في الدورة السابعة من مؤتمر الإصلاح العربي الذي تعقده مكتبة الإسكندرية منذ مساء أمس الأول الكثير من الجدل حول الإصلاح العربي وآلياته، خاصة أن هذه الدورة انطلقت تحت عنوان حسام هو "عالم يتشكل من جديد.. أين دور العرب؟" وهو عنوان يثير تساؤلات يفترض أن تجد إجاباتها في أروقة المؤتمر. لكنني أترك الإجابات إلي حين لأتوقف أمام عدد من الأشخاص الذين طغي حضورهم علي المؤتمر بشكل كبير، وأثاروا جدلاً لا يفترض أن ينتهي، لأن الجدل الصحيح المؤدي إلي نتائج هو أول طريق الإصلاح والقضاء علي ما اعتلي العقل العربي من جمود. ومن أبرز الشخصيات التي أثرت الجلسة الأولي العامة في المؤتمر الدكتور حسام بدراوي، الذي احتار كثيرًا في وضع تعريف سياسي أو أكاديمي له، فهو عضو مجلس الشوري، ورئيس لجنة التعليم بأمانة السياسات، وأمين الأعمال بالحزب الوطني، وهو ناشط حقوقي ومدني، وفوق ذلك طبيب نساء وولادة. وحين يتحدث بدراوي لا تعرف من أي وظيفة أو منصب يتحدث، فهو لديه الكثير من الرؤي والآراء الصادمة حتي داخل الحزب السياسي الحاكم الذي ينتمي له، ويحلو للبعض وضعه علي يسار الحزب، وإن كنت أميل أو أعتقد أنه بمواقفه السياسية الليبرالية هو تعبير حقيقي عن المنطقة الوسطي من الحياة السياسية التي يفترض أن يمثلها الحزب الوطني باعتباره حزبا ليبراليا وسطيا.. لكن الحزب لم يحسم خياره هذا بعد، أو يتنقل جيئة وذهابا بين يمين الوسط ويسار الوسط وهو أمر في علم السياسة لا يحسب له بل عليه. الأكيد أن بدراوي حين انتزع تصفيقا كبيرًا وحارًا في مكتبة الإسكندرية حين تحدث عن التعليم كمدخل للإصلاح، وعن التنمية كمدخل للديمقراطية وحقوق الإنسان، كان يعبر عن رأيه فقط فهذا الكلام مكتوب في أوراق وبرامج الحزب الوطني وسائر الأحزاب والحكومات العربية.. لكن الكثير منه لا يدخل حيز التنفيذ، لا في مصر ولا في غيرها من البلدان العربية الساعية إلي الإصلاح. بدراوي واقعي جدًا وعملي جدًا، وإن بدا عليه بعض التشاؤم، فالكثير من رؤي الإصلاح لا تغادر قاعات المؤتمرات وهذا صحيح، لكننا في حاجة ماسة لربط ما يحدث من عصف فكري بالقرار السياسي، فمثلاً مؤتمر الإصلاح العربي الذي يعقد سنويًا بمكتبة الإسكندرية لماذا لا يتحول إلي مؤتمر موسع تشارك فيه الحكومات والنخبة ورجال الأعمال والمجتمع المدني، ليصبح شبيها بمنتدي دافوس يشارك فيه الجميع يتحاورون ويتصارحون ويخرجون بخطط عملية للتنفيذ، وهنا تبدأ الواقعية وتتراجع نبرة التشاؤم التي بدت في كلام حسام بدراوي وغيره.