي نشرت بالصدفة حينما قام الروائي فؤاد قنديل بنشرها في الهيئة العامة لقصور الثقافة بدون معرفة مني بعد أن كنت قد تقدمت بها لتنشر في الهيئة العامة للكتاب، وكان هو مسئول عن النشر فيها، لكن وبعد أن فتحت أبواب النشر علي مصراعيها اكتشفت أنني لدي هاجس فني عال، هناك حاجة تقول لي: "استني يمكن العمل يطلع أحلي وأكبر من كده"، وقد حدث أن قدمت هذه المجموعة لأكثر من ناشر وسحبتها في اللحظة الأخيرة.
يعمل هدرا حاليا صحفيا في إحدي المجلات الإسبوعية، وبالتحديد مسئولا عن الملف القبطي، فقد تخرج من كلية الآداب قسم الصحافة بجامعة سوهاج عام 2000، وعمل في بعض الصحف والمجلات حتي عام 2004 ثم اتجه للعمل بالسياحة، وعاد للصحافة مرة أخري، وهو عمل لا يمثل خطورة علي لغة هدرا الأدبية -هكذا قال-، لكن خطورته تأتي في ناحية أخري:" رغم أن الصحافة تعطيني زخمًا من الخبرات والتجارب وتساعدني في التعرف علي أنماط مختلفة للبشر، إلا أن مشكلتها تكمن في وقت العمل الصحفي الذي يؤثر علي الوقت المستقطع لكتابة الأدب، فالصحفي عليه أن يعمل 24 ساعة في اليوم إن لم يكن في الكتابة ففي التفكير فيما سيكتبه، فمنذ أن عدت للعمل الصحفي لم أكتب شيئا".
"ربنا يستر" هكذا أجاب هدرا بعد فترة صمت عن سؤال تعلق بإحساسه الأول حينما يسمع عن حادث فتنة طائفية، ويقول: أحداث الفتنة الطائفية لها خلفية ثقافية ولا يمكن حلها بحلول أمنية أو سياسية، فوعي الناس أصبح منخفضا ولم يعودوا يقبلون الآخر وابتعدوا عن القراءة وركزوا اهتماماتهم في وسائل إعلام تبث خطاب متعصب من رجال دين تحولوا لنجوم وأصبحوا أكثر تأثيرا من السياسيين أنفسهم، وللأسف انغلق المثقفون علي أنفسهم في جيتو فأصبحوا لا ينتجون إلا لأنفسهم، ولا يقومون بأي دور فاعل للمجتمع، فدفعوا رجل الدين المتعصب لسرقة الساحة منهم وممارسة جهلهم"، سألته: وهل تقوم بهذا الدور؟" فأجاب: أنا مستعد أعمل في هذا الإطار لكن مشكلة الفتنة الطائفية لا ينفعها الحلول والتحركات الفردية، هي مشكلة بحاجة لخطة عامة يشترك فيها الجميع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.